ترأس رافيل عين الدين، رئيس الإدارة الدينية، والمفتي العام لمسلمي روسيا، الاحتفال الكبير الذي نظّمته الإدارة ومجلس المفتين الروسي في ذكرى المولد النبوي الشريف، الذي أقيم في أكبر صالة للاحتفالات في البلاد، برعاية الخطوط الجوية التركية، وشركات سياحية.
وتزامن احتفال العام الحالي مع حدثين هامين: عرض شعيرات من رأس الرسول محمد (ص) كأمانة لدى مجلس المفتين (وهي مملوكة لدار الإفتاء في جمهورية داغستان، ذاتية الحكم ضمن الاتحاد الروسي)، وهبها لهم رجل أعمال داغستاني، سمح لدارالإفتاء في بلده بعرضها ونقلها إلى مناطق تجمعات المسلمين في روسيا، "ليتمكن المسلمون من التبرك بها ومشاهدتها"... إضافة إلى تزايد الحملة المغرضة ضدّ الإسلام والمسلمين بعد العملية الإرهابية في باريس، ونشر العديد من الصحف الغربية صوراً مسيئة للرسول الأكرم تحت شعارات حريّة الرأي.
وتمكّن المعنيون بالاحتفال من حشد حضور جماهيري كبير قدر بنحو سبعة آلاف شخص، وحظيت الفعالية بدعم كبير من القيادة والحكومة الروسية، التي دأبت على اعتبار أنّ حرية الكلمة ليست مطلقة، وأنّها يجب أن تقف عند حدود الإساءة إلى الآخرين أو المسّ بمعتقداتهم الدينية.
وألقى المفتي عين الدين كلمة رحبت بالحضور، وباركت للأمة الإسلامية بالمولد النبوي الشريف وحيّت ضيوف الحفل، ومنهم: مسؤول الشؤون الدينية في جهاز الرئاسة الروسي، وممثلون عن وزارة الداخلية، وأعضاء من حكومة موسكو، وممثلون عن الإدارة الدينية في المناطق الروسية ذات الأغلبية المسلمة، وأعضاء من السلك الدبلوماسي العربي والإسلامي.
وتلا عين الدين رسائل من رؤساء جمهوريات تترستان وداغستان وأنغوشيا، تضمنت مباركة للشعوب الإسلامية بالمولد النبوي، مشيراً إلى وجود شعرات من رأس الرسول الأكرم في قاعة الاحتفال.
وأضاف: "إن أيّ شيء يخصّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، له قدسيته، ووجوده بيننا اليوم دليل على ارتباطنا وحبّنا للنبي، الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى قبل قرون، وتربطنا به آثاره الكريمة ورسالته التي أوحى بها الله إليه وجعله صفيه وحبيبه وشفيعه".
وتطرّق عين الدين إلى العملية الإرهابية البشعة التي حدثت في باريس، مؤكّدا أنّ كلّ المسلمين يشجبون أيّ عمل إرهابي، مهما كان مصدره، ومهما كان الهدف الذي نفّذ من أجله، فالإسلام دين المحبّة والسلام، وقد حضّنا الله تعالى ورسوله الكريم على السلام والمحبة، فالإيمان برسل الله، ركن من أركان الإيمان لدى المسلمين".
وأكد المفتي أنه "لا يجوز بأيّ حال المسّ برسولنا الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم، تحت شعار حرية الكلمة، ولن نسمح لأحد بإهانة نبيّنا محمد، كما لن نسمح للإرهاب أن يكون أسلوب الردّ على ذلك".
واستحضر النمط الروسي في التعايش السلمي، مؤكداً أنّ روسيا "بلد متعدد القوميات والأديان، ولا وجود فيه للكراهية الدينية، حيث يمنع القانون المساس بالمشاعر الدينية والإساءة إلى معتقدات الآخرين، يترافق ذلك مع قانون حرية العبادة الذي أُقر في روسيا سنة 1995".
هذا وتضمنت فقرات الحفل عروض فيديو تتحدث عن حياة خمسة من الأنبياء هم: آدم وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد، ولقطات مصوّرة عن معجزات الله في خلقه، كما أدّى المنشد ماهر زين وصلة من الأناشيد الدينية، فيما قدّمت فرقة أطفال من تترستان عدداً من الأغنيات.
وتمّ في الحفل تكريم صحافيين شاركوا في احتفالات وفعالية سابقة للإدارة الدينية لمسلمي روسيا، كما وزّعت جوائز على أرقام فائزة لمقاعد من الحضور، وفازت خمسة أرقام برحلات عمرة إلى بيت الله الحرام في مكّة المكرّمة.