27 سبتمبر 2018
روسيا كإمبريالية
من الواضح أن روسيا عادت إلى أن تفرض نفسها قوة عظمى، وربما أكثر، بعد أن لحظ قادتها التراجع الأميركي، والأزمة التي تطيح اقتصاد الولايات المتحدة، من دون أن تلحظ أن الأزمة هي أزمة الرأسمالية ككل. وهي، في هذا المجال، لا زالت تفكّر انطلاقاً من وضعٍ مضى، أي وضع الرأسمالية التي كانت تتصارع على السيطرة على العالم.
انهارت الاشتراكية لمصلحة نظام رأسمالي، كانت البيروقراطية السوفيتية تعمل على أن تنهب ما كانت تملكه الدولة، والتحوّل إلى شكل مافياوي، يركّز على التوظيف المالي ونهب النفط والغاز والمواد الأولية. وأظهرت الصراعات الأولى أن الأمر يتعلق بالميل الوحشي لدى هذه البيروقراطية لنهب البلد، من دون اهتمامٍ بالشعب وبوضعها العالمي، وبين مؤسسات الدولة التي كانت معنيةً بوضع روسيا العالمي. وهو من أشكال الصراع بين رأسماليةٍ مافياوية عالمثالثية الطابع ورأسماليةٍ، تطمح إلى أن تصبح روسيا قوة عظمى إمبريالية. وكانت مرحلة بوتين هي التي أرست عملية ضبط العلاقة بين الطموح الإمبريالي وهيمنة المافيات عبر "تكسير" بعض هذه المافيا، والتركيز على إعادة بناء الاقتصاد، وتطوير صناعة الأسلحة. ولكن، ظل الاعتماد، في هذه المرحلة، على تصدير النفط والغاز. وعلى الرغم من انهيار الوضع الصناعي بعد التحوّل الرأسمالي، إلا أن روسيا لا زالت دولة صناعية بشكلٍ ما، وتمتلك القدرة الصناعية، وهو ما يظهر في صناعات الأسلحة.
بالتالي، هيمنت الاحتكارات العسكرية النفطية والمالية على السلطة، وباتت تسعى إلى أن تفرض مصالحها عالمياً، فقد باتت دولة إمبريالية، تسعى إلى أن تتوسّع، لكي تسيطر على الأسواق، فهي بحاجة إلى تصدير السلاح، وأيضاً تصدير الرأسمال، على أمل أن يتطور اقتصادها الصناعي، بما يجعلها قادرةً على تصدير السلع. ولا شك في أنها تتقدّم للسيطرة على الأسواق، في عالم رأسمالي يعاني من هيمنةٍ أميركيةٍ أوروبيةٍ يابانية، ومنافسةٍ صينيةٍ قوية، ومن أزمة كسادٍ نتيجة حدَّة التنافس بين الشركات المنتجة للسلع. ولكن، أيضاً من ميل الطغم المالية إلى فرض "سوق عالمي مفتوح"، لكي تمارس عمليات المضاربة بكل حرية. وبالتالي، قدرتها التنافسية أضعف، وما هو ممكن أكثر هو المنافسة في مجال بيع الأسلحة، وفي التحكّم بسوق النفط والغاز، وربما في النشاط المالي المضارب.
هذا الوضع العالمي المسيطر عليه هو الذي كان يُشعر روسيا بأنها محاصرة، وأنه ليس في وسعها التوسع الخارجي. لهذا، بدأت في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، وعملت على تأسيس تحالفاتٍ عالمية مع دول "مختلفة" مع أميركا، أو تريد لعب دور "مستقل"، ولديها طموح عالمي. لكن كل هذه الدول منافسةٌ بشكلٍ ما، مثل الصين والهند والبرازيل. لهذا، كان تراجع وضع أميركا لحظةً مهمةً في محاولة روسيا التقدم بشكل "هجومي"، وحتى بالتدخل العسكري، كما حدث في أوكرانيا وخصوصاً سورية. وظهر في السنوات القليلة السابقة أن روسيا تريد أن تفرض ذاتها قوة مهيمنة، عبر العنف وتخويف العالم من قدراتها العسكرية.
وعلى الرغم من أن الاستراتيجية الأميركية اعتمدت على تحقيق التفاهم مع روسيا، والسعي إلى تقاسم الأسواق، خصوصاً في "الشرق الأوسط"، حيث لم تعد منطقةً أساسية بالنسبة لها، إلا أن "ضعف الثقة" التي تعاني منها روسيا، والخوف من "المؤامرة" (وهذه كلها نتاج أزمتها الاقتصادية)، جعلها تميل إلى القوة. هذا يفسّر دورها في أوكرانيا وفي سورية. وهي تميل إلى أن تفرض مصالحها بالقوة كذلك، وليس وفق مساومات. وهو الأمر الذي يعقد علاقاتها مع أميركا، على الرغم من ميلها القوي إلى التفاهم معها، بالضبط لأنها تريد أن تكون "وريثة" أميركا، أو حليفها في "حكم العالم". ليظهر أن كل تحالفاتها القائمة ما هي إلا "شأن مرحلي"، وأنها تميل إلى فرض عالم أحادي القطب تحت سيطرتها، أو تعيد عالماً يُحكم بـ "رأسين"، ولا تريد عالماً ثنائي القطب.
