زيارة الجربا إلى واشنطن: فرصة جديدة للأسلحة النوعيّة

29 ابريل 2014
كيري والجربا في نيويورك في 2013 (ماريو تاما/getty)
+ الخط -

يبدأ رئيس الائتلاف السوري، أحمد الجربا، خلال الأيام المقبلة، زيارة إلى الولايات المتحدة، برفقة عدد من أعضاء قيادة الائتلاف، إضافة إلى عضو في هيئة أركان الجيش الحر.

وتهدف الزيارة، كما يقول مسؤولون في الائتلاف، الى حث واشنطن على رفع مستوى دعمها للمعارضة السورية سياسياً وعسكرياً، وخصوصاً بعد فشل مؤتمر "جنيف 2"، وانسداد أفق الحل السياسي على المدى المنظور، وهو ما يستدعي تحريك المعادلة القائمة التي تضع الحالة السورية في وضع المراوحة سياسياً وميدانياً.

في المقابل، زاد النظام من عنفه، سواء عبر تصعيد القصف بالبراميل المتفجرة على المناطق السكنية في مختلف المدن التي تحتضن قوات المعارضة، أم عبر لجوئه مجدداً الى استخدام الغازات السامة.

كما يصب اعلان السلطات السورية عن موعد الانتخابات الرئاسية، وترشح الرئيس بشار الاسد لهذه الانتخابات، في خانة تآكل الحل السياسي، وربما اندثاره نهائياً، لأن التجديد لرئاسة الاسد يعني دحض الاساس الذي قام عليه مؤتمر جنيف، وهو تشكيل هيئة حكم انتقالية لا وجود للأسد فيها، تقود مرحلة انتقالية، وتضع البلاد على سكة الحل السياسي.

وتأتي الزيارة بعد انتهاء المهلة المحددة للنظام السوري من أجل تسليم كامل ترسانته الكيماوية، تمهيداً لتدميرها، من دون أن ينجح النظام في الوفاء بتعهداته التي انقذته من ضربة عسكرية أميركية محققة نهاية الصيف الماضي.

ويتزامن انتهاء المهلة مع تقارير شبه مؤكدة عن معاودة النظام استخدام أسلحة كيماوية (غاز الكلور) في ضرب العديد من المناطق السورية المعارضة في ادلب وحماة وريف دمشق، وذلك وسط تقارير استخبارية غربية بأن النظام لا يزال يحتفظ بالقدرة على انتاج ونشر واستخدام أسلحة كيماوية، وأنه لم يسلم كامل مخزونه من هذه الأسلحة. وتفيد المعلومات بأن مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، قد تغاضوا عن هذه الحقيقة، بغية عدم منح النظام ذريعة لعرقلة عملية التسليم.

ولعل النقطة الأكثر حساسية التي لا بد أن يثيرها الجربا خلال الزيارة الأميركية، ستكون مسألة تسليح قوات المعارضة "المعتدلة" بأسلحة نوعية حديثة، خصوصاً في مواجهة طائرات النظام التي تفتك بتلك القوات، وتمنعها من شن هجمات كبيرة تسهم في قلب موازين القوى ميدانياً.

وبعد تزحزح الموقف الاميركي الرافض تزويد المعارضة بأية أسلحة "فتاكة"، مع وصول كميات محدودة من صواريخ "تاو" الاميركية المضادة للدروع الى بعض كتائب المعارضة، فإن المهمة الاصعب ستكون في اقناع الادارة الاميركية بأهمية الحصول على أسلحة مضادة للطائرات، مع الاستعداد لتقديم كل الضمانات المطلوبة لعدم وقوع هذه الاسلحة في "الأيدي غير المناسبة"، كما تسميها واشنطن، أي المجموعات الاسلامية المتطرفة، خصوصاً تنظيمَي "جبهة النصرة" و"داعش". ولا بد أن وفد الجربا سيذكر مضيفيه الاميركيين، بأن قوات المعارضة لا تزال تخوض حرباً مفتوحة مع
"داعش" في العديد من المدن السورية.

وسبق لوفدٍ من الائتلاف المعارض، برئاسة نائب رئيسه، فاروق طيفور، أن التقى، في 19 أبريل/ نيسان الجاري، أعضاء من لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي في إسطنبول، وبحث معه الخدمات التي تقدمها المجالس المحلية التابعة للمعارضة داخل سوريا، وجهود منظمات الإغاثة الدولية، وخروقات النظام لقرار مجلس الأمن رقم 2139، الخاص بتقديم المساعدات الانسانية للمناطق المحاصرة من جانب قوات النظام.

وبحسب عضو الائتلاف المعارض، وممثله في الولايات المتحدة نجيب الغضبان، فإن الجربا سيلتقي في واشنطن بقيادات في الكونغرس، اضافة الى لقاءات في وزارة الخارجية الأميركية وعدد من مراكز الأبحاث المهتمة بالموضوع السوري. كما يجتمع مع مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس.

وأخيراً، تأتي الزيارة مع تصاعد الحديث داخل الولايات المتحدة وخارجها، عن ضعف أداء ادارة الرئيس باراك أوباما، في الازمتين السورية والأوكرانية، ما أثار مخاوف لدى العديد من حلفاء واشنطن عبر العالم، بشأن مدى التزام واشنطن بالدفاع عنهم إذا ما تعرضوا لتهديدات من دول كبرى مثل روسيا والصين. وقد استمع أوباما، خلال زيارته الاخيرة إلى اليابان وكوريا الجنوبية، الى هواجس وشكوك من مسؤولي هذين البلدين بشأن قوة التزام بلاده بالدفاع عنهما إزاء التهديدات المحتملة من جانب الصين.

ولعلّ المعارضة السورية تسعى الى زيادة الضغط على النظام في الساحة الدولية، مع انشغال موسكو بالتطورات في جارتها أوكرانيا، والحنق الغربي والاميركي تجاه "العربدة الروسية" هناك، ما قد يزيد من استعداد واشنطن لمعاقبة موسكو في سوريا على سلوكها في اوكرانيا، لكن تلك تبقى مجرد آمال قد لا يكون لها مكان في حسابات حكام واشنطن، إذ يتوجس الكثير من السوريين بأن واشنطن ومن خلفها تل ابيب، غير معنية راهناً سوى بإدارة "الازمة السورية" ومنع تطاير شراراتها لدول الجوار، وليس حلّها.​

المساهمون