روسيات يتزوجن من عرب

10 اغسطس 2017
استقبلت مصر كثيراً من السائحين الروس (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
لا يندم شريف، وهو مصري في بداية الأربعينيات من عمره، على زواجه من فتاة روسية قبل أكثر من 15 عاماً. يعتبر أنّ نجاح علاقته يعود إلى الاتفاق المسبق على مختلف النقاط الجوهرية مثل الديانة وتربية الأبناء وطريقة لبس الزوجة وغير ذلك. يقول شريف الذي يقيم في موسكو مع زوجته الروسية لـ"العربي الجديد": "نظراً للاختلافات الثقافية بين شاب شرقي مسلم وفتاة مسيحية غربية، يجب الاتفاق على كلّ النقاط الجوهرية قبل الزواج، وإلاّ ستحدث كارثة وتتحول حياتك إلى كابوس".

يضرب شريف أمثلة على النقاط التي قد تتسبب في خلاف بعد الزواج: "إذا لم تبدِ الزوجة استعداداً لاعتناق الإسلام، فمن الأفضل عدم الزواج منها على الإطلاق، لكن في حال المشاعر القوية التي تحتم الزواج بالرغم من ذلك، لا بدّ من الاتفاق على مسائل اللبس وتناول الخمور ولحم الخنزير مسبقاً".

حول إيجابيات الزواج من امرأة روسية أو غربية بشكل عام، يضيف: "يفتح هذا النوع من الزواج مجالاً لتعلم لغة جديدة والحصول على أوراق وجنسية دولة أخرى، وهو أمر قد يكون حاسماً في حياتك في حال قررت السفر، كما تجد في جوارك امرأة جميلة ومثقفة". يتابع: "صحيح أنّ هذا النوع من النساء موجود في مصر أيضاً، لكنّه يقتصر على الشريحة الغنية المتعلمة جداً، بينما في روسيا حتى امرأة متوسطة الحال يكون لها اطلاع على العالم والثقافات الأخرى".

أما في ما يتعلق بتربية الأطفال في أسرة مختلطة، فيقول شريف، وهو أب لطفلين: "يجب الاتفاق على ديانة الأطفال قبل الزواج حتى يؤدوا الصلاة ويصوموا رمضان بعد بلوغهم سن الرشد، وفي هذه الحالة سيسعد الأب في حياته".

في حال كان الشاب ملتزماً دينياً، لا ينصحه شريف بالزواج من فتاة لا تريد حتى القراءة عن الإسلام بل يزعجها أداؤه الصلاة، وتحب السهر والملاهي الليلية وغيرها. وعلى صعيد الحياة اليومية، يرى أنّها تتوقف على شخصية الزوجين، وليس على الجنسية.

مع زيادة حركة السياحة الخارجية من روسيا وسط تصدر تركيا ومصر قائمة الوجهات المفضلة لدى الروس، تكونت آلاف من العائلات المختلطة بين رجال من ثقافة شرقية محافظة ونساء من الثقافة الروسية الأقرب إلى العقلية الغربية. ولمّا كانت معظم حالات التعارف تحدث أثناء الإجازات، فإنّ العديد من أزواج الروسيات هم من العاملين في قطاع السياحة، وبعد الزواج، تنتقل الزوجات للعيش معهم في المدن السياحية بحثاً عن الاندماج في وطن جديد بالترافق مع الحنين إلى روسيا.

يكاترينا امرأة روسية في منتصف الثلاثينيات. بعد مرور عشر سنوات على الزواج من رجل مصري، تؤكد أنّ المشاعر هي مفتاح نجاح العلاقة وليست الجنسية. تقول يكاترينا لـ"العربي الجديد" من مدينة الغردقة المطلة على ساحل البحر الأحمر في مصر: "يدفع الحبّ الزوجين إلى حماية أحدهما الآخر، والتعامل بصبر وتفهّم. أعتقد أنّ مثل هذه الأمور مهمة في أيّ أسرة، ولم أرَ يوماً شيئاً غير اعتيادي في زواجي. يعود كلّ شيء إلى الشخص بعينه، بينما أعتبر العقلية والخصائص القومية، أمراً ثانوياً". وحول تجربتها الشخصية، تضيف: "بالطبع، اضطررت إلى قبول أمور كثيرة وأن أغيّر من نفسي وأتكيّف، لكنّني كنت مستعدة لذلك من أجل شخص أحببته".

تنصح يكاترينا الشبان العرب الذين قرروا الارتباط بفتيات روسيات إبداء قدر من التسامح مع اختلاف الثقافة والعقلية، والاستعداد لتغيير أنفسهم من دون انتظار ذلك من طرف الفتاة وحدها، وتتابع في السياق نفسه: "إذا كانت الأسرة تقيم في مصر، فيجب شرح طبيعة الحياة هنا ولماذا يجب الالتزام بالعادات والتقاليد. يجب أن يفهم الشاب أنّ الفتاة المصرية هي أفضل زوجة مصرية، أما الفتاة الروسية فهي أفضل زوجة روسية لرجل مصري" أي إنّ الاختلاف موجود لكنّ النجاح في العلاقة هو ملك كلّ زوجين وحدهما.

منذ الحقبة السوفييتية
على الرغم من انتشار ظاهرة الزواج المختلط في السنوات الأخيرة في روسيا، إلا أنها ليست بجديدة، إذ تعود إلى الحقبة السوفييتية، عندما تعلّم عشرات آلاف الطلاب العرب من مصر وسورية والعراق وفلسطين ولبنان في جامعات الاتحاد السوفييتي السابق وكوّنوا أسراً مع فتيات روسيات تعرّفوا بهن أثناء الدراسة.
المساهمون