وخلال لقائه بالجالية الإيرانية المقيمة في سويسرا، أضاف روحاني أن ضغوطاً خارجية كثيرة تمارس على بلاده في الوقت الراهن لكنها لن تصل إلى نتيجة، مؤكداً أن "المنطق الإيراني لا يرفض الحوار مع الآخرين، وأن ذلك لم يتغير، لكن طرفا آخر غير منطقي قرر الانسحاب من الاتفاق النووي بهدف الضغط على الشارع الإيراني"، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية.
ورأى روحاني أن السلوك الأميركي الراهن يستهدف الإيرانيين أنفسهم لا المسؤولين والنظام، داعيا كل الأطراف في الداخل للوقوف إلى جانب بعضها البعض، بما يحبط هذه المخططات، حسب وصفه.
وفي كلمة ثانية لروحاني خلال اجتماع اللجنة التجارية الإيرانية السويسرية، أكّد أن طهران ستبقى ملتزمة بتعهداتها النووية، وأنها مهتمة بتطوير علاقاتها الاقتصادية مع سويسرا والاتحاد الأوروبي، بما يصب في صالح جميع الأطراف، كما أكد أن طهران ستستمر بتعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي جانب آخر، زعم روحاني أن الاستقرار عاد إلى عدد من دول المنطقة بفضل مساعدات إيران، موضحا جوانب عديدة في بلاده من قبيل امتلاكها لمصادر الطاقة والكوادر البشرية والتي تسمح برفع مستوى التعاون معها.
رفض الحرس الثوري للتهديدات
من ناحيته، قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، إن التهديدات ضد بلاده تتزايد يوما بعد يوم، لكنها أشبعت منها، معتبرا أن هناك مؤامرة جديدة يحيكها أعداء إيران واصفا إياها بالهجوم الاقتصادي الثقيل.
ورأى سلامي أن أعداء بلاده خاضوا العديد من التجارب التي لم تصل لنتائجها المرجوة، واستطاعت طهران تجاوز الضغوطات، وهو ما سيحدث مجددا، مشيرا إلى الاحتجاجات التي خرجت أخيرا في البلاد اعتراضا على الوضع الاقتصادي، معتبرا أن "هؤلاء الأعداء يحاولون إشاعة أن النظام قد فقد حاضنته الشعبية".
وفي ما يرتبط بدور إيران خارج حدودها، وجه سلامي سؤالا لمنتقدي هذا الدور، قائلا "إذا ما تعرضتم للخطر فأين ستدافعون عن أعراضكم؟"، كما أفاد بأن مؤامرات ثانية تحاك ضد إيران على حدودها، وترمي لتقسيمها.
دعوات داخلية لمواجهة المشكلات
بالرغم من أن العوامل الخارجية والضغوطات الأميركية لعبت دورا في ارتباك المؤشرات الاقتصادية الذي أدى بدوره إلى خروج احتجاجات في بازار طهران الشعبي أخيرا، فإن العوامل الداخلية تلعب دورا كبيرا، وقد زادت الدعوات الموجهة للرئيس روحاني لإجراء تعديلات في تشكيلته الحكومية.
وقال النائب الإصلاحي مصطفى كواكبيان، إن على روحاني أن يغير اللاعبين في فريقه، فالبلاد تتعرض لحرب اقتصادية، وعلى الرئيس أن يجري تعديلات تؤدي بالنتيجة لندم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على انسحابه من الاتفاق، حسب وصفه.
من جهة أخرى، ذكرت عدة مواقع إيرانية أن المستشار الاقتصادي للرئيس، مسعود نيلي، استقال بالفعل، كما أن الرئيس الأسبق لغرفة التجارة، محسن جلال بور، ذكر أن نيلي استقال منذ عشرة أشهر ولم يشارك بأي اجتماعات، إلا أن وكالة "تسنيم" نقلت عن مصدر حكومي قوله إن "استقالة نيلي أخيرا ممكنة ومحتملة، لكنه كان يحضر كافة الاجتماعات الحكومية في الفترة الأخيرة".
برلمانيا، عقد النواب جلسة غير علنية، اليوم الثلاثاء، بحضور وزير الصناعة، محمد شريعتمداري، ورئيس مؤسسة التخطيط والموازنة والمتحدث باسم الحكومة، محمد باقر نوبخت. وذكر النائب حسين علي حاجي دليغاني أن هذه الجلسة بحثت المستجدات الاقتصادية الأخيرة وسبل الصمود في وجه الحرب الجديدة على إيران.
كما نقلت وكالة فارس أن 160 نائبا وقعوا على بيان يطالب الحكومة بتحصيل حقوق الإيرانيين من الاتفاق النووي، وجاء فيه أن إيران تختبر حاليا صدق الأطراف الأوروبية، لكن على الحكومة أن تحقق المصلحة القومية.
وفي سياق متصل، وضع النواب مشروعا بعنوان "دعم الاقتصاد الوطني لمواجهة السياسات الأميركية العدائية"، وهو الذي سيطرح للنقاش بين النواب خلال جلسة برلمانية ستعقد غدا الأربعاء.
الجدير بالذكر أن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في مايو/ أيار الفائت، وإعلانه عن إعادة مرتقبة لعقوبات واشنطن على طهران، تسببت بارتباك في مؤشرات الاقتصاد، إلى جانب وجود عوامل داخلية، منها ما يتعلق بإجراءات حكومية في محاولة لتقليل الاعتماد على الدولار في السوق، لكن ذلك أدى لتخبط كبير وإلى تدهور العملة المحلية أمام الدولار، وبدأت أسعار السلع بالارتفاع.
وأعلن تجار بازار طهران الشعبي عن دخولهم في إضراب استمر لأيام معدودة، تخللته اعتراضات وترديد لشعارات منتقدة للحكومة، لكن الأمور هدأت قليلا بعدما دعا المرشد، علي خامنئي، القضاء للتعامل مع مكدري الأمن الاقتصادي من السماسرة والمحتكرين، فضلا عن دعوته إلى جانب ما صدر عن روحاني، للوقوف إلى جانب الحكومة ومساعدتها على مواجهة ما يحصل، وهو ما كان كفيلا بتهدئة روع المحافظين المنتقدين لحكومة الاعتدال والساعين لمحاصرتها داخليا.
خارجيا، بدأ روحاني جولة أوروبية، أمس الاثنين، فوصل إلى سويسرا وسيغادرها إلى النمسا، ووضع الملفات المرتبطة بالاتفاق النووي على رأس الأولويات، فذكر أنه سيبحث مع تلك الأطراف حزمة المقترحات الأوروبية التي ستقدم قريبا لمنح إيران ضمانات لحصد المكتسبات الاقتصادية من الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه، وهو ما سيقنعها بالإبقاء على الاتفاق.
كما يستعد وزراء خارجية الأطراف المستمرة في الاتفاق لعقد اجتماع في فيينا يوم الجمعة، لبحث هذه المقترحات كذلك، والتي من المفترض أن تعطي ضمانات للشركات الأجنبية المتخوفة من أن تطاولها عقوبات أميركا إذا ما أبقت علاقاتها وصفقاتها قائمة مع طهران.
أما ترامب فيحاول حاليا الضغط على إيران في قطاع صادراتها النفطية. وكانت السعودية وروسيا قد أكدتا موافقتهما على رفع إنتاج النفط في "أوبك"، وأعلن ترامب سابقا أن الرياض وافقت على زيادة إنتاج نفطها، معتبرا أن إيران هي العدو الأول ويجب التعويض عن إنتاجها من خلال ضخ المزيد من النفط.