زيارة برزاني لكركوك: تأكيد على السيطرة الكردية

26 يونيو 2014
البرزاني: مستعد لحمل السلاح دفاعاً عن كركوك (الأناضول)
+ الخط -

زار رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، اليوم الخميس، قوات البشمركة في محافظة كركوك، معلناً استعداده "لحمل السلاح والدفاع عن المحافظة"، ومؤكداً أن "الأكراد لن يفرطوا بشبر من أرضها"، في خطوة تعكس سعي القيادة الكردية إلى تثبيت التواجد العسكري الكردي في المحافظة، التي لطالما سعت إلى إلحاقها بالإقليم.

وتزامنت زيارة رئيس الإقليم، مع زيارة قام بها رئيس حكومته، نجيرفان برزاني، إلى تركيا، التقى خلالها رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان. واتفق فيها الطرفان على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة وفاق وطني في العراق، فضلاً عن تناول الوضع الأمني في كل من الموصل وكركوك.

البرزاني في كركوك

وأعرب البرزاني، خلال زيارته الأولى إلى كركوك منذ انتقال السيطرة العسكرية على المحافظة إلى قوات البشمركة، إثر انسحاب الجيش العراقي منها قبل نحو أسبوعين، عن استعداده لحمل السلاح "كعنصر في البشمركة"، للدفاع عنها.

واعتبر أن أهالي كركوك يواجهون المصاعب منذ زمن، وكانوا هدفاً "للإرهابيين"، قبل أن يضيف: "لكن الآن الرؤية أمامنا واضحة. مستقبل كركوك، من الآن وصاعداً، سيكون أفضل وسيرى الأمن والاستقرار". وأشار إلى مبدأ التعايش والسلام في كركوك، قائلاً: "سندافع عن حقوق قوميات كركوك".

وقدم رئيس الإقليم، اليوم الخميس، نوعاً من الوعود للقوميات غير الكردية المقيمة في كركوك، بتحقيق مكاسب لصالحها في حال إلحاق المحافظة بالإقليم، قائلاً "حين تعود كركوك إلى إقليم كردستان سيرون سخاء الأكراد"، فيما يخشى العرب والتركمان أن يؤدي ضم كركوك إلى إقليم كردستان إلى إضعاف دورهم، وتهميشهم في إدارة المحافظة. 

وبينما أكد أنه سيتم إرسال المزيد من قوات البشمركة إلى كركوك، بدأت وزارة البشمركة، بشكل فعلي، بإرسال المزيد من القوات إلى كركوك. وأعلن مسؤول التوعية والإعلام في الوزارة، العميد هلكرد حكمت، عن "إرسال قوات من البشمركة إلى خطوط التماس في كركوك مع المجموعات المسلحة".

وتوجهت قوات البشمركة الإضافية، وهي مزودة بالأسلحة الثقيلة، إلى قرية ملا عبد الله، الواقعة غربي المحافظة، وهي منطقة تماس بين البشمركة ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".

وأضاف حكمت، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "قوات البشمركة انتقلت إلى كركوك ومناطق كردية أخرى، لتوفر الأمن لها وللسكان، وستبقى هناك ولن تتركها، بعدما تركها الجيش".

وباتت قوات البشمركة موزعة على شريط حدودي يمتد على مسافة 1050 كيلومتراً، يبدأ من شرق العراق، على بعد نحو 150 كيلومتراً شمال بغداد، إلى الحدود مع سورية. وتواجه البشمركة على الشريط الذي تنتشر عليه جماعات مسلحة مثل "داعش".

واعتبر حكمت أن "التقسيم بات واقعاً، ليس فقط بالنسبة للأرض، فالشعب بات منقسماً أيضاً"، وحدد هدف قوات الإقليم بـ"حماية المواطنين الأكراد ومناطقهم"، موضحاً أن البشمركة لن ينتقلوا إلى أية منطقة ليست كردية.

ورأى حكمت أن تثبيت مسألة تقسيم العراق إلى مناطق فيدرالية، كأي تقسيم أو ولادة جديدة، لن يخلو من العنف والاصطدام، وفي النهاية ستقبل كافة الأطراف بالتغيير". ولفت إلى أن وجود البشمركة في كركوك بات أمراً يحتاجه العراق، والمنطقة، والعالم أيضاً، لأنها القوة التي تستطيع أن توفر الحماية لخطوط نقل النفط إلى الخارج، وهي المهمة التي فشل فيها الجيش العراقي، منذ العام 2003.

وتعد قضية كركوك سبب النزاع الرئيسي بين الأكراد والحكومات العراقية المتعاقبة. واستمر الصراع بين الطرفين بسبب عدم قبول بغداد بضم المدينة لأي مشروع للحكم الذاتي للأكراد، كما حصل ذلك في اتفاق وقع بينهما في 1970. وهذا ما دفع القوى الكردية إلى العمل على تضمين الدستور العراقي الحالي المادة 140 التي أشارت إحدى فقراتها  إلى إجراء "استفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها في مدة أقصاها 31 ديسمبر/كانون الأول 2007". وكانت هذه القوى توقعت أن يؤدي تنفيذ المادة إلى عودة كركوك إلى إقليم كردستان، غير أن الحكومة العراقية لم تنفذ تلك المادة الدستورية.

