ارتفعت حدة الانتقادات الشعبية للحكومة الأردنية برئاسة عمر الرزاز لإخفاقها، حسب مراقبين، في إدارة الملف الاقتصادي على النحو الذي يحمي المواطنين من تداعيات جائحة كورونا ويوقف تدهور مستويات المعيشة وارتفاع الفقر والبطالة.
وما زاد حدة الانتقادات وتشنجات الشارع هو إقدام الحكومة على تعيينات في الجهاز الحكومي والشركات التابعة لها لأشخاص محسوبين عليها بمبالغ طائلة، مخالفة بذلك قراراتها التي اتخذتها بداية الأزمة بوقف كافة أشكال التعيينات لنهاية العام الحالي إضافة إلى وقف زيادات رواتب الموظفين والعسكريين لتحقيق وفورات مالية للخزينة في إطار الإجراءات المتخذة لمواجهة الأزمة.
وكانت آخر التعيينات التي أجرتها الحكومة الأسبوع الماضي، عندما قامت بتعيين مفوضين في هيئة الطاقة لا تنطبق عليهما شروط إشغال الوظيفة وبرواتب كبيرة بلغت حوالي 3500 دولار لكل واحد منهما، وكذلك تعيين موظف أحيل على التقاعد حديثا في شركة تابعة للحكومة برواتب إجمالية سنوية تبلغ 140 ألف دولار.
وفي المقابل، تشهد العلاقة بين الحكومة والنقابات المهنية التي تعتبر الأكثر تأثير في الشارع الأردني حالة من التوتر وخاصة مع نقابة المعلمين أكبر النقابات عددا نتيجة لإصرار الحكومة على الاستمرار بوقف صرف العلاوات لموظفي القطاع العام التي أقرت منذ بداية العام الحالي وتم إيقافها بذريعة أزمة كورونا.
إلى ذلك، قال عضو مجلس النواب الأردني، موسى هنطش، لـ"العربي الجديد" إن الوضع الاقتصادي في غاية الصعوبة وتفاقم بسبب جائحة كورونا حيث يتوقع تراجع معدل النمو بأكثر من 5% هذا العام.
وأضاف أن الحكومة تقدم على قرارات لا تخدم الوضع الاقتصادي وتثير حفيظة الشارع وخاصة التعيينات غير المبررة وغير المنطقية التي أجريت مؤخرا وبرواتب خيالية وتفوق مؤهلات وقدرات الأشخاص الذين تم تعيينهم.
وعجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعبير عن غضب الأردنيين من تلك التعيينات والمطالبة بمحاسبة القائمين عليها.
وأشار هنطش إلى أن اجتماعا ستعقده لجنة الطاقة في مجلس النواب الأسبوع الحالي وذلك للنظر في التعيينات التي أجرتها الحكومة لمفوضين في هيئة الطاقة وقوبلت بانتقادات واسعة لعدم عدالتها على ما يبدو.
وقال إن مصير الحكومة غير معروف حاليا في ظل عدم اتضاح الرؤية بشأن الانتخابات البرلمانية التي يفترض أن تجري في نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل على أبعد تقدير، وإلا فإن التمديد للمجلس الحالي لمدة عام تصبح استحقاقا بحسب الدستور الأردني.
وتوقع البنك الدولي في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الأخير تراجع نمو الاقتصاد الأردني 3.5% للعام الحالي، فيما أشار إلى بدء تعافيه للعام 2021، ويتوقع أن يحقق الاقتصاد نموا للعام المقبل بـ 2%
وتوقع التقرير أن يستمر نمو الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وصولاً إلى 108% خلال العام المقبل، حيث تجاوزت مديونية الأردن حوالي 43 مليار دولار.
وقال البنك الدولي إن أزمة كورونا تشكل مخاطر سلبية كبيرة على الانتعاش الاقتصادي في الأردن بالإضافة إلى عدم اليقين الإقليمي المتزايد الذي يشكل تحديا إضافيا.
وقال وزير تطوير القطاع العام الأسبق، ماهر مدادحة، لـ"العربي الجديد" إن وضع الاقتصاد الأردني حرج في هذه المرحلة بسبب تداعيات أزمة كورونا، إضافة إلى عدم قدرة البرامج الحكومية على امتصاص الآثار السلبية الناتجة عنها حيث شهدت معدلات البطالة ارتفاعا واضحا خلال العام الحالي يقدر أن تصل إلى 25%، وكذلك زيادة نسبة الفقر والمديونية.
وأضاف أن التركيز يجب أن ينصب على القطاعات المحركة للنمو والاستثمار بخاصة الزراعة والصناعة.
وطرحت الحكومة الثلاثاء الماضي، سندات دولية في شريحتين بقيمة إجمالية 1.75 مليار دولار ستساعده في التغلب على التداعيات الاقتصادية لكوفيد-19، وهو ما يقول خبراء اقتصاديون إنها سترفع الدين العام إلى مستوى قياسي العام الحالي عند 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال رئيس اللجنة المالية الأسبق في مجلس النواب، يوسف القرنة: للأسف لا يوجد رؤية واضحة لإنقاذ الاقتصاد الأردني وتقليل الآثار السلبية الناتجة عن أزمة كورونا، إضافة إلى عدم رضا المواطنين عن الإجراءات التي مست مستويات المعيشة سيما تخفيض الرواتب بوقف صرف العلاوات وتسريح آلاف العمال من وظائفهم وتخفيض الرواتب.
وأضاف القرنة لـ"العربي الجديد" أن الضغوط على الاقتصادي ستزداد إذا طال أمد الأزمة وما يصاحبها من ارتفاع في المديونية والبطالة والفقر.
وشهد الأردن احتجاجات واسعة في أيار/ مايو من عام 2018 بسبب إقدام الحكومة السابقة برئاسة هاني الملقي، على رفع الضرائب والأسعار، انتهت بإقالة الحكومة.