زهران علوش والنفاق السياسي

26 يونيو 2015
+ الخط -
زهران علوش للأميركيين: نتعهد بالديمقراطية، زهران علوش للسوريين: الديمقراطية تحت قدميّ هاتين.
هكذا هو علوش اليوم، يحاول أن يواكب النفاق السياسي، سواء كان مجبراً على ذلك، أم أنه يريد أن يواكب الردح السياسي الحاصل في المنطقة، لكي تمشي الأمور لصالحه، ولصالح السوريين، كما يدّعي. إنه يرى أن خروجه من الغوطة المحاصرة بفكي الأسد وعلوش على أبنائها فرصة ذهبية لبناء ثقة مع من كان يراهم منافقين ومخادعين.
علوش اليوم ليس كما الأمس، فهو أبدى استعداده أيضاً عن التخلي عن العلم الأسود ورفع علم الثورة. بات يدرك أنه سيكون خارج اللعبة إن إستمر في دعس الديمقراطية وحمل أعلام سوداء إرهابية، كما يراها الأميركيون والعالم. وطبعاً، كلنا يريد علم الثورة يرفرف وحيداً بين كل هذه الرايات التي نراها اليوم في سورية، لكن علوش قد فطن، أخيراً، وبعد نحو أربع سنوات من حمله للراية السوداء، أن علم الثورة هو الصحيح، وفطن الآن أن الديمقراطية يجب أن تكون موجودة بين جميع السوريين، لا تحت أقدامه، وربما الأكثر حيرة عندما قال إن العلويين جزء من النسيج السوري، ولهم الحق في العيش المشترك مع كل السوريين، لينسى أو يحاول أن يُنسي من سمع منه عما كان يقوله في الغوطة عنهم.
طبعاً، كلنا يرحب بتغيير علوش أفكاره التي كانت ظلامية، وكان يمررها كل يوم، وعلى مدار سنوات، لأبناء الغوطة ولمقاتليه الأشداء في جيش الإسلام، لكن الجميع يشعر أنه يغيرها من أجل إرضاء الأميركي فقط، فبات بعضهم يرونه منافقاً من الطراز الرفيع، كونه يتكلم في الداخل عكس ما يقوله في الخارج.
فكيف لك الآن، يا علوش، أن تقنع من معك من أبناء الغوطة بأفكارك الجديدة، أم أنك ستبقى تقدم لهم جولات من النفاق السياسي الداخلي تارة، وجولات أخرى من النفاق السياسي الخارجي، تارة أخرى.
إذاً، كيف لنا الآن أن نصدق كل ما تقوله؟ فلم نعد نعلم ما تريد أن توصله، ولم نعد نثق بك، وبكلامك الذي قد تبدله في أية لحظة. ولا ننسى كم مر من الأيام والسنوات، وأنت قابع في الغوطة، لا تتحرك بإتجاه العاصمة دمشق، فقط تقدم في ريفها عروضاً عسكرية احتفالية.
لم يقدم جيش الفتح عروضاً عسكرية للمشاهدة، بل قدم عروضاً عسكرية قتالية حقيقية، وسطر هؤلاء الثوار مع قادتهم أروع العروض، بتحريرهم إدلب وجسر الشغور وغيرها من المناطق، وهم مازالوا في تقدم، وأنت لازلت تتلاعب بالكلام، وتحاول لعب دور الذكي المحنك.
لا تنسى، يا علوش، أن ثورة الشعب السوري كشفت خداع كثيرين. فإن كانت نياتك صادقة فلتتحرك بإتجاه العاصمة، وأرنا تلك العروض العسكرية القتالية في قلب دمشق وفي ساحاتها، وواجه نظام الأسد.
يكفيك كلاماً ويكفينا عروضاً منك، فأنت لم تقدم شيئاً أبدًا على جبهات القتال سوى مزيد من الحصار على الغوطة التي خرجت منها، والدواء لا يدخل لأبنائها.
ربما أيامك قد تكون معدوده كالأسد تماماً اليوم، بأمر من الشعب السوري الحر، فمن يخذل أحرار سورية، ويكون مساهماً في قتلهم وضياع فرص سابقة لدخول دمشق فسيسقط حتماً. فإما أن تثبت أنك قادر على تحريك مقاتليك لدخول العاصمة، أو أنك ستُعزل من منصبك، فلا نريد دجالاً آخر كالأسد.
جعلك خروجك من الغوطة تتكشف أمام الجميع بأنك تحاول الحصول على السلطة فقط، ولتكون السيد الأول في دمشق بعد سقوط الأسد، والذي ربما سيسقط بسواعد جيش الفتح وغيره من الفصائل المقاتلة، وأنت ما تزال تقدم لنا عروضاً عسكرية للمشاهدة فقط، وكلاماً سياسياً معسولاً وديمقراطياً للحصول على السلطة التي تريدها. فلا عجب أن نراك، بعد فترة، حليق الذقن ناعم البشرة، لترضي الأميركيين قبل غيرهم.





avata
avata
رائد الجندي (سورية)
رائد الجندي (سورية)