قال اقتصاديون مصريون لـ"العربي الجديد": إن زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لروسيا، ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، تركز على عقد صفقات لشراء مصر السلاح الروسي، وتعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بين البلدين.
واختلف رجال الأعمال والمستثمرون حول جدوى الزيارة، ووصفها البعض بأنّها سترفع التبادل التجاري بين البلدين، بينما قلل آخرون من جدوها نظرا لبعد المسافة وعدم الاستغناء عن السوق الأوروبي والأميركي.
السلاح أولاً
وقال الخبير الاقتصادي، صلاح علوي، لـ"العربي الجديد": "إن هدف زيارة السيسي الأول لروسيا هو عقد صفقات سلاح تمولها دول خليجية داعمة له مثل السعودية والإمارات والكويت، لافتا النظر إلى زيارة روسيا تختلف عن زيارة السعودية حيث تركز الأولى على السلاح والدعم السياسي وكسب مزيد من الشرعية الدولية، في حين أن زيارة السعودية كانت هدفها الأساسي اقتصادي وذلك للحصول على منح ومساعدات سعودية وخليجية".
وحسب تصريحات مسؤولين روس اليوم الثلاثاء في صحف روسية، يناقش الجانبان عدداً من الموضوعات، في مقدمتها، عدة صفقات عسكرية عالية التقنية ومن بينها مقاتلات من طراز "ميج/29" وأنظمة صواريخ "كورنيت" المضادة للدبابات والمروحيات الهجومية "كاموف كا/25" و"ميل مي/28"، و"مي/25".
وأضاف علوي، أن الزيارة قد تتطرق لمواضيع اقتصادية منها زيادة أعداد السواح الروس، وبحث المشاركة في مشروع قناة السويس من خلال توفير بعض المعدات، وفتح الأسواق المصرية أمام الصادرات المصرية خاصة المتمثلة في بعض أصناف الخضراوات والبقوليات.
ولفت النظر إلى أن هذه الزيارة لن تكون توجها نحو روسيا كما كانت مصر في فترة الستينيات، موضحاً إن الحكومة لا تستطيع الاستغناء عن أمريكا بالتوجه إلى روسيا، كما أن الخلافات الروسية الأميركية حول منطقة القرم لن تكون سببا في قطع روسيا لعلاقاتها مع الغرب الأوروبي.
وأشار إلى أن تشدق بعض المحللين المصريين بزيارة السيسي إلى روسيا وأنها بديل عن التبعية لأميركا يضر بمصالح مصر.
وأوضح أن مصر لا يمكن أن تعتمد كليا على روسيا في الواردات نظراً لبعد المسافة وارتفاع تكلفة النقل.
تراجع السياحة
وقال رئيس قطاع التخطيط بهيئة تنشيط السياحة، أحمد حمدي، في تصريحات صحافية اليوم: "إن أعداد السائحين الروس انخفضت خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 1.2 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغت أعداد الوافدين الروس 1.464 مليون سائح".
وأضاف "أن أعداد السائحين الروس خلال النصف الأول من 2014 بلغت نحو 1.445 مليون وافد".
وأوضح حمدي أن السائحين الروس يمثلون نحو 17 في المائة من إجمالي الوافدين إلى المقاصد المصرية، مشيراً إلى أن النصف الثاني من العام الجاري سيشهد طفرة في الأعداد الوافدة من روسيا لتبلغ نسبتهم نحو 22 في المائة من إجمالي أعداد السائحين.
وذكر أن السائحين الروس قضوا 14 مليون ليلة سياحية خلال النصف الأول من العام الجاري مقابل 16 مليون ليلة سياحية عن الفترة نفسها من العام الماضي بانخفاض بلغ 12.5 في المائة.
وطالب حمدي، بوضع القطاع السياحي على أجندة الرئيس السيسي خلال زيارته لروسيا، موضحاً أن السياحة الروسية تعتبر الداعم الأول في الإيرادات السياحية لمصر.
وتوقع أن تصل أعداد السائحين الروس بنهاية العام الجاري لنحو 3.5 مليون وافد، مشيراً إلى أن وزارة السياحة تسعى لجذب الروس إلى المناطق الأثرية، حيث تعتمد السياحة الروسية في زياراتها إلى مصر على التواجد بالمناطق الشاطئية مثل شرم الشيخ والغردقة.
فرصة للمنتجات المصرية
وقال رئيس مجلس الأعمال المصري الروسي، أحمد شيحة، لـ"العربي الجديد": "إن زيارة السيسي لروسيا، فرصة ذهبية للمنتجات المصرية لاختراق السوق الروسي بكميات كبيرة، خاصة في ظل الأزمة القائمة بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي وأميركا".
وأشار إلى أن روسيا قررت وقف استيراد مجموعة من السلع بعد إعلان أميركا وأوروبا فرض عقوبات اقتصادية، على خلفية الأزمة الأوكرانية، الأمر الذي يفتح الباب امام المنتجات المصرية خاصة الخضراوات والفاكهة والسجاد إلى زيادة حجم أعمالها في هذا السوق الكبير.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقب اجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الثلاثاء: "إن روسيا ستزود مصر بما لا يقل عن 5 ملايين طن من القمح هذا العام وستزيد وارداتها من السلع الزراعية المصرية".