يشير ذلك كله إلى عدم استقرار العلاقات الدولية، وأنه لا زال هناك "تناقض" (أو بالأدق: عض أصابع) بين كل من أميركا وروسيا.
انهارت الاشتراكية لمصلحة نظام رأسمالي، كانت البيروقراطية السوفيتية تعمل على أن تنهب ما كانت تملكه الدولة، والتحوّل إلى شكل مافياوي، يركّز على التوظيف المالي ونهب النفط والغاز والمواد الأولية. وأظهرت الصراعات الأولى أن الأمر يتعلق بالميل الوحشي لدى هذه البيروقراطية لنهب البلد، من دون اهتمامٍ بالشعب وبوضعها العالمي، وبين مؤسسات الدولة التي كانت معنيةً بوضع روسيا العالمي. وهو من أشكال الصراع بين رأسماليةٍ مافياوية عالمثالثية الطابع ورأسماليةٍ، تطمح إلى أن تصبح روسيا قوة عظمى إمبريالية. وكانت مرحلة بوتين هي التي أرست عملية ضبط العلاقة بين الطموح الإمبريالي وهيمنة المافيات عبر "تكسير" بعض هذه المافيا، والتركيز على إعادة بناء الاقتصاد، وتطوير صناعة الأسلحة. ولكن، ظل الاعتماد، في هذه المرحلة، على تصدير النفط والغاز. وعلى الرغم من انهيار الوضع الصناعي بعد التحوّل الرأسمالي، إلا أن روسيا لا زالت دولة صناعية بشكلٍ ما، وتمتلك القدرة الصناعية، وهو ما يظهر في صناعات الأسلحة.
بالتالي، هيمنت الاحتكارات العسكرية النفطية والمالية على السلطة، وباتت تسعى إلى أن تفرض مصالحها عالمياً، فقد باتت دولة إمبريالية، تسعى إلى أن تتوسّع، لكي تسيطر على الأسواق، فهي بحاجة إلى تصدير السلاح، وأيضاً تصدير الرأسمال، على أمل أن يتطور اقتصادها الصناعي، بما يجعلها قادرةً على تصدير السلع. ولا شك في أنها تتقدّم للسيطرة على الأسواق، في عالم رأسمالي يعاني من هيمنةٍ أميركيةٍ أوروبيةٍ يابانية، ومنافسةٍ صينيةٍ قوية، ومن أزمة كسادٍ نتيجة حدَّة التنافس بين الشركات المنتجة للسلع. ولكن، أيضاً من ميل الطغم المالية إلى فرض "سوق عالمي مفتوح"، لكي تمارس عمليات المضاربة بكل حرية. وبالتالي، قدرتها التنافسية أضعف، وما هو ممكن أكثر هو المنافسة في مجال بيع الأسلحة، وفي التحكّم بسوق النفط والغاز، وربما في النشاط المالي المضارب.
هذا الوضع العالمي المسيطر عليه هو الذي كان يُشعر روسيا بأنها محاصرة، وأنه ليس في وسعها التوسع الخارجي. لهذا، بدأت في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، وعملت على تأسيس تحالفاتٍ عالمية مع دول "مختلفة" مع أميركا، أو تريد لعب دور "مستقل"، ولديها طموح عالمي. لكن كل هذه الدول منافسةٌ بشكلٍ ما، مثل الصين والهند والبرازيل. لهذا، كان تراجع وضع أميركا لحظةً مهمةً في محاولة روسيا التقدم بشكل "هجومي"، وحتى بالتدخل العسكري، كما حدث في أوكرانيا وخصوصاً سورية. وظهر في السنوات القليلة السابقة أن روسيا تريد أن تفرض ذاتها قوة مهيمنة، عبر العنف وتخويف العالم من قدراتها العسكرية.
وعلى الرغم من أن الاستراتيجية الأميركية اعتمدت على تحقيق التفاهم مع روسيا، والسعي إلى تقاسم الأسواق، خصوصاً في "الشرق الأوسط"، حيث لم تعد منطقةً أساسية بالنسبة لها، إلا أن "ضعف الثقة" التي تعاني منها روسيا، والخوف من "المؤامرة" (وهذه كلها نتاج أزمتها الاقتصادية)، جعلها تميل إلى القوة. هذا يفسّر دورها في أوكرانيا وفي سورية. وهي تميل إلى أن تفرض مصالحها بالقوة كذلك، وليس وفق مساومات. وهو الأمر الذي يعقد علاقاتها مع أميركا، على الرغم من ميلها القوي إلى التفاهم معها، بالضبط لأنها تريد أن تكون "وريثة" أميركا، أو حليفها في "حكم العالم". ليظهر أن كل تحالفاتها القائمة ما هي إلا "شأن مرحلي"، وأنها تميل إلى فرض عالم أحادي القطب تحت سيطرتها، أو تعيد عالماً يُحكم بـ "رأسين"، ولا تريد عالماً ثنائي القطب.
يشير ذلك كله إلى عدم استقرار العلاقات الدولية، وأنه لا زال هناك "تناقض" (أو بالأدق: عض أصابع) بين كل من أميركا وروسيا.