سد "البعث" في سورية... الأخ الأصغر المغمور بشهرة سد الفرات

26 مايو 2017
أضرار في سد الفرات في مارس الماضي(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

مع إعلان مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) سيطرتها على عدد من القرى غرب مدينة الرقة، تكون قد أصبحت بذلك على مشارف سد "البعث"، ثالث أكبر السدود السورية في ريف الرقة الغربي. وسيطرت "قسد" أخيراً على قريتي حمرة ناصر وحمرة بلسم، بعد اشتباكات مع مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وذلك بتغطية من طيران التحالف الدولي. وتتحرك هذه المليشيات باتجاه مدينة الرقة، معقل تنظيم "داعش" في سورية، من ثلاثة محاور، ملتزمة بخطة التحالف الدولي لعزل المدينة وقطع جميع طرق إمدادها.

وكغيره من المنشآت الهامة في سورية، فقد حمل سد "البعث" اسماً يُعبّر عن المرحلة التي تأسس خلالها، تحت حكم النظام السوري. لكن ومع تقدّم مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" بات يتم تداول اسمه إعلامياً على أنه سد "الحرية"، أو "آزادي" بالكردية. وبغض النظر عن أهمية التسمية من عدمها، فإنها تعكس في المحصلة خلاصة تحولات، على مستوى السيطرة والإدارة، تعيشها المنطقة التي تجري فيها معارك عملية "غضب الفرات"، التي سبق وأطلقتها "قسد" بدعم من التحالف الدولي، وذلك بهدف الوصول إلى مدينة الرقة.

ومع أنه غير معروف على نطاق واسع، بالنسبة إلى السوريين، نظراً لشهرة "الأخ الأكبر" (سد الفرات) التي تطغى على ما سواها من منشآت أقيمت على النهر، إلا أن سد "البعث"، الواقع بين مدينتي الثورة والرقة، يُعتبر من السدود الهامة في سورية، إذ إنه يحجز كمية تصل إلى نحو 90 مليون متر مكعب من مياه نهر الفرات. ويعود تاريخ تأسيس سد "البعث" إلى العام 1977، حين تم آنذاك إبرام عقد بين الحكومة السورية والاتحاد السوفييتي، لإنشاء سد جديد على نهر الفرات أطلق عليه حينها "سد البعث التنظيمي". وكان الهدف منه الاستفادة من مياه النهر في مجال الزراعة والطاقة. وكحال العديد من المشاريع التي قامت في سورية في عهد حزب "البعث"، فقد كان هذا السد ثمرة تعاون مع الجانب الروسي (السوفييتي) الذي قام بتركيب تجهيزات ومعدات المحطة الكهرومائية للسد في العام 1981، بالتوازي مع أعمال الحفريات الترابية التي أنجزها الجانب السوري. وفي ديسمبر/كانون الأول 1988 تم الانتهاء من كافة الأعمال في سد "البعث" وتشغيل محطته الكهرومائية بالكامل.

خصائص ووظائف

يبلغ طول السد مع المحطة 3069 متراً، وعرضه من القاعدة 60 متراً، والارتفاع 10 أمتار‏. وسد "البعث" أصغر من سد الفرات، ويختلف عنه في أن المفيض في سد الفرات مندمج مع المحطة الكهربائية، أي يأتي فوقها، أما سد "البعث" فالمفيض إلى جانب المحطة الكهرومائية. ومنذ بنائه كان الهدف من سد "البعث" دعم سد الفرات، عبر تمكين محطته الكهرومائية من العمل في نظام الذروة، وتحسين عملها بما يحقق زيادة في استطاعتها. وبالإضافة إلى ذلك، أقيم سد "البعث" بغرض الاستفادة من المياه المخزنة في البحيرة التي قامت خلفه، لتوليد الطاقة الكهربائية، فضلاً عن استثماره لتحسين الحالة الزراعية للأراضي الواقعة على جانبي النهر.


ويؤكد الخبير في مجال السدود، المهندس منير سويد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن أهمية سد "البعث" لا تقل عن سد الفرات، إذ يستثمِر سد "البعث" المياه الآتية من سد الفرات ويقوم بتوليد 375 مليون كيلوواط ساعة سنوياً، بالإضافة لتنظيم جريان مياه النهر. ويرى سويد أن سعي مليشيات "قسد" للسيطرة على سد "البعث" يأتي من محاولتها استخدامه كورقة ضغط على الأطراف الأخرى عبر التحكم بعائداته وتشغيله.

مخاوف

بعيداً عن المقارنة بين إمكانات سد "البعث" وسد الفرات، وباقتراب العمليات العسكرية من سد "البعث"، تتجدد المخاوف التي أثيرت سابقاً حول الأضرار المحتملة نتيجة القصف والمعارك. وكانت مجموعة من المهندسين السابقين في منشأة سد الفرات أعلنت، أخيراً، أنّ السد أصبح تحت السيطرة، بعد مخاوف من تسرب المياه، وغمر مناطق واسعة في سورية والعراق. لكن وصول المعارك إلى سد "البعث" كفيل بإثارة مخاوف مشابهة، خصوصاً في حال حصول دمار في جسم السد، وعدم قدرة الفنيين على الوصول إليه وإجراء عمليات الصيانة الروتينية منها، أو الطارئة. ويشدد سويد على أن المخاطر المحتملة على سد "البعث" هي إصابة جسم السد وانهياره، ما يؤدي إلى غرق مئات القرى والتسبب بكارثة إنسانية.