سطو الأجانب يهدد الثروة السمكية بموريتانيا

19 مايو 2017
تمثل الأسماك 58% من صادرات موريتانيا (Getty)
+ الخط -
قال مهنيون إن الثروة السمكية في موريتانيا تتعرض لخطر حقيقي جراء الأساطيل الأجنبية، التي تصطاد في المياه الإقليمية دون مراقبة من السلطات أو احترام للشروط المتعارف عليها دوليا.
وأكدت عدة تقارير ودراسات علمية، صدرت مؤخرا، أن مخزون بعض دول غرب أفريقيا، من بينها موريتانيا، من الأسماك والأحياء البحرية، يواجه خطر الانقراض جراء استنزاف بواخر الصيد الصناعي وخاصة الصينية.
وكان آخر تحذير بخصوص وضعية الثروة السمكية في موريتانيا وضعف مراقبة ممارسي الصيد الجائر، هو الذي أطلقته منظمة "غرين بيس" المدافعة عن الوسط البيئي عبر العالم، قبل نحو أسبوع، ودعت فيه حكومات دول غرب أفريقيا إلى الإسراع بمراجعة أو إلغاء اتفاقيات الصيد المبرمة بينها وبين الحكومة الصينية، قبل وقوع كارثة بيئية جراء الصيد المفرط الذي تمارسه السفن الصينية العملاقة في المنطقة.
وقالت المنظمة في تقرير جديد إن المياه الإقليمية الصينية خالية تماما من الأسماك، نظرا لطرق الصيد الصناعي التي تنتهجها السلطات الصينية هناك منذ أمد غير قصير. وأوضحت أن المياه الإقليمية في المحيط الأطلسي، التي تتبع لكل من موريتانيا والسنغال وغينيا بيساو، مهددة اليوم بمصير مماثل إذا لم تسارع الحكومات إلى اتخاذ قرارات عاجلة.
وكشفت المنظمة عن أن هناك أنشطة أخرى للصيد غير الشرعي توازي النشاط الشرعي الذي يمارسه الأسطول الصيني، حيث يقوم مهربون بأنشطة صيد في المياه الإقليمية للبلدان المذكورة مستغلين ضعف المراقبة.

أضرار بيئية
وتجوب شواطئ موريتانيا أساطيل بحرية من الاتحاد الأوروبي والصين، تستخدم سفنا عملاقة مجهزة تجوب المياه الإقليمية الغنية بالأسماك، مستغلة الاتفاقيات التي لم تراع خصوصية منطقة الساحل الأفريقي، ولا ضعف مستوى الرقابة البحرية في موريتانيا وعدم تجهيز السفن المخصصة للمراقبة بما يكفي لأداء عملها وتغطية منطقة كبيرة تعمل بها عدة سفن عملاقة.

وكانت عدة دراسات علمية قد أكدت أهمية المياه الإقليمية الموريتانية، وما تحتويها من ثروة سمكية هائلة بسبب التقاء التيارات البادرة والدافئة في المنطقة المقابلة للساحل الموريتاني، غير أن هذه الثروة تعرضت للاستنزاف.
ويقول الباحث المهتم بقطاع الصيد، سيدي ولد المحفوظ، إن ما يهم الحكومة هو الأموال التي ستدخل الخزينة نظير التوقيع على اتفاقيات تدخل بموجبها أساطيل عملاقة لا تملك الدولة إمكانية مراقبة أنشطتها، وتكتفي بقبول محضر يعده طاقم السفينة وكأنها تقول لهم "فيكم الخصم والحكم".
ويشير الخبير إلى أن سفن المراقبة قليلة ولا تقوم بدورها بسبب ضعف تجهيزاتها، وعدم منحها صلاحيات واسعة، بل إن أغلب عملها يتلخص في مراقبة جيران موريتانيا واعتقال المغاربة والسنغاليين الذين يتجاوزون حدودهم البحرية.
ويؤكد أنه بعد مرور ست سنوات على بدء عمل شركة "هوندونغ" الصينية العملاقة، تأثرت الثروة السمكية بشكل كبير في موريتانيا، حيث أصبحت بعض العينات من الأسماك نادرة جدا خاصة في مناطق الشمال والوسط.
ويعتبر أن الاتفاق الذي وقع مع الشركة لمدة 25 عاما، جريمة اقتصادية تهدد ثروات موريتانيا في وقت يعاني فيه أبناؤها من الفقر والبطالة.

صيادون في خطر
ولعل أكثر المتضررين من عملية النهب المنظم للثروة السمكية هم الصياديون المحليون، الذين يعانون من أجل اصطياد الكميات المعتادة من الأسماك، حيث يواجهون منافسة غير شريفة من قبل الشركة الصينية، خاصة على شاطئ الصيادين بمدينة نواذيبو.
ويقول الصياد محمد سالك ولد التاه: "نحن، الموريتانيين، لا نستفيد من هذه الثروات البحرية. أصبحنا أجانب على أرضنا والأسطول الصيني ينعم بكل التسهيلات ويتجاوز القانون ويستنزف الثروة السمكية".
وأضاف لـ "العربي الجديد": "الشواطئ الموريتانية لم تعد غنية بالأسماك كما كانت، والسبب في ذلك راجع الى الصيد الجائر واستخدام سفن صيد عملاقة كل واحدة منها تستطيع أن تصطاد كميات كبيرة من الأسماك في أسبوع واحد يوازي ما يمكن أن تصطاده جميع السفن الموريتانية في عام كامل".
وتعد الشواطئ الموريتانية، التي يبلغ طولها 780 كيلومتراً على المحيط الأطلسي من أغنى الشواطئ بالثروة السمكية في غرب أفريقيا.
ويقدر المخزون المتاح من كافة العينات بنحو 1.8 مليون طن سنويا. ويعتمد اقتصاد موريتانيا بشكل كبير على تصدير السمك، حيث تمثل الأسماك 58% من صادرات الدولة، كما أن عائدات بيعها تمثل 10% من الناتج المحلي القومي و29% من الميزانية ونحو نصف مصادر العملة الصعبة.


المساهمون