وجود دائم للبشمركة

من جهته، قال عضو لجنة الدفاع في البرلمان العراقي، شوان محمد طه، إن "وجود البشمركة في كركوك، والمناطق الكردية الأخرى، التي انتقلت إليها بعد الأحداث الأخيرة، بات وضعاً دائماً". وأضاف: "على العراقيين، والحكومة في بغداد، أن يكونوا ممتنّين لأن البشمركة ستوفر الأمن لكركوك ولن تتركها بيد "داعش" وغيره".

واعتبر طه أن الجيش، الذي شكله رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي، "كان نوعاً من البطالة المقنّعة، الناس تدخله وتحصل على الرواتب من غير أن تعمل شيئاً". واستدل على ذلك بالقول إنه "صحيح أن تعداد أفراد الجيش الذي شكله المالكي وصل إلى مليون ونصف المليون فرد، إلا إنه كان أمراً غير حقيقي، بدليل هزيمته أمام بضعة آلاف من المسلحين في ساعات".

ولفت إلى أن المالكي، وسياسيين عراقيين آخرين، باتوا يفضلون اللجوء إلى تشكيل ودعم الميليشيا المسلحة، بدلاً من الجيش، متسائلاً: "ماذا يفعل بالميليشيا؟ قد يحمي بها نفسه، أو يرهب الآخرين ويبتزهم، لكنه لن يوفر الأمن والاستقرار للمواطنين".

مشاورات مع الأميركيين

وكان رئيس الإقليم قال لوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، خلال زيارة الأخير إلى إقليم كردستان، الثلاثاء الماضي، إن "الاكراد قدموا تضحيات كبيرة للحصول على حريتهم ولن يرضوا بالخضوع". وأضاف: "لدينا الآن قناعة تامة بأن بغداد تريد أن تخضع كردستان لسلطتها ... إلا أن شعب كردستان لن يرضى بهذا، ولا يرضى بالإرهاب بمختلف أشكاله، ويحارب الإرهاب الآن". 

وفي السياق، سيتوجه إثنان من كبار موظفي الإقليم الكردي، وهما رئيس ديوان الرئاسة، فؤاد حسين، والوزير المكلف بالعلاقات الخارجية لحكومة الإقليم، فلاح مصطفى، إلى واشنطن.

وأشارت مصادر كردية إلى أن المسؤولَين الكرديين "سينقلان الموقف النهائي للأكراد إزاء مشاكل العراق، وأزمته الحالية، وعلاقات إقليم كردستان في بغداد".

وقال الكاتب العراقي المقيم في كركوك، علي محمد، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات المسيطرة على الأرض هي البشمركة". وأضاف "جميع منافذ كركوك باتت تحت سيطرتها. وهذا الأمر فرض واقعاً جديداً، فالبشمركة سدّت النقص الحاصل في تلك المواقع".

ورأى محمد أن وضع كركوك الجديد، يؤكد على قرب عودتها إلى إقليم كردستان، ولا سيما أن محافظها، نجم الدين كريم، ومسؤولين أكراد آخرين، يؤكدون في تصريحاتهم على أن وضع كركوك والعراق، لا يمكن أن يعود إلى ما قبل 10 يونيو/حزيران، وهو تاريخ انهيار وانسحاب قوات المالكي، في مواجهة مقاتلي العشائر و"داعش" غربي العراق.

...والأتراك

وتزامنت زيارة رئيس الإقليم الكردي لكركوك، اليوم الخميس، مع زيارة قام بها رئيس حكومته، نجيرفان برزاني، إلى أنقرة، التقى خلالها رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان.

ونقلت وكالة "الأناضول" عن مصادر مطلعة في رئاسة الوزراء التركية، أن أردوغان وبرزاني تناولا آخر المستجدات في المنطقة، لا سيما في الموصل وكركوك. ولفتا إلى أن غياب الاستقرار والمشكلة الأمنية، يبعثان على القلق، مشددين على ضرورة تأسيس حكومة تحتضن كافة أطياف الشعب العراقي، وترمي لتحقيق تقاسم عادل للثروة والسلطة في البلاد.

ودعا الطرفان إلى ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني في أقرب وقت، من أجل إنقاذ العراق من الحرب المذهبية، وحماية وحدته السياسية، ووحدة أراضيه، مؤكدين على أهمية عودة الرهائن الأتراك، الذين لا يزالون محتجزين في العراق، بسلام إلى تركيا.

كما ذكرت المصادر أن أردوغان وبرزاني تطرقا إلى موضوع التعاون في مجال الطاقة، وأكدا على تصميم الطرفين بخصوص تعزيز ومواصلة التعاون؛ الذي جرى التأسيس له سابقاً في هذا المجال.