قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن دول العالم لا تقبل أن تتخذ أميركا القرارات نيابة عنها وعن الدول المستقلة، معتبرًا أن الضغط الأميركي قد يحقق مراد واشنطن، لكن العالم لا يتقبل هذا المنطق، بحسب وصفه.
وتعليقًا على تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، وصف روحاني هذا الأخير بـ"رجل الاستخبارات"، مخاطبًا إياه بالقول: "من أنت لتتخذ قرارات متعلقة بإيران والعالم؟ في الأمس كنت في مركز استخباراتي تجسسي واليوم أصبحت وزيرًا".
وأضاف روحاني: "علينا أن نساعد بعضنا بعضًا في هذا الوقت الذي وصلت فيه هذه الحكومة الأميركية إلى إدارة هذا البلد"، واعتبر أن هذه الحكومة "أعادت الولايات المتحدة إلى ما قبل 15 عامًا؛ فبدأت بتكرار ما كان يصدر على لسان إدارة بوش الابن، وخلال العام 2003 بشكل خاص". وتابع الرئيس الإيراني: "سنكمل طريقنا معًا، ظروفنا جيدة وطريقنا واضح".
وفي السياق ذاته، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، إن تصريحات وزير الخارجية الأميركي تفوح منها رائحة توتر جديد، معتبرًا أن ما طرحه هذا الأخير "مجرد أمنيات تستند إلى ادعاءات واتهامات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الواهية"، بحسب وصفه.
ونقلت وكالة "إيسنا" عن فلاحت بيشه قوله، أيضًا، أن "الإدارة الأميركية التي تتهم إيران بدعم الإرهاب، هي من خلقت تنظيم القاعدة بمشاركة السعودية، قائلًا إن اليد الأميركية ملوثة بدماء الإيرانيين.
وجدد التأكيد هو الآخر أن كلام بومبيو يذكّر بمرحلة الرئيس الأسبق جورج بوش، ففي ذاك الوقت كان لدى إيران نفوذها وقدرتها الصاروخية أيضًا. وأضاف أن لدى إيران قوة دبلوماسية أكبر في الوقت الراهن، فضلًا عن نفوذ وتأثير عاليين.
ورأى أن تصريحات بومبيو لا تحظى بتأييد أوروبي، كما أن واشنطن لا تقف معها في هذا المضمار إلا دول محدودة؛ من قبيل السعودية والإمارات، وأن طهران تنتظر في الوقت الراهن رد الأطراف الأوروبية بخصوص منح الضمانات النووية، قائلًا إن "إيران لم تدخل في دائرة التحدي والصدام المتطرف الأميركي، لكنها ستستفيد من الفرص حتى تنتهي هذه المرحلة"، مؤكدًا أن التعامل الإيراني مع دول العالم يقوم على الدبلوماسية، وأن إيران ستتخذ رد فعل عقلانيًا إزاء تصريحات بومبيو.
وفي تغريدة على "تويتر"، علق وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، على تصريحات بومبيو كذلك، فاعتبر أن "الدبلوماسية الأميركية الراهنة تعيد إحياء العادات القديمة المقيدة بالأوهام والسياسات الفاشلة"، بحسب وصفه.
وأضاف ظريف أن الولايات المتحدة الأميركية تكرر السياسات الخاطئة ذاتها، وهو ما سيعود عليها بالضرر، مؤكدًا أن طهران تعمل مع من وصفهم بالشركاء للبحث عن حلول لما بعد مرحلة انسحاب أميركا من الاتفاق النووي.
وفي السياق، أصدرت الخارجية الإيرانية بيانًا مطولًا، رفعت فيه سقف الرد على ما عرضه الوزير الأميركي، إذ وصفت تصريحات هذا الأخير بـ"السخيفة والمهينة للإيرانيين"، والتي تتدخل في الشأن الداخلي للبلاد.
ورفضت الخارجية اتهامات وتهديدات الوزير الأميركي التي طرحها في ما يسمى بـ"الاستراتيجية الجديدة"، معتبرة أنها "تطرح أكاذيب"، وموجهة ضد دولة في الأمم المتحدة. ونقل البيان أن إيران ستحتفظ بحق الرد، وأن واشنطن ستكون مسؤولة عن عواقب أي خطوة غير قانونية سترتكبها إزاء طهران التي ستحبط المؤامرات الأميركية وستصمد أمامها، على حد تعبير البيان.
ورأت خارجية إيران أن "الإدارة الأميركية تحاول حرف الأنظار عن انتهاك الولايات المتحدة القوانين الدولية وانسحابها من الاتفاق النووي المصادق عليه من قبل المجتمع الدولي ومنظماته، فلم تضع حسابًا لأي طرف، وعليها أن تعلم أنها مسؤولة عن ذلك"، كما اعتبرت أن تصريحات بومبيو "تدل على ضعف التحليل وضياع بوصلة القرار الأميركي، وتؤكد أن التيارات المتشددة والجمهوريين في أميركا لا يفقهون التاريخ ولا يتعلمون من تجاربه".
وحمّلت الخارجية الإيرانية الولايات المتحدة مسؤولية ما وصفته بـ"مصائب المنطقة"، من قبيل "ما يحدث في العراق، سورية، لبنان، فلسطين، اليمن وأفغانستان"، مستدركة بالقول إن "على الولايات المتحدة أن تعلم أنه لا يحق لها فرض إملاءات على إيران لتحدد سياساتها في المنطقة"، بحسب البيان ذاته.
واتهمت الخارجية واشنطن بدعم الإرهاب أيضًا، وقالت إن "من خلق القاعدة وداعش ومئات المجموعات الإرهابية التي وضعت العالم في خطر، لا يحق له عكس الحقائق والدعوة إلى القضاء على الإرهاب ودور إيران بغرض بسط سلطته".