ويرى الباحث في الشؤون التركية بمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية آمور غادجييف، أن القيادة التركية شددت مواقفها حيال الأزمة السورية، بعد تحقيق حزب "العدالة والتنمية" فوزاً كبيراً في الانتخابات البرلمانية المبكرة، إذ شعرت بأنها سيد الموقف.
ويقول غادجييف لـ"العربي الجديد": "ما حدث اليوم هو سابقة خطيرة لم تكن تتوقعها روسيا. وأرجح أن "يضغط الحلفاء في الناتو على تركيا حتى تعتذر، وفي هذه الحالة قد تعود العلاقات مع روسيا إلى طبيعتها".
ويشير الباحث إلى أن تركيا التي تعتبر ثاني أكبر مشتر للغاز الروسي بعد ألمانيا، تحتاج إلى مشروع "السيل التركي"، لأنه سيتيح لها أن تصبح بلد عبور لنقل الغاز إلى أوروبا. ويضيف: "لكن روسيا هي التي ستملي الآن شروطها لتحقيق المشروع".
وقال بوتين خلال استقباله العاهل الأردني عبد الله الثاني، في منتجع "سوتشي" على البحر الأسود: "تعود خسارة اليوم إلى طعنة وجهها أعوان الإرهاب في ظهرنا". وأضاف: "رصدنا منذ زمن طويل أن كميات كبيرة من النفط ومنتجاته تدخل الأراضي التركية من المناطق التي يسيطر عليها "داعش". تأتي من هنا تغذية مالية كبيرة للعصابات".
وبذلك اتهم بوتين تركيا لأول مرة بشكل علني بدعم تنظيم "الدولة الإسلامية"، وعلق على توجه الجانب التركي إلى شركائه في حلف الناتو لمناقشة الحادثة، متسائلاً: "هل يريدون توظيف الناتو لخدمة داعش؟".
وسارعت بعض الشركات السياحية الروسية لوقف حجز الرحلات إلى تركيا، تحسباً لإعلان حظر الرحلات الجوية، مستخلصة دروساً من وقف الرحلات إلى مصر، الأمر الذي تسبب لقطاع السياحة الخارجية الروسية بخسائر مباشرة قدرت بمئات ملايين الدولارات.
وتعتبر تركيا من أهم الوجهات السياحية الخارجية الروسية، إذ زار قرابة 3.3 ملايين سائح روسي تركيا في عام 2014، وذلك إلى جانب أكثر من مليون في النصف الأول من العام الجاري.
وتزيد حادثة الطائرة من تساؤلات حول مصير المشاريع الاقتصادية المشتركة بين روسيا وتركيا، وفي مقدمتها مشروع خط نقل أنابيب الغاز "السيل التركي" الذي كان من المقرر استكمال المحادثات بشأنه بعد تشكيل الحكومة التركية.
واستدعت وزارة الدفاع الروسية الملحق العسكري التركي في روسيا على خلفية الحادثة، ووصفت الهجوم بأنه كان "خطوة غير ودية".
وألغى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، زيارته إلى إسطنبول التي كان من المقرر أن يقوم بها يوم غد الأربعاء، وأوصى المواطنين الروس بعدم السفر إلى تركيا. وقال لافروف إن "مظاهر الإرهاب على الأراضي التركية، حسب تقديراتنا، لا تقل عن مصر".
وأشار لافروف إلى أن تنامي خطر الإرهاب في تركيا، لا يتعلق بحادثة الطائرة العسكرية الروسية.
وفي تلك الأثناء، تعالت في البرلمان الروسي الأصوات المطالبة بتعليق كافة الاتصالات الحكومية مع أنقرة "حتى أوقات أفضل"، ووقف حركة النقل الجوي مع تركيا.
اقرأ أيضا: لافروف يلغي زيارة لتركيا ....والدفاع الروسية تتخذ "سلسلة إجراءات"
وكانت طائرة "إف-16" التابعة لسلاح الجو التركي قد أسقطت طائرة "سو-24" بواسطة صاروخ من فئة جو - جو صباح اليوم. واتهمت تركيا روسيا بانتهاك مجالها الجوي، بينما نفت موسكو ذلك، مشددة على أن الطائرة كانت تحلق فوق الأراضي السورية. ورغم أن تقارير أولية أشارت إلى مقتل أحد الطيارين وأسر الثاني من قبل المعارضة السورية، إلا أن روسيا لم تؤكد ذلك بشكل رسمي حتى الآن.
وازدادت حدة الخلافات السياسية بين موسكو وأنقرة منذ بدء التدخل الروسي المباشر في سورية في 30 سبتمبر/أيلول الماضي لاسيما بعد حوادث انتهاك الطيران الروسي المجال الجوي التركي، كما حذرت تركيا روسيا من التعاون مع أكراد سورية، ووجهت إليها قبل أيام اتهامات بقصف قرى تركمانية شمالي سورية. إلا أن التصعيد اقتصر على تصريحات شديدة اللهجة واستدعاء السفير الروسي لدى تركيا، قبل أن يدخل مرحلة جديدة اليوم.
اقرأ أيضا: الائتلاف السوري: إسقاط الطائرة الروسية نتيجة عنجهية موسكو