زادت حدة المواجهات في العراق وسورية، فارتفعت حرارة القتال في أروقة السياسة البريطانية. وتبحث الأوساط البريطانية التي تخشى من وصول إجرام تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الى شوارع لندن، في كل الإجراءات الأمنية التي يمكن أن تجنب بريطانيا خطر الإرهاب، خصوصاً من حاملي الجنسية البريطانية.
كتبت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي، الأسبوع الماضي في صحيفة "تلغراف" البريطانية أن "عملية القتل الجبانة للصحافي الأميركي جيمس فولي هي دليل آخر على التهديد القاتل الذي نواجهه في بلدنا وفي الخارج. ويشكّل انهيار سورية، وبروز إرهابيي (داعش) والأراضي التي استولوا عليها في العراق، خطراً كبيراً ليس في منطقة الشرق الأوسط وحسب، بل أيضاً في بريطانيا وفي أنحاء الغرب عموماً. علينا أن نتخذ كل الإجراءات المتاحة لمنع سفر مواطنينا للقتال في سورية والعراق".
بحسب القوانين البريطانية، فإن ماي لها الحق في سحب جنسيات الأشخاص الذين يحملون جنسية مزدوجة إذا اعتقدت بأن وجودهم في البلاد "لا يخدم المصلحة العامة" أو أنهم حصلوا على الجنسية عن طريق الاحتيال. وبينما تقول الوزيرة إنه من غير القانوني لأي دولة أن تجعل مواطنيها عديمي الجنسية، فإن أي بريطاني يعود من سورية والعراق يواجه الملاحقة القضائية لمشاركته في نشاط إرهابي في الخارج. وبالفعل فقد اعتقلت السلطات البريطانية خلال العام الجاري 69 شخصاً بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب في سورية؛ وتمت حتى الآن إدانة 12 منهم ومحاكمة أربعة.
من جهته يرى عضو حزب "المحافظين" البريطاني ديفيد ديفيس، أن الإجراءات "المشددة التي أقرتها الحكومة البريطانية ليست كافية في مواجهة خطر الإرهابيين البريطانيين المنتمين لمنظمات مثل "داعش" و"جبهة النصرة" وغيرها من التنظيمات الإسلامية المتطرفة".
ويدعو ديفيس الحكومة البريطانية إلى سحب الجنسية من كل الأشخاص المتورطين في أعمال إرهابية قبل عودتهم الى البلاد، حتى لو كانوا بريطانيين أصلاً.
وفي رد على الاعتبارات التي تسوقها وزيرة الداخلية البريطانية، يقول ديفيس إنه "لا يجب أن نهتم كثيراً للقوانين الدولية لأن الخطر الذي يشكله هؤلاء أهم. ثم إن هؤلاء الأشخاص أقسموا اليمين لـ(دولة الخلافة الإسلامية) وبالتالي على هذه الدولة منحهم جنسية وجوازات سفر".
وفي مقابل الدعوات المتطرفة التي تصدر عن أشخاص مثل ديفيس أو عمدة لندن بوريس جونسون، أو مفوض شرطة لندن السير برنارد هوغان هوي، تعارض شخصيات بريطانية مثل الرئيس السابق لـ"وحدة مكافحة الإرهاب" في جهاز الاستخبارات الخارجية "ام أي 6" ريتشارد بريت، والمدعي العام السابق، دومينيك غريفي هذه الدعوات التي تتعارض، حسب قولهم، مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها بريطانيا ومنها اتفاقية عامي 1945 و1961.
ويدافع محامو وزارة الداخلية البريطانية عن إجراءات الحكومة ويقولون إن الإجراءات التي تتخذها وزيرة الداخلية تتوافق وما هو مسموح به في القوانين الوطنية، أما مسألة سحب الجنسية من مواطنين بالولادة، لا يحملون جنسية أخرى، فإن ذلك يتعارض مع القانون الدولي.
وبين المواقف الداعية الى تشديد الإجراءات الحكومية لتشمل جميع الأشخاص الذين يشكلون خطراً على بريطانيا سواء كانوا "مجنسين" أو "مزدوجي الجنسية" أو "بريطانيي الجنسية بالولادة"، وبين أولئك الداعين الى التمهل وعدم التسرع في فرض إجراءات تتعارض مع التزامات بريطانيا الدولية.
ويظهر رأي آخر يدعو الى تجريد "البريطانيين الإرهابيين" من جوازات سفرهم البريطانية لا من الجنسية البريطانية، وخصوصاً إذا لم تكن للشخص منهم جنسية أخرى لأن الهدف هو منع هؤلاء من السفر الى مناطق الخطر ومنعهم من العودة إلى بريطانيا بعد المشاركة بالقتال في العراق وسورية.
ويرى أصحاب هذا الرأي أن سحب جواز السفر يكفي لحماية البلاد من خطر هؤلاء الإرهابيين، كما أنه لا يتعارض مع القوانين الدولية.