زحام معمول بطعم الثورة

13 يوليو 2017

ليلى علوي.. حركة ثورية طائشة

+ الخط -
في حركة ثوريةٍ طائشةٍ في 30/6 لسنة 2013، قفزت الممثلة ليلى علوي قفزةً غير محسوبة، فوق نجيل ميدان التحرير في القاهرة وسط ثلاثة وزراء داخلية مصريين، اثنان منهم سابقان، والثالث، وهو محمد إبراهيم، في الخدمة، وهذه بالطبع من نوادر جحا المصري (طبعة 2013) أن يكون وزير داخلية النظام ضلعا في الثورة مع اثنين سابقين.
أعجوبةٌ ثوريةُ بالطبع، تخطت الروس والفرنسيين، بفضل خفة دم جحا. المهم أن قدم ليلى علوي انثنت، سواء من جرّاء القفزة الثورية الجريئة، أو من الكعب العالي، فارتجّ الميدان، وارتبك حشيشه، وتم تدارك الموقف، وسط الجموع الثورية، تصويرا وحزنا وأسفا على القدم الشريفة التي تغبّرت في ثورة بيضاء، خرجت بعد غروب الشمس وفناجين القهوة، من على مقاهي وسط البلد، وذلك بأن تكفلت النخبة بحمل الثائرة ليلى علوي على الأعناق والأكف والأهداب، حتى تكتمل الثورة المعمولة مساءً بالمذابح فيما بعد، بعدما حصلت على التفويض بالدم.
صحيح أن هناك حركاتٍ خفيفة الظل، من بعض الضباط (كي لا ننسى جحا) في مساء هذه الثورة المعمولة، مثل أن يحرّك الضباط أصابع أكفهم الوسطى، كي يغيظوا الخصوم، أما عن الرقص على (تسلم الأيادي) المطبوخة في معامل رجب للكلمات والألحان، فحدّث ولا حرج، كما يحدث في الموالد والزار، وما شابه.
بالطبع، لم تر الممثلة ليلى علوي هذه الحركات قليلة الأدب من الأصابع الوسطى للضباط، والتي سيعاقب عليها القانون فيما بعد الحقوقي خالد علي. يعني الحركات بأصابع الضباط بمثابة التسبيح الثوري، وبأصابع خالد علي تعد إهانة. سبحان الله. المهم أن أطباء عظاما من كل جامعات مصر تطوّعوا لعلاج (القدم الثورية). وكتب بعض شعراء العامية قصائدهم في القدم، وبعض هؤلاء الشعراء منحوا جائزة ساويرس الثورية أيضا. وبالطبع، قطع المخرج مجدي أحمد علي رحلته إلى السنغال، للاطمئنان بنفسه على القدم. أما المخرج خالد يوسف، فاعتبر أن دماء الممثلين والممثلات قد امتزجت بدماء الفقراء والبسطاء من ثوار يناير في 2011، لتشكل الدماء جميعا قوس قزح لثورتين متشابكتين، وأمّن على كلامه الصحافي إبراهيم عيسى، جاعلا من برنامجه القنبلة القادمة (25 – 30)، والآن إبراهيم عيسى مُنع من الظهور حتى في قناة اقرأ. سبحان الله.
في الصباح، سأل حازم الببلاوي وحسام عيسى والشيخ مظهر شاهين عن سلامة قدم ليلى علوي. وكانت خطبة الشيخ مظهر عن ذوبان كل عناصر الأمة ونخبتها في ثورةٍ مجيدة، وكأنها جمّعت ما بين فقراء مكة ووجهاء المدينة في سيمفونية مسائية على نيل مصر الخالد. وبالطبع، عمّق الشيخ محمد عبدالله، الشهير بالشيخ ميزو، فكرة الشيخ مظهر شاهين في برنامج مسائي، وتلامس مع فقراء علي، كرم الله وجهه، ما بين مكة والمدينة والبصرة، وزاد الدكتور رفعت السعيد توغلا في الفكرة، وتقعيرا اشتراكيا بطبيعة الحال لهذه الجموع. وهنا، تدخل دكتور جابر عصفور ملهما الزعيم أفكاره، حرصا على المكتسبات الثورية، قائلا: لا مانع من ممارسة المكارثية في الشهور والسنوات المقبلة، حفاظا على المكتسبات الشعبية من الانهيار.
المضحك أن الشيخ ميزو الآن في السجن، بتهمة ازدراء الأديان. فهل نحن في انتظار بعض الفصول المضحكة الأخرى بعد سنة أو أكثر؟ مثل الدكتور حازم عبد العظيم مثلا، زعيم موقعة الطوبة أمام مقر جماعة الإخوان المسلمين، وقد صار الآن معارضا للنظام، ويرميه بالسهام في كل تصريح، أو توفيق عكاشة بعدما أصابته الجلطة، شفاه الله وأعاده إلى جماهيره المليونية في الميادين، فكيف تقاعست ملايين عكاشة، حتى عن زيارته في مرضه الأخير، فكيف جمع عكاشة الملايين (بحجر الفلاسفة)، وكيف خانته الملايين، وذابت مع الثلج؟
نحن، يا سادة، أمام جحا آخر، يهندس المشهد، ضاحكا من خيمة "الجارية زمردة".
720CD981-79E7-4B4F-BF12-57B05DEFBBB6
عبد الحكيم حيدر

كاتب وروائي مصري