هدّد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الولايات المتحدة، اليوم الإثنين، بأنّ هناك "زراً نووياً" على مكتبه جاهزا للاستخدام، إذا تعرّضت بلاده للتهديد، لكنّه لوّح بغصن الزيتون لكوريا الجنوبية، قائلاً إنّه "منفتح على الحوار" مع سيول.
وبعد عام من التصريحات النارية وتصاعد التوتر، بسبب برنامج الأسلحة النووية في كوريا الشمالية، استغلّ كيم كلمته بمناسبة العام الجديد، للدعوة إلى الحدّ من التوترات العسكرية على شبه الجزيرة الكورية، وتحسين العلاقات مع الجنوب.
وقال كيم "وبالنسبة للعلاقات بين الشمال والجنوب علينا الحد من التوترات العسكرية على شبه الجزيرة الكورية لخلق بيئة سلمية. على الشمال والجنوب بذل الجهود".
وأضاف كيم أنّه سيبحث إرسال بعثة إلى دورة الألعاب الأولمبية التي ستقام في مدينة بيونغتشانغ بكوريا الجنوبية، في فبراير/شباط المقبل.
وقال إنّ "مشاركة كوريا الشمالية في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية ستكون فرصة جيّدة لإظهار وحدة الشعب ونتمنّى النجاح للألعاب. ربما يجتمع مسؤولون من الكوريتين على وجه السرعة لمناقشة إمكانية ذلك".
وكان رئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن، قد ذكر أنّ مشاركة كوريا الشمالية في الأولمبياد الشتوي، ستضمن الأمن للدورة، واقترح، الشهر الماضي، أن تؤجل سيول وواشنطن مناورات عسكرية كبيرة إلى ما بعد دورة الألعاب، بعدما وصف الشمال المناورات بأنّها استعداد للحرب.
وبدلاً من تشجيع الإجراءات الأميركية "التي تهدّد الأمن والسلام على شبه الجزيرة الكورية"، قال كيم، في كلمته التي نقلها التلفزيون، إنّه يتعيّن على سيول الاستجابة للمبادرات التي يقدّمها الشمال.
وذكر متحدّث باسم مكتب رئيس كوريا الجنوبية، أنّ سيول ما زالت تدرس كلمة الزعيم الكوري الشمالي، بمناسبة العام الجديد.
واختبرت كوريا الشمالية، صواريخ باليستية عابرة للقارات، وأجرت سادس وأقوى تجاربها النووية، في سبتمبر/ أيلول الماضي، في تحدّ للتحذيرات والعقوبات الدولية، مما أثار مخاوف من صراع جديد على شبه الجزيرة الكورية.
وكان كيم جونغ أون، قد أعلن، في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، استكمال القوة النووية لبلاده، بعدما اختبرت بيونغ يانغ ما وصفته بأنّه أقوى صواريخها الباليستية العابرة للقارات، ويمكنه توصيل رأس حربي لأي مكان في البرّ الرئيسي الأميركي.
وشدّد كيم، في كلمته، على أنّ الشمال حقّق هدفه بأن يصبح دولة نووية، وبأنّ برامجه للتسلّح دفاعية. وتابع كيم "يجب أن نظل مستعدين لشن هجمات نووية مضادة فورية ضد مخططات معادية لشن حرب نووية".
وقال إنّه "يجب أن نركّز هذا العام على إنتاج كميات كبيرة من الرؤوس الحربية النووية والصواريخ الباليستية... هذه الأسلحة لن تستخدم إلا إذا كان أمننا مهدّداً". وأضاف أنّ هذا الأمر سيجعل الولايات المتحدة غير قادرة مطلقاً على المبادرة بشنّ حرب على كوريا الشمالية.
وتابع "الولايات المتحدة بأسرها تقع في مرمى أسلحتنا النووية، والزّر النووي دائماً على مكتبي وهذا واقع وليس تهديداً". لكنّه قال "لن تستخدم هذه الأسلحة إلا إذا كان أمننا مهدّداً".
"سنرى... سنرى"
ولم تردّ وزارة الخارجية الأميركية، على طلب تعقيب على كلمة كيم جونغ أون. ورداً على طلبات الصحافيين التعليق على كلمة كيم، اكتفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقول "سنرى .. سنرى"، بينما كان في طريقه لحضور احتفال بليلة رأس السنة، في منتجعه في مار ألاغو بولاية فلوريدا.
وتأتي التصريحات الجديدة للزعيم الكوري الشمالي، في الوقت الذي حذّر فيه مسؤول عسكري أميركي سابق، من أنّ الولايات المتحدة "لم تكن يوماً قريبة إلى هذا الحد" من حرب نووية مع كوريا الشمالية.
وأوضح رئيس أركان الجيش الأميركي الأسبق مايك مولن، في مقابلة مع شبكة "إي بي سي"، أنّ رئاسة ترامب "مزعزعة للاستقرار بشكل كبير، ولا يمكن التكّهن أبداً بما ستقوم به".
وقال مولن الذي تولّى منصبه إبّان رئاستي جورج بوش وباراك أوباما، في المقابلة، أمس الأحد، "لم نكن برأيي يوماً قريبين إلى هذا الحدّ من حرب نووية مع كوريا الشمالية وفي المنطقة"، مضيفاً "لا أرى كيف يمكن حلّ كل هذه المسائل بالسبل الدبلوماسية في هذه المرحلة".
ولطالما ردّ ترامب على العمليات العسكرية الكورية الشمالية، بسلسلة من التهديدات، متوعداً، أمام الأمم المتحدة، كوريا الشمالية، بـ"تدمير تام" في حال شنّها هجوماً، وبسيل من الانتقادات إلى كيم جونغ أون نفسه إذ وصفه بـ"رجل الصاروخ".
ويرى بعض الخبراء، أنّ هذه المبالغة في الإهانات والتهديدات، ربما تأتي بنتيجة عكسية، إذ تشجع بيونغ يانغ في هروبها إلى الأمام، خصوصاً أنّ الشمال يبرّر طموحاته النووية بالتهديد الأميركي.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة دونغوك كوه يو هوان، لـ"فرانس برس"، أنّ خطر شنّ ضربة وقائية أميركية "أكبر من أي وقت مضى"، وكيم يريد عبر مدّ اليد التخلي عن "المواجهة لصالح التعايش السلمي مع الولايات المتحدة".
وتابع "عندما يقول إنّ الزر النووي موجود على مكتبه، فهو يلمّح إلى أنّه ليس بحاجة إلى إجراء تجارب نووية أو لصواريخ باليستية في المستقبل القريب"، حتى لو أنّه يريد تطوير "قدرات شاملة للرد النووي".
وكان مجلس الأمن الدولي، قد فرض، الأسبوع الماضي، عقوبات جديدة على كوريا الشمالية ترمي إلى الحد من وارداتها النفطية الحيوية لبرنامجيها الصاروخي والنووي. وتبنّى المجلس بإجماع أعضائه الـ15، مشروع القرار الأميركي الذي ينصّ أيضاً على إعادة الكوريين الشماليين العاملين في الخارج إلى بلدهم، والذين يشكّلون مصدر دخل رئيسياً لنظام كيم جونغ أون.
(رويترز, فرانس برس)