تشير التطورات العسكرية والميدانية المتلاحقة في الشمال الغربي من سورية، إلى أن الجانب الروسي والنظام بصدد التحضير لعمل عسكري واسع النطاق يتيح لقوات الأخير توسيع نطاق سيطرتها في ريف إدلب الجنوبي، بعد فشلها في إحداث اختراق في محور تلة الكبينة في ريف اللاذقية الشمالي يساعدها في الوصول إلى ريف إدلب الغربي. وقالت مصادر محلية وناشطون إعلاميون إن طائرات روسية استهدفت قرية المشيرفة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي بأكثر من 15 غارة جوية أمس الخميس. كما طاولت غارات جوية عدة معرة حرمة وأطراف حزارين في ريف إدلب الجنوبي، مع قصف صاروخي مكثف على قُرى الزرزور والفرجة وأم الخلاخيل والهلبة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، بالتزامن مع اشتباكات بين الفصائل المقاتلة التابعة للمعارضة من جهة، وقوات النظام من جهة أخرى، على محور إعجاز والمشيرفة ولويبدة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، انتهت بسيطرة قوات النظام على قرية لويبدة الواقعة على خطوط التماس بين الطرفين.
لكن مصادر في فصائل المعارضة أكدت أن لويبدة التابعة لناحية كفرنبل (36 كيلومتراً جنوب مدينة إدلب) خالية أساساً من الفصائل العسكرية كونها مرصودة نارياً من قبل قوات النظام والتي قامت بزراعة الألغام فيها خلال عمليات الكر والفر بالاشتباكات الماضية بين الطرفين. في غضون ذلك، قصفت طائرات النظام المروحية بالبراميل المتفجرة قرية بسقلا في ريف إدلب الجنوبي، ومحيط مدينة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي. وتدل المؤشرات العسكرية والميدانية على أن الشمال الغربي من سورية مقبل على تصعيد، ربما يفضي إلى عمل عسكري واسع النطاق تتابع خلاله قوات النظام تقدّمها في ريف إدلب الجنوبي للسيطرة على الطريقين الدوليين اللذين يربطان حلب، كبرى مدن الشمال السوري، بالساحل السوري غربي البلاد ومدينة حماة في وسطها والمفضي إلى حمص ومن ثم العاصمة دمشق.
وحاولت قوات النظام ومليشيات موالية لها، إحداث اختراق في ريف اللاذقية الشمالي من خلال السيطرة على تلال عدة، أبرزها تلة الكبينة في جبل الأكراد، إلا أنها فشلت في ذلك، على الرغم من القصف الجوي اليومي من قبل مقاتلات روسية وأخرى تابعة للنظام، إذ تستميت فصائل مقاتلة في الدفاع عن التلة منذ أشهر، فسيطرة قوات النظام عليها تعني فتح الطريق أمامها للتوغل في ريف إدلب الغربي والوصول إلى مدينة جسر الشغور الاستراتيجية التي تعد الهدف الكبير لقوات النظام.
وفي السياق، وثق "فريق منسقو استجابة سورية" أمس الخميس، نتائج التصعيد العسكري لقوات النظام وروسيا على منطقة ريف إدلب الجنوبي والغربي، منذ الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. وبحسب بيان الفريق، فإن عدد القتلى من المدنيين منذ بدء التصعيد العسكري في بداية نوفمبر بلغ 50 مدنياً بينهم 15 طفلاً وطفلة، ليصل عدد الضحايا المدنيين منذ توقيع اتفاق سوتشي في سبتمبر/أيلول من العام الماضي إلى 1538 مدنياً بينهم 424 طفلا. وأشار البيان إلى أن عدد المنشآت والبنى التحتية المتضررة نتيجة التصعيد العسكري بلغت 29 منشأة وسيارتي إسعاف. وأوضح الفريق الذي يضم ناشطين على المستويات كافة في محافظة إدلب، أن ستة من كوادر العمل الإنساني والإعلامي قُتلوا خلال التصعيد العسكري.
في سياق آخر، سيطرت قوات "الجيش الوطني" السوري أمس الخميس، على قرية العريشة في محيط تل تمر بريف الحسكة الشمالي، بعد معارك مع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، وذلك في إطار المعارك التي تدور بين الطرفين في المنطقة منذ أيام. وكانت "قسد" شنت هجوماً مضاداً ضد "الجيش الوطني"، على محوري شمال تل تمر، وجنوب رأس العين، لكنها لم تنجح في وقف تقدّمه، إذ وصل إلى مشارف تل تمر بعد إعلان تركيا استئناف العمليات العسكرية، بسبب عدم التزام "قسد" بالانسحاب من "المنطقة الآمنة" المقرة بموجب تفاهمات تركيا مع الولايات المتحدة وروسيا، وفق ما تقول أنقرة. وكان "الجيش الوطني" قد سيطر، يوم الأربعاء، على مزارع ونقاط عسكرية عدة في محيط بلدة تل تمر بعد مواجهات مع "قسد". وقال متحدث باسم "الجيش الوطني"، إن قواتهم استطاعت تدمير مدفع ثقيل لـ"قسد" قرب بلدة تل تمر، إضافة إلى تدمير غرفة عمليات عسكرية لهم في المنطقة.
وقالت مصادر محلية وناشطون إن الاشتباكات تركزت في المنطقة الواصلة بين بلدة تل تمر وقرية أبو رأسين، بالتزامن مع قصف مدفعي للقوات التركية و"الجيش الوطني" استهدف قريتي الداوودية والعزيزية قرب بلدة تل تمر، ومحاولات تقدم لمقاتلي "الجيش الوطني" إلى القريتين المذكورتين. كما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن اشتباكات عنيفة بين الطرفين على محور يالشي شمالي غرب مدينة منبج بريف حلب الشرقي، مع وصول حشود عسكرية من "قسد" وقوات النظام إلى تخوم القرية.