تزامنت الذكرى 34 لتفجير مقر قوات مشاة البحرية الأميركية "مارينز"، ومقر قوات المظليين الفرنسيين في العاصمة اللبنانية بيروت (23 أكتوبر/تشرين الأول 1982) التي يُتهم قادة من "حزب الله" بتنفيذها، مع إعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني، عن تبعية القرار السياسي في بيروت لطهران.
وتصريحات روحاني تضع لبنان على قطار الأزمة المُتصاعدة بين إيران والولايات المُتحدة الأميركية التي تسعى ومعها المملكة العربية السعودية إلى محاصرة أدوات إيران في المنطقة، ومنها "حزب الله" المُمثل في البرلمان والحكومة اللبنانية.
وفي حين اختار روحاني، التلفزيون الرسمي للإعلان بأن "مكانة الأمة الإيرانية في المنطقة اليوم أكبر من أي وقت مضى"، والتساؤل عن "قدرة العراق وسورية ولبنان وشمال أفريقيا والخليج على اتخاذ قرار حاسم من دون أخذ الموقف الإيراني في الاعتبار؟"، أتى رد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تحفل بالمناكفات التي تجمع الحريري بباقي القوى السياسية المحلية.
واعتبر الحريري في تغريدات على موقع "تويتر"، أنّ "قول روحاني قول مرفوض ومردود لأصحابه" وأنّ "لبنان دولة عربية مستقلة لن تقبل بأي وصاية وترفض التطاول على كرامتها". علماً أنّ الحريري مضى في تسوية سياسية برعاية سعودية سمحت بانتخاب مُرشح "حزب الله" لرئاسة الجمهورية ميشال عون، مقابل عودته (الحريري) إلى موقع رئاسة الحكومة للمرة الثانية بعد أن حوّلت استقالة وزراء الحزب وحلفائه حكومته الأولى إلى حكومة تصريف أعمال عام 2009.
Twitter Post
|
وفي انعكاسٍ لحالة عدم الاستقرار الداخلي اللبناني لا يزال "حزب القوات اللبنانية" المُشارك في التسوية يُلوّح بالاستقالة من الحكومة في حال بقيت الأمور على حالها في مجلس الوزراء.
وربط رئيس "القوات"، سمير جعجع، هذا الخيار بـ"استمرار محاولة إعادة العلاقات مع نظام الأسد واستمرار محاولات تمرير المناقصات المشبوهة". وهي ملفات يُتهم "حزب الله" وخصومه بمحاولة فرضها على مجلس الوزراء من خلال خطوات التطبيع الرسمي مع النظام السوري، ومن خلال "شيطنة" كل من يُعارض خطط قطاعات الكهرباء والماء والنفط التي يضعها "التيار الوطني الحر" ويُطالب جميع القوى السياسية بالتسليم بها بوصفها الخيار الوحيد لحل الأزمات المُتراكمة في قطاعي الكهرباء والماء.
السّبهان ينضم إلى حزب المُغرّدين
وعلى خط الأزمة يواصل وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، إطلاق التغريدات الداعية لمُحاربة "حزب الله" وإنشاء تحالف دولي لقتاله أسوة بالتحالف الدولي لقتال تنظيم "داعش" الإرهابي.
ودعا السبهان عبر موقع تويتر "الإرهابيين" (يقصد بهم إيران وحلفاءها) إلى توقّع "الحساب على أعمالهم". وتابع: "اجتثاثهم أمرٌ حتمي وضرورة ملحة للعيش بأمن ومحبة وسلام (نحن في زمن الحزم)".
ويأتي هذا في ظل الحديث عن رعاية السعودية لولادة تيارٍ سياسي جديد مُعارض لـ"حزب الله" وسياساته الداخلية والخارجية، وقوام هذه التيار الجديد بعضُ الشخصيات الأكاديمية والسياسية من مُختلف الطوائف التي تحالفت سابقاً ضمن إطار "الرابع عشر من آذار".
Twitter Post
|
ويُشكّل المُفكر والأكاديمي رضوان السيد، رأس حربة في هذا المشروع الذي عبّر عن بعض ملامحه من خلال مجموعة مقالات كتبها في صحيفة الشرق الأوسط السعودية. وسيجمع هذا التحالف كل الشخصيات التي عبّرت عن معارضتها للتسوية السياسية التي رعتها المملكة وأنتجت المزيد من استحكام "حزب الله" بالقرار السياسي اللبناني، ومنحته شرعية إضافية لقتاله إلى جانب قوات النظام في سورية.
وتطرح الرعاية السعودية الجديدة للتيار الوليد أسئلة عن جدواه السياسية، خصوصاً أن ظروف ولادته بعيدة عن المثالية في ظل تورّط مُختلف القوى في شبكة التحالفات الداخلية المُعقّدة التي فرضتها التسوية، وقرب موعد إجراء الانتخابات النيابية في مايو/أيار من العام المُقبل. إلى جانب تسجيل انتكاسات مُتتالية للسياسة السعودية في سورية والعراق واليمن، وهو واقع تحاول الولايات المُتحدة انتشال المملكة منه عبر منحها دوراً مُستعاراً مثّلته مرافقة الوزير السبهان لمندوب أميركي زار الرقة والموصل بحماية قوات كردية.