زوايا الجزائر تستقطب الأفارقة لدراسة علوم الدين

18 مايو 2018
يتعلم الطلاب الأفارقة اللغة العربية وعلوم الدين (العربي الجديد)
+ الخط -



يتوافد الطلاب الأفارقة إلى الزوايا الدينية التي تنتشر في الجزائر خاصة في مدن الجنوب ووسط البلاد، لتعلم اللغة العربية وعلوم الدين وحفظ القرآن، ومعظم الوافدين من دول مالي والنيجر وبوركينافاسو وغينيا والسنغال والكاميرون خاصة. كما تستقبل بعض الزوايا طلاباً من دول جنوب أفريقيا وجزر القمر، وتتكفل برعايتهم وتعليمهم، لغاية حصولهم على العلوم الشرعية التي تؤهلهم للإمامة وتعليم الدين في بلدانهم.

محمدو بيسي، واحد من هؤلاء الطلاب، وصل إلى زاوية الشيخ بلكبير في منطقة أدرار عام 2016 قادماً من تومبوكتو شمالي مالي، لدراسة القرآن وحفظه. تأثر بثلاثة من طلاب العلم الشرعي من أهل بلدته الذين درسوا في هذه الزاوية وتعلموا فيها.

وما زاد في رغبته، بساطة عيش سكان مدينة أدرار الجزائرية، واحتواء الزاوية على مرافق اجتماعية تساعد الطالب المهاجر على العيش الكريم والدراسة في ظروف مريحة. وفي بداية عام 2018 رغب محمدو في تعلم القراءات والتخصص فيها، ما دفعه إلى التوجه نحو العاصمة الجزائرية حيث دار القراءات التابعة لوزارة الشؤون الدينية. يقول محمدو لـ "العربي الجديد"، إنّ رغبته في تعليم الدين الإسلامي لأطفال قريته، هو أكثر ما دفعه إلى التنقل للزوايا الجزائرية.

بدوره يقول موسى ديالو لـ "العربي الجديد": "أمضيت في الزاوية سنتين وحفظت القرآن وبعض التفسير والحديث النبوي الشريف، وأخطط قريباً للعودة إلى أغاداس لأعلم الشباب والأطفال ما تعلمت، لقد أحببت طريقة التعلم الجماعية في هذه الزاوية وطيبة الناس"، مضيفاً  "كنت برفقة عدد من الطلاب من مالي والسنغال وكان معنا طالب قدم من الكاميرون".    

تتولى هذه الزوايا إعانة الطلاب الأفارقة بفضل المساعدات والهبات التي تتلقاها من رجال الأعمال والمحسنين، وتخصص لهم مراقد ومطاعم، كما يحظون في المناسبات الدينية بالولائم التي يحضرها الجزائريون إلى هذه الزوايا الدينية التي تحظى باحترام شعبي. وفي منطقة غرداية التي يتبع الجزء الغالب من سكانها إلى المذهب الإباضي، تُستقبل أعدادٌ كبيرةٌ من الطلاب من زنجبار وتانزانيا، وهي من المناطق التي تنتشر فيها الإباضية.

تفتح الزوايا أبوابها للطلاب الأفارقة (العربي الجديد)



ويقول الإعلامي ربيع ميهوبي الذي يقيم في المنطقة لـ" العربي الجديد"، إنّ  "هؤلاء الطلاب تتكفل بهم المعاهد الحرة، إذ يعتمد سكان أهل مزاب –غرداية -على نظام الوقف وتبرعات الزكاة في الأكل والإيواء، وهو نظام اقتصادي لا يحتاج إلى الدولة، وهذه المعاهد والمساجد ترتبط بمحلات وأراضٍ فلاحية تعود عوائدها إلى هذه المؤسسات، أموال خاصة بأجرة الأساتذة، وأخرى بالتهيئة والوجبات، وأيضاً إجراء الملتقيات والندوات، ولعل معهد الحياة بالقرارة أبرزهم جميعاً، فهو مكان روحي يأتيه الإباضية من كل أنحاء العالم"، مشيراً إلى أن "السلطات الجزائرية تسهل مهمة الطلاب الأفارقة على العموم لأنها تدخل في إطار السياحة الدينية".

ولا توجد أرقام رسمية عن عدد الطلاب الأفارقة الذين يدرسون في الزوايا الدينية في الجزائر، إذ لا تعد هذه الزوايا مؤسسات رسمية ولا تحظى بجهاز مركزي يمكن من خلاله معرفة العدد والجنسيات، لكن الكثير من الدول الأفريقية ما زالت تحرص على إرسال طلبتها إلى الزوايا الدينية في الجزائر لتعلم القرآن والعلوم الشرعية.

تستقبل الزوايا جموعاً من الطلاب الأفارقة (العربي الجديد) 



ويقول المدير المركزي بوزارة الشؤون الدينية الجزائرية، الباحث بومدين بوزيد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عدداً كبيراً من الزوايا تستقبل سنوياً جموعاً من الطلاب الأفارقة الذين يجدون فيها محاضن علمية"، مشيراً إلى أنه "زار قبل فترة زاوية الشيخ بودينار في منطقة تيسمسيلت غربي الجزائر، حيث يدرس بها 100 طالب، بعضهم قدم من بوركينا فاسو"، وأضاف أن "هناك اتفاقية بين وزارة الشؤون الدينية والزاوية التيجانية تسمح لها باستقبال الطلاب الأفارقة، خاصة القادمين من مالي والسنغال"، مشيراً إلى أنّ في هذا الحضور الطلابي الأفريقي ربحاً كبيراً للجزائر.

 
وفي 28 أبريل/نيسان الماضي، زار وفد سنغالي الزاوية التيجانية بقيادة الخليفة العام للطريقة التيجانية في السنغال وغرب أفريقيا، الشيخ التيجاني عبد اللطيف، للاطلاع على كيفية تدريس الطلاب وظروف إقامتهم، بهدف إرسال مزيد منهم إلى الزاوية لتلقي أصول الدين والعلوم الشرعية.

تلقي أصول الدين والعلوم الشرعية (العربي الجديد)
دلالات
المساهمون