وُلد عامل المناجم الياباني ساكوبي ياماموتو في منطقة شيكوهو عام 1892، وبدأ يساعد شقيقه الأكبر في دفع عربات الفحم في السابعة من عمره، ثم أنهى دراسته الابتدائية والتحق بالعمل في منجم ساناي في إقليم فوكوكا، ليتنقل بعدها بين ثمانية عشر منجماً خلال خمسين عاماً.
في عام 1957، وأثناء عمله حارساً ليلياً، قرّر العودة إلى الرسم بالحبر الذي كان قد مارسه صغيرا وانقطع عنه لعقوط طويلة، حيث نفّذ العديد من الرسومات التي توثّق حياة عمال المناجم اليابانيين وطبيعة عملهم خلال حكم إمبراطورية ميجي (1868-1912).
"ياما: فن التعدين لساكوبي ياماموتو" عنوان المعرض الذي يستضيفه "متحف بيغ بيت الوطني للفحم" في لندن منذ نهاية العام الماضي، ويتواصل حتى الثلاثين من أيلول/ سبتمبر المقبل، الذي يضمّ أعمالاً من مجموعة مختارة للرسام الياباني والتي تجاوزت الآلاف.
تمثّل الرسومات محتوى المذكّرات التي واظب ياماموتو على تدوينها منذ منتصف الخمسينيات حتى رحيله عام 1984، والتي نشرها في عدّة ألبومات منها نشر أعمال ياماموتو منها "الحياة في مناجم الفحم: مختارات" (1967) و"مختارات من ساكوبي ياماموتو: مجموعات من منجم شيكوهو" (1973).
تتناول الرسومات مواضيع عديدة مثل ظروف العمل الخطرة في أماكن مظلمة، ما جعل صاحبها يكون حذراً في استخدام اللون الذي قد يشوّه البيئة التي عاش فيها عمّال المناجم المحاطين بالعتمة إلا من مصابيحهم المعلّقة في المكان.
لم تحظ هذه الأعمال باهتمامٍ حتى الستينيات، بل إن ياماموتو نشرها بتمويل خاصّ منه ووزّعها على المكتبات العامة، وكانت خلاصة ملاحظاته ويومياته التي سجّل فيها الأحداث والمشاهدات التي عايشها على دفاتره، وتفاصيل الحياة والأساطير والسلوكيات المرتبطة بالعمّال في مناجم الفحم الذين يطلق عليهم "ياما" باللغة اليابانية، ومنها استعار المعرض عنوانه.
كما تتطرّق الرسوم إلى المعتقدات الشعبية خلال الفترة الممتّدة منذ ستينيات القرن التاسع عشر وحتى بداية القرن العشرين، وتصوّر التجار والفنانين الذين زاروا المناجم، والحيوانات التي كانوا يربّونها العمّال، وتسّجل والأغاني الشعبية التي كانوا يردّدونها، وأعمال الشغب التي وقعت عام 1918 بسبب الارتفاع المفاجئ في أسعار الأرز، والاقتتال الذي ينسب أحياناً بين العاملين، وغيرها من حوادث مهمّة وقعت في تلك المرحلّة وثبّت ياماموتو شروحات حولها على جانب الرسومات.