بدأت منذ أسبوعين عملاً جديداً، بدوام كامل. الفرق أن الدوام يتضمن ساعات عمل مرنة، ويمكن إنجازه بالكامل، من المنزل. في البدء، كنت متشككة في مسألة العمل من المنزل، وانعكاسها على التقدم الوظيفي للنساء وتأمين سلسلة ضمانات التقاعد والتقدم الوظيفي وغيرها. كانت هذه الفكرة قد تشكلت بسبب ما أوردته الدراسات من نسب الانسحاب التدريجي للنساء من سوق العمل النظامي بعد انبثاق الدور الرعائي، والانخراط في أعمال تعاقدية غالباً ما تضع النساء في خانة الاقتصاد غير الرسمي الذي لا يعود على النساء بأي ضمانات مستقبلية.
بعد أسبوعين من تجربة العمل بدوام كامل من المنزل، وما بدأت الدراسات بتداوله حول الميل التدريجي للشركات والمنظمات لتطبيق سياسات مرنة حول ساعات العمل للنساء والرجال، أعتقد أنه يمكن فتح نقاش نسوي حول مسألة تمكين النساء اقتصادياً بمعطيات جديدة ومن منظار مختلف.
منذ سنوات، والمنظمات الحقوقية والنسوية تتداول مسألة عدم التكافؤ في سوق العمل بين النساء والرجال، سواء في التوصيف الوظيفي أو السقف الزجاجي (الجزء غير المرئي الذي يحد من التطور الوظيفي للنساء) أو في الأجور وغيرها من القضايا. ولعل الجدلية الأساسية تكمن في أن أي تمكين للنساء سواء في السياسة أو المجتمع لن يتم، أو يمكن أن يتم بشكل منقوص، ما لم تكن النساء متمكنات اقتصادياً. شعور النساء بالكفاية الاقتصادية، وبالأمان الاقتصادي والوظيفي حالياً وفي المستقبل بعد التقاعد، يعد من أبرز العوامل التي تساهم في تمكين النساء على كافة المستويات الأخرى.
وربطاً بهذه الجدلية، ثمة جدلية أخرى، تتمثل في أن تمكين النساء الاقتصادي مرتبط بشكل أساسي بتكافؤ الأدوار بين النساء والرجال وكيفية تقسيم المهام الوظيفية بين الحيزين العام والخاص، أي بين سوق العمل والعمل الرعائي. فكلما كان تقاسم الأدوار بين النساء والرجال في المنزل يميل للتكافؤ، تكون النساء قادرات على تخصيص الوقت والطاقة والموارد للمهنة، ما يساهم بتطورها الوظيفي. والعكس صحيح. فكلما كانت الأعباء المنزلية على النساء مضاعفة، ساهم ذلك بانحسارهن تدريجياً من سوق العمل، ما يساوم أو حتى يقضي على أي فرص لتمكينهن.
هذه النظرية لا تزال صائبة في المبدأ. لكن، سوق العمل التقليدي، كما نعرفه، بدوامه الطويل والثابت وغير المرن، كان قد بدأ مع الثورة الصناعية، حيث كان العمال في الغالب من الرجال، وتالياً، من المتوقّع أن يعملوا لثماني ساعات أو أكثر خارج المنزل، دون أن يتم لحظ الالتزامات التي يتطلبها الدور الرعائي.
اقــرأ أيضاً
وأخيراً مع التطور التكنولوجي، وما جلبه من كم هائل من التطبيقات الخاصة بتنظيم العمل عن بعد، والسياق الذي يبدو أن سوق العمل بوجهه الحداثي بدأ يتجه تدريجياً نحوه، باتت تمكن إعادة فتح النقاش من منظور جديد لمفهوم عمل النساء وتمكينهن. حين يتوفّر للنساء والرجال خيار العمل بساعات عمل مرنة ومن المنزل، يمكن حينها تأمين سياق هيكلي لتقاسم الأدوار، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تطوير النساء مهنياً واقتصادياً ومن ثم سياسياً واجتماعياً.
(ناشطة نسوية)
بعد أسبوعين من تجربة العمل بدوام كامل من المنزل، وما بدأت الدراسات بتداوله حول الميل التدريجي للشركات والمنظمات لتطبيق سياسات مرنة حول ساعات العمل للنساء والرجال، أعتقد أنه يمكن فتح نقاش نسوي حول مسألة تمكين النساء اقتصادياً بمعطيات جديدة ومن منظار مختلف.
منذ سنوات، والمنظمات الحقوقية والنسوية تتداول مسألة عدم التكافؤ في سوق العمل بين النساء والرجال، سواء في التوصيف الوظيفي أو السقف الزجاجي (الجزء غير المرئي الذي يحد من التطور الوظيفي للنساء) أو في الأجور وغيرها من القضايا. ولعل الجدلية الأساسية تكمن في أن أي تمكين للنساء سواء في السياسة أو المجتمع لن يتم، أو يمكن أن يتم بشكل منقوص، ما لم تكن النساء متمكنات اقتصادياً. شعور النساء بالكفاية الاقتصادية، وبالأمان الاقتصادي والوظيفي حالياً وفي المستقبل بعد التقاعد، يعد من أبرز العوامل التي تساهم في تمكين النساء على كافة المستويات الأخرى.
وربطاً بهذه الجدلية، ثمة جدلية أخرى، تتمثل في أن تمكين النساء الاقتصادي مرتبط بشكل أساسي بتكافؤ الأدوار بين النساء والرجال وكيفية تقسيم المهام الوظيفية بين الحيزين العام والخاص، أي بين سوق العمل والعمل الرعائي. فكلما كان تقاسم الأدوار بين النساء والرجال في المنزل يميل للتكافؤ، تكون النساء قادرات على تخصيص الوقت والطاقة والموارد للمهنة، ما يساهم بتطورها الوظيفي. والعكس صحيح. فكلما كانت الأعباء المنزلية على النساء مضاعفة، ساهم ذلك بانحسارهن تدريجياً من سوق العمل، ما يساوم أو حتى يقضي على أي فرص لتمكينهن.
هذه النظرية لا تزال صائبة في المبدأ. لكن، سوق العمل التقليدي، كما نعرفه، بدوامه الطويل والثابت وغير المرن، كان قد بدأ مع الثورة الصناعية، حيث كان العمال في الغالب من الرجال، وتالياً، من المتوقّع أن يعملوا لثماني ساعات أو أكثر خارج المنزل، دون أن يتم لحظ الالتزامات التي يتطلبها الدور الرعائي.
وأخيراً مع التطور التكنولوجي، وما جلبه من كم هائل من التطبيقات الخاصة بتنظيم العمل عن بعد، والسياق الذي يبدو أن سوق العمل بوجهه الحداثي بدأ يتجه تدريجياً نحوه، باتت تمكن إعادة فتح النقاش من منظور جديد لمفهوم عمل النساء وتمكينهن. حين يتوفّر للنساء والرجال خيار العمل بساعات عمل مرنة ومن المنزل، يمكن حينها تأمين سياق هيكلي لتقاسم الأدوار، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تطوير النساء مهنياً واقتصادياً ومن ثم سياسياً واجتماعياً.
(ناشطة نسوية)