زياد أبو عين... الاحتلال يقتل الرجال

12 ديسمبر 2014

زياد أبو عين (1959-2014)

+ الخط -

لن تمر جريمة اغتيال الشهيد زياد أبو عين، رئيس هيئة مقاومة جدار التوسع والاستيطان الإسرائيلي، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح، على يد قوات الاحتلال في أثناء مشاركته بفعالية زراعة أشجار زيتون في ترمسعيا، شمال رام الله، وهو الذي ناضل منذ ريعان شبابه، وله تاريخ عنيد مع الاحتلال، لن تمر مرور الكرام، وستشعل نار الانتفاضة في وجه الاحتلال البغيض.

خرج الشارع الفلسطيني في رام الله عن بكرة أبيه في مسيرات غضب على استشهاد هذا الرجل الذي قضي حياته مناضلاً صعب المراس، ومثالاً للتحدي والصمود، وقيادياً وفياً لتاريخ حركة فتح التي انتمى إليها.

شغل زياد أبو عين منصب وزير في السلطة الوطنية الفلسطينية، إلا أنه استمر بالدفاع عن الأرض وصمودها. كان يذهب إلى كل أرض يحاول الاحتلال سلبها، وإقامة المستوطنات عليها. كان يقيم الخيام المساندة ليلاً، ومع شبابه، يغني، على الأراضي المهددة، الأغاني الوطنية، ويستعيد تاريخ الثورة.

كان أبو عين مثالاً للقيادة الفتحاوية التي حافظت على ثوريتها في مواجهة الاحتلال. شارك في كل المسيرات، وكنت تراه يتحرك بين المتظاهرين، يوزع الابتسامات على الجميع، ويحمل الأعلام الفلسطينية ويلبس الكوفية. كان أبو عين، الوزير والقيادي الفتحاوي، من الأصوات التي رفعت صوتها لمحاربة الفساد، ولم يتردد في مواجهته، من دون اكتراث بالعواقب، لأن همه كان فلسطين.

ولعل ما حدث مع هذا القيادي الفذ يكون مناسبة لأخذ خطوات جريئة، تضع حداً لممارسات قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولعلها مناسبة للبدء في محاسبة إسرائيل على هذه الجريمة البشعة، وعلى جرائم أخرى كثيرة صارخة، ارتكبها المحتلون الصهاينة على أرض فلسطين، في اليوم الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان. 

في مخيمات الضفة أجواء مشحونة تسيطر على الموقف، ويتوعد الفلسطينيون فيها بأن شعلة الانتفاضة ستشتعل، ولن يتم السكوت على هذه الجريمة. يطالبون الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بتقديم الاحتلال للمحاكمة في جرائم الحرب. ويطالبون المجتمع الدولي للتحرك فوراً، ووضع حد لممارسات الاحتلال، وهو ما نقلته عدسات التلفزة أمام مرأى العالم وأعينه، ليشاهد كيف ينكل الاحتلال بالشعب الفلسطيني وقيادته.

لن تكتفي الجماهير بإعلان الحداد على استشهاد زياد أبو عين، وتنكيس الأعلام الفلسطينية. ويخطئ الاحتلال إذا ظن أن رسالته بالوعيد بأن هذا سيكون جزاء كل مقاوم سيخيف أبناء الشعب الفلسطيني ويمنعه عن مواصلة مسيرة النضال. 

أبو عين مثال للقيادة التي عشقها الشعب، فهو المثابر الوطني الذي لم يغيره كرسي الوزارة، ولم يهدأ ويجلس عليه، ليستريح ويمارس طقوس الوزراء. تجده لا يلبس البدلة، ويتنقل بكل عزيمة بملابس ليست رسمية. كان دائماً منتقداً وناقماً على الوضع، وكيف لا وقد شكل لحكومات إسرائيل منذ شبابه هاجساً كبيراً. حارب إسحق شامير، واعتقل مراراً، واختطفته إسرائيل، حتى في صفقة تبادل أسرى مع الجبهة الشعبية – القيادة العامة، في السبعينات من القرن الماضي، بعد الإفراج عنه. كان رقماً صعباً في إسرائيل، أقلق قادة الاحتلال وقض مضاجعه.

فقدت حركة فتح قيادياً ليس كأي قيادي. ميدانياً عنيداً لم يغير عما تربى عليه على يد حركة فتح الثورية منذ نشأتها. هو الوطني والمقاوم والرجل والقيادي، ستفتقده فلسطين والشعب الفلسطيني.. إلى جنات الخلد.

4412F2FC-6F1B-433A-8247-F5C993F0BEED
تغريد سعادة

صحافية وكاتبة فلسطينية ومخرجة أفلام تسجيلية ووثائقية، مقيمة في رام الله