تتجه روسيا إلى بيع عدد من الشركات الحكومية الكبرى، من بينها "روس نفط" و"باش نفط"، في إطار برنامج للخصخصة يهدف إلى التخفف من الأعباء التي ألقتها أزمة تهاوي أسعار النفط على الأوضاع المالية للبلاد.
وتلاشت آمال روسيا في عودة أسعار النفط إلى مستويات 50 دولاراً للبرميل خلال العام الجاري، وهو الرقم الذي تم وضع الميزانية الحالية انطلاقا منه.
وبحسب وكالة "إر بي كا" الروسية للأنباء الاقتصادية، أصدرت الحكومة الروسية قراراً ببدء الإجراءات التمهيدية لخصخصة شركة "روس نفط"، أكبر شركة نفط في روسيا، على أن يشرع المستشارون في تقييم 19.5% من أسهمها لبيعها لصالح "مستثمر استراتيجي".
وتملك الحكومة الروسية 69.5% من أسهم "روس نفط" من خلال شركة "روس نفط غاز" المملوكة للدولة بنسبة 100%، كما تملك شركة "بي بي" البريطانية 19.75% من الأسهم، ويملك أشخاص طبيعيون، بمن فيهم مديرو الشركة، أقل من 1%، بينما يجري تداول باقي الأسهم في بورصتي موسكو ولندن.
وبذلك، ستحتفظ الحكومة بالحصة المسيطرة في الشركة بعد بيع 19.5% من أسهمهما، وذلك وفقا لشروط الخصخصة التي حددها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قبل نحو شهر.
وقدر خبراء قيمة بيع أسهم "روس نفط" المراد خصخصتها بما يتراوح بين 8.5 و9.5 مليارات دولار، أي بزيادة نسبتها ما بين 10% و25% مقارنة بقيمتها السوقية في البورصة.
في السياق ذاته، أعدت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية مشروع مرسوم رئاسي يقضي بتعديل قائمة الشركات الاستراتيجية وخفض حصة الدولة في شركة "باش نفط"، سادس أكبر شركة نفط في روسيا من حيث حجم الإنتاج، من 50.08 % إلى 0%، مع احتفاظها بـ"السهم الذهبي" الذي يمنح "حق الفيتو" على أي قرارات.
وبدورها، تنوي إدارة إقليم بشكيريا الاحتفاظ بحصتها في "باش نفط" والبالغة 25% + سهم واحد.
اقرأ أيضاً: روسيا تبحث خصخصة شركات عملاقة لإنقاذ اقتصادها
ونقلت "إر بي كا" عن مصدر مقرب من أحد المشترين المحتملين أن الحكومة تعتزم بيع الحصة المسيطرة في "باش نفط" مقابل سعر يزيد بنحو 30% عن قيمتها السوقية في بورصة موسكو، أي حوالى 3.5 مليارات دولار. وعلاوة على ذلك، قد يثير احتفاظ الحكومة بـ"حق الفيتو" مخاوف المستثمرين المحتملين.
وكان وزير التنمية الاقتصادية الروسي، أليكسي أوليوكايف، قد أعلن أن روسيا ستبدأ تنفيذ برنامج الخصخصة بشركتي النفط "روس نفط" و"باش نفط"، بالإضافة إلى شركة "ألروسا" التي تعتبر أكبر شركة منتجة للألماس في العالم.
وبدأ بالفعل العمل التمهيدي على خصخصة 18.9% من أسهم "ألروسا"، وفق ما نقلته وكالة "إنترفاكس" عن مصادر في الحكومة الروسية.
وسبق لبوتين أن حدد، في مطلع فبراير/شباط الماضي، شروط خصخصة شركات القطاع العام التي تتلخص في أن تكون الصفقات "شفافة"، وعدم بيع الأسهم مقابل أسعار منخفضة، واحتفاظ الدولة بالحصص المسيطرة في الشركات الاستراتيجية.
واعتبر خبراء الاقتصاد الشروط التي حددها بوتين متعارضة بين بعضهما البعض، لاسيما فيما يتعلق بدوافع المستثمرين في حال احتفاظ الدولة بالحصص المسيطرة، كما يثير توقيت بدء برنامج الخصخصة بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها روسيا، تساؤلات حول مدى جدواه.
ويرى ياكوف ميركين، رئيس قسم أسواق رؤوس الأموال الدولية بمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن الأزمة ليست أفضل توقيت للخصخصة، نظرا لتراجع قيمة الأصول.
ويقول لـ"العربي الجديد": "الأصول رخيصة، وبذلك لن تسد إيرادات بيع ممتلكات الدولة عجز الموازنة".
ويحذر ميركين من تكرار "الأوكازيونات الكبرى" التي شهدتها روسيا في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، مشددا على ضرورة إجراء "خصخصة شعبية لصالح الطبقة الوسطى وليس الملاك الكبار".
وعلى مدى السنوات الأخيرة، تحدثت الحكومة الروسية مرارا عن طرح برنامج خصخصة واسعة النطاق، ولكن الأزمة الاقتصادية الحالية دفعتها إلى الإسراع في تطبيقه هذا العام.
ومن بين الشركات المرشحة للخصخصة إلى جانب "روس نفط" و"باش نفط" و"ألروسا"، شركة "السكك الحديدية الروسية" والناقل القومي "أيروفلوت"، وثاني أكبر مصرف في روسيا "في تي بي"، وذلك بعد استبعاد بوتين احتمال خصخصة "سبيربنك"، أكبر مصارف روسيا، على المدى القصير والمتوسط.
اقرأ أيضاً:
خطة روسية لمواجهة الأزمة الاقتصادية بتكلفة 11 مليار دولار
"فيتش" تتوقع انكماش الاقتصاد الروسي في 2016