واستغلت روسيا اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بين النظام والمعارضة في 27 فبراير/شباط الماضي، لسدّ هذا النقص من خلال عناصر سورية "أكثر انضباطاً" داخل قوات النظام. وفي السياق، أشارت الهيئة العامة في مدينة يبرود على موقعها عبر "فيسبوك"، إلى بدء إعادة هيكلة ما يسمى "الدفاع الوطني" في القلمون، بعد شيوع أخبار مفادها بأن الجيش الروسي منزعج من هذه المليشيات غير النظامية الرديفة لجيش النظام.
وتأتي هذه التطورات بعد الإخفاقات المتتالية لهذه المليشيات في دعم القوات النظامية، ما أوصل روسيا إلى قناعة بضرورة حلّها ودمجها مع القوات النظامية من دون الدخول في تماس مباشر مع الإيرانيين الذين أوجدوا تلك الجماعات. وهو الأمر الذي لطالما شكّل مصدر قلق وإزعاج لهم منذ بداية التدخل الروسي المباشر في سورية في 30 سبتمبر/أيلول الماضي.
في هذا السياق، يقول المتحدث باسم الهيئة العامة لمدينة يبرود، أبو الجود القلموني لـ"العربي الجديد"، إنّ "روسيا عملت خلال فترة وجودها في سورية، على ضمّ مليشيات الدفاع الوطني في منطقة القلمون إلى قوات النظام بهدف إشراكها في محاربة المعارضة السورية". ويلفت إلى أنّ الخطوات الروسية تضمنت "صرف راتب شهرَين لعناصر الدفاع الوطني بعد انقطاع خلال الفترة الماضية. وهناك ما يزيد عن 300 عنصر من الدفاع الوطني سجّلوا أسماءهم لإخضاعهم لدورات تدريب تحت إشراف ضباط روس وضمن معسكرات روسية على الأراضي السورية"، وفقاً للقلموني.
اقرأ أيضاً: سورية... موسم ولادة "جيوش" جديدة ببصمات خارجية
ويشير القلموني إلى "تنسيق شامل جرى من قبل ضابط في الجيش الروسي أُوفد من مركز العمليات الروسية في قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية إلى المنطقة"، مبيناً أن "المسؤولين حالياً عن الدفاع الوطني في القلمون هم؛ أبو أنور البرادعي، وسعد زقزق، وأبو لؤي خرنوب". وتتوقع بعض التقارير الصحافية أن يكون عدد عناصر "الدفاع الوطني" قد بلغ 100 ألف تقريباً. وبحسب المتحدث نفسه، فإن "هذه العملية تمّت عبر شخصيات من أبناء المنطقة ومقرّبة من النظامَين السوري والروسي، وأبرزهم رجل الأعمال المعروف، جورج حسواني الذي يحمل الجنسيتَين السورية والروسية"، على حدّ قوله.
في غضون ذلك، يوضح الملازم أول المنشق عن النظام السوري، أبو حسن، لـ"العربي الجديد" أنّ "أسباب حلّ مليشيات الدفاع الوطني تعود إلى تخوّف روسيا من تنامي قوة هذه المليشيات، ومن ولائها المطلق لإيران التي كانت وراء تشكيلها عام 2012 وتمويلها، فضلاً عن انتشار الفساد بشكل كبير في صفوف عناصرها"، على حدّ تعبيره. ويلفت أبو حسن إلى "تخلف عناصر الدفاع الوطني عن الالتحاق بجبهات القتال ضد قوات المعارضة السورية في ريف دمشق، وتنظيم داعش في محيط مدينتَي تدمر ومهين في ريف حمص".
ويرى أبو حسن أنّ روسيا شعرت بخطر هذه الجماعات على النظام بعدما بدأ قسم كبير من عناصرها يعمل منفرداً. ويؤكد الملازم المنشق أنّ "عدداً كبيراً من عناصر الدفاع الوطني تمّ دمجهم وبشكل خاص في صفوف الفرقة الرابعة بجيش الأسد التي يقودها شقيقه الأصغر، ماهر الأسد"، والذي تتردد أنباء غير مؤكدة منذ أيام أنه تم نقله إلى الأركان العامة في الجيش.
وكانت قوات النظام السوري قد أجبرت أهالي منطقة القلمون الغربي على الهجرة قسراً إلى الأراضي اللبنانية ومنطقة الجرود الحدودية، وسط ظروف معيشية قاسية، في حين عمل النظام على تجنيد من بقي منهم تحت مسمى "لجان الدفاع الوطني"، لتكون بمثابة جيش مواز للجيش النظامي.
ومنذ سيطرة النظام على مدن وبلدات القلمون، سارع إلى إحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة، عبر إيجاد مجموعات جديدة يكون ولاؤها الأول للنظام، مقدّماً لها كل التسهيلات والامتيازات للاستيطان فيها من دون النظر إلى تاريخ هذه الجماعات الاجتماعي أو الجنائي.
اقرأ أيضاً المعادلة الأميركية الروسية الجديدة: الأسد باق.. وجوائز ترضية للحلفاء