رمضان غزة...الأسواق تتزين بلا مشترين

14 مايو 2018
الأسواق تعاني الركود في القطاع المحاصر(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لا يُعير المارون في سوق الزاوية وسط مدينة غزة، أي انتباه لأبو إيهاب الحلو، الذي كان يُعلق زينة رمضان أمام محلّه التجاري، ما بين فوانيس وإضاءات وضعها بهدف إغراء المشترين، بينما كسا الركود حركة الأسواق.
ويحل شهر رمضان على غزة، وسط حالة متدهورة من الأوضاع المعيشية والاقتصادية، تعصف بأكثر من مليوني فلسطيني يسكنون القطاع المحاصر إسرائيليا للعام الثاني عشر على التوالي، بالإضافة إلى إجراءات عقابية مارستها السلطة الفلسطينية ضد القطاع أدت إلى تفاقم المعاناة.

ويقول الحلو لـ"العربي الجديد": "أعمل كل عام على تزيين المحل، الذي أبيع فيه أدوات كهربائية وزينة، لكن لا يوجد بيع والناس فقط تسأل عن الأسعار ولا تشتري".
ويرى أن العقوبات التي فرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضد غزة، هي السبب الأول في حركة الركود التي تُسيطر على الأسواق، مضيفًا: "إذا فيه رواتب، فيه بيع وشراء. إذا ما فيه رواتب، الناس لا راح تشتري زينة ولا أكل ولا تمر ولا حتى أي شيء، الوضع جدا صعب وقاصدين الله".

ومنذ إبريل/نيسان 2017، اقتطعت الحكومة شهرياً، 30% من الرواتب الأساسية لموظفي غزة. ومؤخراً أصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريراً أشار فيه إلى انخفاض الإنفاق النقدي الكلي للفرد في عام 2017 في غزة إلى ما يعادل 91 دينارا أردنيا، مقابل 110 دنانير أردنية في 2011.
ويُلاحظ الغزّيون حركة نشطة من السكان داخل سوق الزاوية، أحد أقدم أسواق مدينة غزة، لكن إجابات البائعين تؤكد أنها مجرد "نُزهة" يقوم بها الفلسطينيون قبيل حلول شهر رمضان، دون استطاعتهم شراء أي من مستلزماته وحاجياته، والأسباب تعود إلى الأوضاع الصعبة التي خلفتها الإجراءات المفروضة ضد غزة منذ عام.

سعيد البيطار، يعمل كل عام على صفّ الفوانيس على بسطة كبيرة عند مدخل السوق من جهته الغربية، لكن حالة البيع "راكدة" على حد تأكيده. ويقول لـ"العربي الجديد": "الحرب الاقتصادية أسوأ أنواع الحروب ضد الناس، في غزة الوضع سيئ جدا وما فيه مصاري (أموال)".
ويضيف البيطار: "هذا سوق الزاوية، المفروض أنه يكون أكثر الأسواق بيع في غزة، لكن شوف (انظر) هذا الحال، الناس تسأل عن الأسعار وما بدها تشتري، الوضع تحت الصفر، هم نفسهم يشتروا بس مش قادرين، حتى الفانوس الذي أبيعه بشيكل أو اثنين من الشواكل ليسوا قادرين على شرائه".

ووصلت الأمور في القطاع حد وصفها بـ"الكارثية"، وحتى أن توقعات البائعين جميعها تؤكد أن الأمور لن تتحسن في الوقت القريب، والتشاؤم يُغطي ملامحهم. ويقول البيطار: "الأيام القادمة صعبة، لا نتوقع أن تتحسن الأمور، من أسبوعين بسّطت بضاعتي الخاصة برمضان، وما بعته يُساوي فقط نصف يوم".
ومن خلف أبواب المحال التجارية المزدحمة وسط السوق، تصدح أصوات أغانٍ تُعايش اقتراب حلول رمضان، ومع الزينة المعلقة في أرجاء سوق الزاوية، لا تُغير معالم البهجة هذه، وجوه الفلسطينيين العابسين في وجه الحياة الراكدة في غزة.
أما موسى ياسين، فزاد 10% على حجم بضاعته المخصصة لشهر رمضان عن العام الماضي، لكنه اعتبر ذلك مُغامرة في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها سكان عزة، ويقول: "لو ضاع هذا الموسم منا، سوف تخرب ديارنا ونتكبد خسائر فادحة".
ويبيع ياسين في محله التجاري، البقوليات والعطارة والأعشاب، وكلها متعلقات بشهر رمضان، لكن التشاؤم يُسيطر على توقعاته، بينما يوضح أنه بات غير قادر على تسديد إيجار المحل أو الإيفاء بالتزاماته اليومية بسبب ركود حركة البيع داخل محله، على رغم تبقي أيامٍ قليلة على حلول رمضان.

ويعيش الفلسطينيون حالةً من الترقب لما قد تؤول إليه "مسيرة العودة الكبرى" التي انطلقت منذ الثلاثين من شهر مارس/آذار الماضي، في ظل التظاهرات المستمرة على طول الحدود الشرقية من قطاع غزة، مطالبة بحق عودتهم إلى أراضيهم، والتي ستكون ذروة هذه الفعاليات، في خلال منتصف مايو/أيار الجاري.
ويأمل سكان غزة أن تعود عليهم هذه التظاهرات بنتائج إيجابية، قد تُحسن الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشونها. ويقول أحمد البرعي، الذي كان يتجول في أرجاء السوق: "الأوضاع الصعبة التي نعيشها تجعلنا نترقب ما ستؤول إليه مسيرات العودة الكبرى، نأمل أن تتغير الأحوال إلى الأفضل".



المساهمون