سباق على تقاسم تركة "داعش" في ريف حلب

01 نوفمبر 2016
تسعى القوى المختلفة للوصول إلى مدينة الباب أولاً(حسين ناصر/الأناضول)
+ الخط -
تتعدد الجبهات المشتعلة في حلب وأريافها بما فيها ريف حلب الشمالي الشرقي، حيث يتواجد تنظيم داعش، وتحاول ثلاث قوى رئيسية هي فصائل المعارضة السورية المنضوية في عملية درع الفرات، وقوات سورية الديمقراطية، والنظام، السيطرة عليه.
وبالتزامن مع اشتعال الجبهات على أطراف حلب الجنوبية الغربية، بين فصائل المعارضة من جهة وقوات النظام والمليشيات المساندة له من جهة أخرى، تدور مواجهات أخرى بريف حلب الشمالي الشرقي الواقع على بعد نحو عشرين كيلومتراً فصاعداً من مركز المحافظة باتجاه الشرق.
واحتدم سباق الاستحواذ على المناطق الخاضعة لسيطرة "داعش" هناك ليبلغ أوجه ضمن معركة السيطرة على أهم معاقل التنظيم شرقي حلب، وهي مدينة الباب، التي تسعى قوى عدة مختلفة ومتحاربة في ما بينها للوصول إليها.

وفي السياق نفسه، سيطرت الفصائل المنضوية في قوات درع الفرات المدعومة تركياً، على قرى كانت خاضعة لتنظيم "داعش"، مقابل تقدم قوات النظام باتجاه مناطق أخرى هناك كان يستحوذ عليها التنظيم. كما انسحب التنظيم من مناطق قريبة لتدخل إليها قوات سورية الديمقراطية المعروفة اختصاراً بـ"قسد".


وأعلنت غرفة عمليات "حوار كلس"، المشاركة في عملية درع الفرات، يوم السبت، عن سيطرة مقاتليها على قريتين خاضعتين لـ"داعش"، وهما قعر كلبين جنوب غرب مدينة الباب وقرية سلوى جنوب بلدة الغندور ومجرى نهر الساجور. وتبعد الأخيرة نحو ثلاثة وعشرين كيلومتراً عن شمال غرب منبج الواقعة تحت سيطرة "قسد"، وثلاثين كيلومتراً شمال شرق مدينة الباب الخاضعة لـ"داعش".
في مقابل ذلك، يبدو أن تنظيم داعش يعيد ترتيب أوراقه العسكرية في ريف حلب الشمالي الشرقي، الذي تضاءلت مساحات سيطرته فيه كثيراً خلال الأسابيع القليلة الماضية. وانسحب مسلحو التنظيم يوم السبت نحو مدينة الباب، من مواقع كانت خاضعة لهم، وهو ما استثمرته قوات النظام من جهة، وقوات سورية الديمقراطية من جهة أخرى، فدخلت إلى المناطق التي أخلاها التنظيم.
وبسطت قوات النظام نفوذها على مدرسة المشاة، التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري الحر قبل أن ينتزعها مسلحو "داعش" منذ سنة تقريباً. كما تقدمت قوات النظام، بحسب الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، التابعة للنظام، إلى مناطق تل شعير، وتل سوسين، ومعمل إسمنت المسلمية، وسافين، وكفر قارص، والتي تقع غرب الباب بنحو ثلاثين كيلومتراً.
كما أن قوات "قسد" التي يُشكل مقاتلون وقياديون أكراد عمودها الفقري، استغلت انسحاب التنظيم، وبسطت سيطرتها على قرى أخرى بريف حلب الشمالي الشرقي في مناطق مجاورة لمناطق سيطرة النظام، أبرزها الوحشية. في موازاة ذلك، تنازعت وسائل إعلام مقربة من النظام وأخرى من "قسد" أنباء السيطرة على قرى أخرى صغيرة قرب الوحشية، وكلها مناطق تقع إلى الغرب من مدينة الباب بنحو ثلاثين كيلومتراً.
ويأتي كل ذلك مع تصاعد حدة السباق بين القوى الثلاث (النظام، قوات سورية الديمقراطية، درع الفرات) للوصول إلى مدينة الباب (شرق وسط حلب بنحو 40 كيلومتراً). وفي حال خسر التنظيم مدينة الباب فإنه يفقد بذلك أهم معاقله في حلب. كما أن المحافظة ستغدو عقب ذلك خالية من تواجده، على الرغم من أنه يُخضع مناطق أخرى إلى الشرق من الباب باتجاه الرقة (جنوب شرق) لسيطرته.

وفيما يُرجح أن التنظيم، ووفق انسحاب مسلحيه من بعض القرى والبلدات، يعيد انتشاره ليركز دفاعه على المدن المهمة كالباب بدل تشتت قوته في قرى مترامية، فإن مستقبل المعركة في الباب لا يزال غير واضح المعالم. وتحكمه التفاهمات السياسية بين أطرافٍ وقوى إقليمية ودولية، تتباين مصالحها وتطلعاتها شمال وشرقي حلب خصوصاً، وشمالي سورية عموماً.
وتبسط أربع قوى على الأرض الآن نفوذها على مساحات قريبة من بعضها بريف حلب الشمالي الشرقي، هي: فصائل الجيش السوري الحر المنضوية في عملية درع الفرات، وقوات سورية الديمقراطية، وقوات النظام، فضلاً عن تنظيم داعش، مع العلم بأن الفصائل المنضوية في عملية درع الفرات المدعومة تركياً، قد أحرزت في الشهرين الماضيين تقدماً كبيراً، تمثل بسيطرتها على مناطق تبلغ نحو تسعين كيلومتراً على الشريط الحدودي مع تركيا انطلاقاً من مدينة جرابلس وصولاً إلى مدينة أعزاز، وبعمقٍ متوسطه ما بين 15-20 كيلومتراً. وتسعى فصائل المعارضة للسيطرة على مدينتي الباب ومنبج.
كما تسيطر القوات المعروفة اختصاراً بـ"قسد"، وهي مدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على مساحات أخرى، تمتد من عفرين شمال غرب حلب، إلى قرى واقعة شرقي بلدة تل رفعت. وهذه المناطق التي تسيطر عليها قوات "قسد" تشكل ما يمكن تسميته منطقة عازلة بين مناطق سيطرة درع الفرات شمال الريف الشمالي لحلب، والأماكن الخاضعة لسيطرة النظام جنوب الريف الشمالي للمحافظة وأشهرها بلدتا نبل والزهراء.
يذكر أن وكالة "الأناضول" التركية، نقلت عن مصدر أمني تركي أخيراً إشارته إلى وجود تفاهم بين تنظيم داعش وقوات سورية الديمقراطية، يتضمن تخلي التنظيم عن قرى كفر قارص وتل سوسين ومعرة مسلمية، وبلدة فافين، ومدرسة المشاة لتمكين المليشيات من الاقتراب من مدينة الباب وربط مدينة عفرين (شمال غرب حلب) بمناطق سيطرتها شرق وغرب نهر الفرات.