وأضاف بوتين "أن مصر مستعدة لزيادة صادراتها من السلع الزراعية إلى روسيا بنسبة 30 في المائة وتناقش إنشاء منطقة للتجارة الحرة مع الاتحاد الجمركي الذي تقوده موسكو والذي يضم أيضا روسيا البيضاء وقازاخستان".
وفي السنة المالية 2013-2014 المنتهية في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي بلغت صادرات روسيا من القمح إلى مصر 3.6 مليون طن.
ومن جانبه أكد شيحة أن المجلس سيعمل على مضاعفة حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة المقبلة ليصل إلى 5 مليارات دولار سنوياً بدلاً من 3 مليارات دولار فقط حالياً.
وعن أبرز السلع التي يمكن تصديرها إلى روسيا أشار شيحة، إلى أنها تتمثل في الخضراوات والفواكه والقطن المصري والسجاد، كما أن روسيا تتميز بإنتاج وفير من الحبوب وحديد التسليح والبيليت (خام الحديد) ويمكن الاستفادة منها في سد العجز الموجود بالسوق المحلى.
وأكد رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، علي عيسى، أن المجلس يعمل حالياً على دراسة كيفية الاستفادة من الوضع الحالي القائم بين روسيا وأوروبا وأميركا، مشيراً إلى أن روسيا من أكبر وأفضل الأسواق التي تستورد الحاصلات الزراعية.
وأضاف عيسى، لـ"العربي الجديد" "أن السوق الروسي قام العام الماضي فقط باستيراد 250 ألف طن برتقال، و100 ألف طن بصل، و260 ألف طن بطاطس، وبوجه عام فقد وصلت قيمة صادرات الحاصلات الزراعية إلى السوق الروسي إلى 250 مليون دولار خلال عام 2013-2014".
التوترات السياسيّة
وقال رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، حسين صبور، لـ"العربي الجديد": "إن تقوية العلاقات الاقتصادية مع روسيا تمكننا من الاستغناء عن العديد من الدول التي تكون علاقتنا بها متوترة سياسيا مثل تركيا، حيث تستطيع إمكانيات الصناعة الروسية أن تغني عن الصادرات التركية إلينا خاصة فيما يتعلق بالمواد الخام".
ولفت صبور إلى انه رغم التأثير الإيجابي لتلك الزيارة على التبادل التجاري المستقبلي بين مصر وروسيا، فإن ذلك يتطلب أولا مواجهة مشكلات الصناعة المحلية والعمل على زيادة الإنتاج ورفع جودته ومن ثم زيادة الصادرات وذلك للاستفادة من هذه الفرصة في زيادة تواجد المنتج المصري في روسيا وتحسين الميزان التجاري المصري، مشيرا إلى أن الميزان التجاري بين مصر ومختلف دول العالم يميل دائما لصالح الدولة المقابلة وليس لمصر.
وقال رئيس اتحاد الصناعات المصرية، محمد السويدي: "لابد من توظيف حسن للزيارة، والاستفادة منها في الإسراع بفتح الأسواق الروسية، التي تعد من الأسواق المنكمشة والتي يصعب دخولها خاصة على المنتج المصري، يزيد على ذلك أن روسيا تعد من الدول الغنية جدا بالمواد الخام، فضلا عن تقدمها التكنولوجي الذى يمكن الاستفادة منه فى تطوير شركات قطاع الأعمال لدينا".
حديد روسيا مكلف
واستبعد عضو شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، عبد العزيز قاسم، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، الاعتماد على روسيا في استيراد حديد التسليح خلال الفترة المقبلة فى ظل العلاقات السياسية الجيدة بين البلدين، مشيراً إلى أن تكلفة النقل من روسيا مرتفعة، وبالت إلى فإن الجدوى الاقتصادية من الاستيراد ستكون ضعيفة وغير مجدية.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا 3.55 مليار دولار في عام 2012، مقابل 2.82 مليار دولار في عام 2011، وبواقع عجز في الميزان التجاري وصلت قيمته إلى 2.87 مليار دولار لصالح روسيا في عام 2012.
ولا تتعدي نسبة التبادل التجاري بين البلدين 3.5 في المائة من إجمالى حركة تجارة مصر الخارجية، ويمثل القمح السلعة الأساسية في الواردات المصرية من روسيا إلى جانب بعض السلع الأولية الأخرى كبعض أنواع الأخشاب وبعض أنواع الزيوت وبعض منتجات الحديد وورق الصحف.
وتتمثل الصادرات المصرية للسوق الروسي في الموالح من البرتقال والليمون والجريب فروت والبطاطس والبصل والثوم والعنب والفراولة، بالإضافة إلى بعض منتجات الحديد والصلب ومنتجات السجاد وأغطية الأرضيات واللوحات وبعض المنتجات القطنية.
وصرح مسؤول بالقصر الرئاسي الروسي "الكرملين" اليوم، بأن حجم التبادل التجاري بين روسيا ومصر تضاعف تقريبا خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وقال المسؤول في تصريحات نقلتها وكالة أنباء "نفوستي" الروسية بلغ قيمة التبادل التجاري العام الماضي 3 مليارات دولار تقريبا، أما في النصف الأول من هذا العام فقد زاد الرقم للضعف (نحو 5ر2 مليار دولار).