سباق نحو الدمار

24 فبراير 2018
+ الخط -
لا تبدو الصورة مشجعة في الشمال السوري، خصوصا بعد التحالف الذي أعلنه الأكراد مع نظام الأسد الذي كان حتى الأمس القريب يعتبر عدوا في الميدان والسياسة، وهو تحوّل له ما له وعليه ما عليه، فمند عملية درع الفرات التي قامت بها القوات العسكرية التركية، مدعومة بالمعارضة المسلحة ضد ما يسمّى تنظيم الدولة الإسلامية، والتي تكلّلت بالنجاح إلى حد بعيد، وتركيا تعمل جاهدة على أن يكون لها موطئ قدم على الساحة السورية عسكريا وسياسيا. هذه المرة ليس بالدعم الخفي للمعارضة، وإنما بالعمل على الأرض، وهو تحوّل استراتيجي في الساحة السورية، أملته السياسة والجغرافية، وخصوصا بعد اندحار تنظيم الدولة الإسلامية وتخليه عن معقله الأساسي في سورية (الرقة)، والتي كانت تعتبر العاصمة السياسية للدولة المزعومة التي كان قد أعلن عنها التنظيم في 2014، وهي بحق كانت تشبه دولة الرعب والخيال العلمي بشكل صحيح. وذلك ببث الرعب وتقطيع الرؤوس والحرق الذي تمثل في أبشع صوره في حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا.
الأصل في الحرب التي لا تزال رحاها تطحن الشعبين، السوري والعراقي، هو الرعب والرعب المضاد الذي أودى بعشرات الآلاف من الضحايا، وتهديم مدن بأكملها وتغييرها ديموغرافيا وعرقيا، حتى أصبح العرب السنة في العراق مصدر شبهة الإرهاب، وهو ما يعني تغيبهم عن المشهد السياسي العراقي برمته، وتقديمهم قربانا لحرب مقدسة، الكل يقتل فيها باسم الله والله بريء من الجميع.
الأصل في العلوم السياسية هو شيطنة الخصم وتقديمه للرأي العام العالمي أنه مصدر تهديد للسلم العام، وأنه همجي بشكل فظيع، حتى يتم القضاء عليه بشكل قطعي، وهو أمر استثمرته كل الدول العربية في تصفية خصومها، بدعوى أنهم إرهابيون من دون أن يكون لمفهوم الإرهاب أي تعريف قانوني صريح، بل الغريب أن يكون التيار الإسلامي السني مصدر الإرهاب والتيار الإسلامي الشيعي مصدر المقاومة، وأي مقاومة؟
لو نظرنا إلى الواقع السياسي العربي، لوجدناه يتسم بالعبثية والتهريج أكثر من أي شيء آخر، وهو نظام سياسي هجين لا ينتمي لأي نظام دستوري متعارف بشأنه قانونيا وعلميا، فلا هو نظام برلماني، ولا هو رئاسي ولا هو نظام مختلط ولا هو نظام جمعية ولا هو شيء، بل الأنكى من ذلك أنه يدّعي العلمانية، ويستعمل الدين ويحارب المنتمين إليه، ويشجع التحرّر بمفهومه الجنسي، لا المفهوم الفكري.
قتل عبد الفتاح السيسي وسلب وهجر وجرف، وخليفة حفتر يسلب ويقتل وينهب، وفي اليمن مسرحية هزلية ضحاياها بالآلاف بالتوزاي مع الدمار والتجريف، تحت مسمى التحالف العربي، وفي الخليج حصار الأشقاء للشقيق، وفي المغرب العربي كيان مشلول تحت مسمّى اتحاد المغرب العربي. وفي خضم هذا الهرج والمرج، لا بد أن تأخد تركيا شمال سورية تحت ما يسمّى عملية غصن الزيتون.
في الختام، لا يسعني إلا أن أقول أنّ واقعنا أسود، إن بقينا متفرقين نسب بعضنا بعضا، ونخرج أفكارا سلبية، تهدمنا وتجعلنا بلا إرادة ورغبة في التقدم، ولن يكون هذا الاتحاد إلا بدعم العلم والتعلم.
77025374-EF2D-463D-B87A-0DD7DD77079D
77025374-EF2D-463D-B87A-0DD7DD77079D
رشيد المجدوبي (المغرب)
رشيد المجدوبي (المغرب)