زيادة رسوم تصاريح العمل تهدّد منتجي الأردن

06 فبراير 2017
القطاع الزراعي، أكثر المتضررين من القرار (Getty)
+ الخط -
أثار قرار الحكومة الأردنية رفع رسوم تصاريح العمالة الوافدة بنسبة كبيرة، ردود فعل واسعة من قبل أصحاب العمل والقطاع الزراعي بشكل خاص، فضلا عن الوافدين الذين رأوا فيه أعباء مالية مبالغا فيها، بينما يعاني اقتصاد المملكة أزمة تراجعت معها الأجور وحركة الأسواق.
وقررت الحكومة، الأربعاء الماضي، توحيد رسوم تصاريح استقدام العمالة الوافدة بمبلغ 700 دولار سنويا، الأمر الذي رفع رسوم تصاريح العمل في القطاع الزراعي مثلا بنسبة 316.6%، حيث كانت تعادل قبل الزيادة نحو 170 دولارا سنويا.

وبلغت الزيادة على القطاعات الأخرى نحو 38.8% في المتوسط، فيما استفادت بعض القطاعات مثل الإنشاءات، حيث كانت تبلغ رسومها السنوية قرابة ألف دولار.
وقالت الحكومة إنها تهدف من توحيد وزيادة رسوم تصاريح العمل إلى ضبط سوق العمل ومحاربة السماسرة الذين يتاجرون بهكذا تصاريح ويستغلون العمالة الوافدة.
وقال أمين عام اتحاد المزارعين في الأردن، محمود العوران، لـ "العربي الجديد"، إن رفع رسوم تصاريح العمل على القطاع الزراعي يضر بشكل كبير بالقطاع الزراعي الذي يعاني أوضاعا مالية بالغة السوء، بسبب انخفاض أسعار منتجاته، خلال السنوات القليلة الماضية، إلى مستويات غير مسبوقة.

وأضاف أن ارتفاع الرسوم يزيد معاناة المزارعين الذين تعرّضوا لخسائر كبيرة بسبب تراجع صادرات القطاع إلى الأسواق المجاورة، سورية والعراق، نظرا لإغلاق الحدود البرية مع هذه الدول، فضلا عن تعذّر التصدير إلى بلدان أخرى من خلال الأراضي السورية، كما كان الحال قبل عام 2011.
وحذّر العوران من توقف صغار المزارعين عن أنشطتهم بسبب زيادة التكاليف والأعباء المالية في مقابل انخفاض الأسعار، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في زيادة رسوم تصاريح العمل وإعادتها إلى مستوياتها السابقة.
وأشار إلى تأثر المزارعين أيضاً بحملات المقاطعة التي ينظمها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حدث مؤخرا في حملة مقاطعة البيض والبطاطا، حيث تحمّل المزارعون عبء ارتفاع الأسعار، رغم أنهم لم يكونوا السبب في ذلك.

وانتشرت في الأردن، في السنوات الأخيرة، ظاهرة المتاجرة بطرق غير مشروعة في تصاريح العمل، حيث عمل أشخاص كثر بمساعدة موظفين في وزارة العمل على استصدار تصاريح عمل زراعية لوافدين، لانخفاض رسومها مقارنة بالقطاعات الأخرى، والحصول على مبالغ مرتفعة من قبل العمال سنويا مقابل تلك التصاريح.
وقال العامل المصري حسام أبو محمد، إنه يعمل في الأردن منذ سنوات طويلة في قطاع الإنشاءات، رغم أنه يحمل تصريح عمل زراعي، نظرا لانخفاض رسومه وسهولة الحصول عليه، لكنه في المقابل يتحمّل مبالغ كبيرة لقاء ذلك.
وأضاف لـ "العربي الجديد"، أنه يدفع مبلغا سنويا لصاحب العمل أو الشخص الذي أصدر له التصريح، يفوق رسوم التصريح بكثير، لكنه مضطر إلى ذلك.

وأشار إلى أن رفع رسوم تصاريح العمل يعد ضربة للأيدي العاملة الوافدة التي تعاني حاليا من ارتفاع كلف التصاريح والمبالغ التي تُدفع للكفيل.
وأوضح عامل آخر، يُدعى أبو حمادة، أنه يضطر إلى دفع مبلغ سنوي لكفيله، فلا يقتصر الأمر عند حد رسوم تصريح العمل.
وقال وزير العمل، علي الغزاوي، في تصريحات سابقة، إن القطاع الزراعي هو الأكثر تضررا من تسرب العمال المهاجرين، وإن أصحاب تصاريح العمل الزراعية يستخرجونها لانخفاض تكلفتها مقارنة مع القطاعات الأخرى، لكنهم على أرض الواقع لا يعملون في الزراعة.

وقال إن من بين 100 ألف تصريح زراعي تم منحها لعاملين وافدين تسرب نحو 70% منهم إلى قطاعات أخرى في السوق المحلية، بهدف تحصيل دخل أعلى لكن بطرق غير قانونية، ما يؤثر سلباً على المزارع الممتهن لهذه المهنة، فيتعرض للاستغلال.
وقال إن أكثر من مليون عامل وافد من جنسية واحدة لا يحمل منهم تصاريح عمل سوى 170 ألف عامل، ما يشكل فوضى عارمة في سوق العمل لا تقبل بها أي دولة في العالم.
وأشار إلى أن حوالات العمالة الوافدة من جنسية واحدة بلغت نحو 2.53 مليار دولار سنويا، في حين أن تحويل إجمالي العمالة الأردنية المدربة في الخارج لا تتجاوز 4.2 مليارات دولار سنوياً.

وتعتبر الجنسية المصرية الأكثر تضررا بالقرار، كونها تشكل غالبية الأيدي العاملة في الأردن. وتضم الأردن عمالا من جنسيات مختلفة، أكثرهم من مصر والعراق وسورية واليمن.
وقال رئيس المرصد العمالي الأردني، أحمد عوض، لـ "العربي الجديد"، إن توحيد رسوم تصاريح العمل وإن كان يعالج الخلل الحاصل في هذه المنظومة، إلا أنه يضر بالقطاع الزراعي.
وأضاف عوض أن ثمة قطاعات لا يُقبل الأردنيون على العمل فيها، على رأسها قطاعا الزراعة والإنشاءات، "فكان من الأولى أن تراعي الحكومة هذين القطاعين والبحث عن سبل أخرى لمحاربة سماسرة تصاريح العمل بدلا من زيادة الرسوم"، وفق قوله.


المساهمون