زيت الزيتون... طقوس جزائرية عتيقة

09 مارس 2018
لا تخلو منه البيوت الجزائرية (العربي الجديد)
+ الخط -
لا ينقطع زيت الزيتون من البيوت الجزائرية منذ عقود، فقد كانت العجائز قديماً يستعملنه في في مختلف صنوف الطهو وتحضير الأكلات الشعبية، علاوة على استخدامه في العلاج التقليدي، وأيضاً لتدليك الأطفال الرضع، ومازال الحال حتى الآن، رغم غلاء ثمنه، وعدم توارث الشباب مهنة استخراج زيت الزيتون من الآباء.

وتقام احتفاليات سنوية في الكثير من المناطق الجزائرية لزيت الزيتون، ليس كمنتج غذائي فقط، لكن أيضاً كجزء من الموروث الاجتماعي والثقافي، خاصة في منطقة القبائل، وما زالت الحكومة تشجع على خلق منافسة بين منتجي الزيتون وزيت الزيتون بإقامة المعارض، والتشجيع على زراعة أشجاره بين الفلاحين الشباب.

وفي منطقة بومرداس قرب العاصمة الجزائرية، أقيم مؤخراً معرض خاص بزيت الزيتون واحتفالية فلاحية، تنافس خلالها العشرات من المزارعين والفلاحين، خصوصاً الشباب في عرض منتوجاتهم المستخلصة من زيت الزيتون، بمختلف أنواعه وأذواقه، ومختلف أصناف زيت الزيتون، بعضه أنتج بوسائل تكنولوجية حديثة، وآخر بطرق يدوية وتقليدية.

وتمنح الحكومة الجزائرية منذ سنوات قروضاً مصغرة للشباب لأجل بعث هذه الزراعة التي عرفت انخفاضاً في السنوات الماضية، بحيث يساهم الزيتون بنسبة 2 في المائة من الناتج المحلي الجزائري، فضلاً عن منافسته في الأسواق الدولية.

ويقول قاسم جرافة أحد العارضين لـ"العربي الجديد"، إنه يستخرج زيت الزيتون بطريقة تقليدية في المعصرة التي يملكها والده والتي تعود إلى أكثر من 70 سنة، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الناس تأتي إلى المعصرة لشراء الزيت، لأنها تعتبر ذلك أكثر ضماناً"، ويضيف إنه يتلقى باستمرار طلبات من بعض الجزائريين المغتربين الذين يعيشون في فرنسا وأوروبا والخليج، للاحتفاظ لهم بحصص من الزيت، أو إرساله لهم عبر وسطاء.

غير أن المعارض والاحتفاليات الزراعية ليست وحدها التي يحضر فيها زيت الزيتون أو الذهب الأخضر، لكن العابر للطريق السيار شرق غرب، والمدن الداخلية، لن يتفاجأ بشباب يعرضون على قارعة الطريق أصنافاً من زيت الزيتون الذي يحظى باهتمام الأسرة الجزائرية بالنظر إلى أهميته وفوائده الجمة على الصحة.

ورغم ارتفاع أسعار زيت الزيتون، إذ يصل سعر اللتر الواحد إلى 800 دينار جزائري أي ما يعادل 10 دولارات أميركية. إلا أن هذه المادة الطبيعية والحيوية، تلقى إقبالا كبيرا من قبل الجزائريين، بحيث تستعملها الأسر في مختلف صنوف الطهو وتحضير الأكلات الشعبية، علاوة على استخدامها في العلاج التقليدي من حالات الإصابة بالرشح والزكام الحاد والتهاب اللوزتين.

معروف بفوائده الصحية (العربي الجديد)

وترتبط جودة زيت الزيتون في الجزائر بالمعصرة التقليدية، بحسب الكثير من الحرفيين ممن ورثوا هذه الصنعة أباً عن جد، وبخاصة في منطقة القبائل مثل ولايات البويرة وبومرداس وتيزي وزو وبجاية، التي تمثل منطقة القبائل ذات الغالبية من السكان الأمازيغ، إذ تتوارث العائلات على مر السنين، غرس واستخراج زيت الزيتون.

يكثر الإقبال على زيت الزيتون في فصل الشتاء (العربي الجديد)

ويخصص سكان هذه المناطق هكتارات من الأراضي لزارعة الزيتون، كما لا تخلو المنازل من معاصر تقليدية صغيرة لاستخراج زيت الزيتون توجد في الطابق الأرضي لسكنهم، ويعتبر محند بلقاسم أحد المزارعين أن "المعصرة التقليدية وأشجار الزيتون كانت في بعض الفترات من دلالات الشرف والغنى".

واللافت أن بعض هذه المعاصر التقليدية مازالت تعتمد على الدواب في تدوير آلة العصر ويشكل الزيتون المعصور صفائح دائرية، ليحول مباشرة لعملية استخلاص الزيت عن طريق آلة خشبية، ومنها يتم صب الزيت الخام في براميل ذات أحجام كبيرة، منه ما يتم استعماله مباشرة وهناك ما يبقى لأشهر في تلك البراميل قبل تسويقه.

كان من دلالات الشرف والغنى (العربي الجديد) 


وفي السنوات الأخيرة أصبحت المعاصر الحديثة تنافس التقليدية التي لم يبق منها سوى عدد قليل في مناطق تيزي وزو وبجاية وجيجل، وتخلى الكثير من المزارعين عن المعاصر التقليدية، التي لم تعد توفي لأصحابها بوفرة الإنتاج بالشكل المطلوب، في ظل توفير الدولة لقروض ميسرة للفلاحين.

تستعمل في الطهي وتحضير الأكلات (العربي الجديد)

دلالات