هذه المطاعم عبارة عن مبادرات إما جماعية يقودها شباب متطوع أو تحت غطاء الهلال الأحمر الجزائري، أو منظمة الكشافة الجزائرية الإسلامية بالتنسيق مع السلطات الحكومية.
بالقرب من محطة المسافرين بمنطقة "الخروبة" وسط العاصمة الجزائرية، توزعت عدد المطاعم التي تتكفل بعابري السبيل، يشتغل فيها شباب من مختلف الأعمار بشكل تطوعي، حيث كشف عمار بن فرج، لـ"العربي الجديد"، أنّ كثيراً من الشباب المتطوع لا يعرفون بعضهم بعضاً سوى عن طريق التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن هذا المطعم الذي يوفر ألف وجبة يومياً للصائمين وهو لشخص رفض الكشف عن هويته وتكفل بتوفير كل ما يمكن أن يحتاجه الصائمون، وخصوصاً بالقرب من محطة المسافرين التي يدخلها الآلاف بشكل يومي.
وغير بعيد عن المحطة، اجتمعت أسرة من أربعة أفراد قادمة من ولاية النعامة (900 كيلومتر) جنوب العاصمة الجزائرية، حيث لم تجد مكاناً سوى هذا المطعم الذي وهبه صاحبه للمسافرين وعابري السبيل وقال ربّ هذه الأسرة لـ"العربي الجديد"، إنهم اضطروا للقدوم إلى العاصمة الجزائرية لعلاج طفليهما في مستشفياتها الحكومية.
ويضيف "حينما وصلنا إلى العاصمة الجزائرية وجدنا أنفسنا في قلب المحطة قبل آذان المغرب بساعة ونصف بعد سفر دام أكثر من 12 ساعة كاملة، وهو ما يعني البحث عن مكان للإفطار رفقة الأسرة ثم البحث عن مبيت.
ويستدرك موضحاً "فوجئنا بوجود مطعم لإفطار المسافرين بالمجان، إنها بادرة طيبة تستحق التشجيع، فقد جنبتنا عناء البحث عن مكان آخر وقد أنهكنا السفر".
كما تلقت الأسرة عروضاً كثيرة للمبيت في بيوت المتطوعين إلى غاية إتمام العلاج للطفلين الصغيرين، وهو ما أثلج صدر الوالدين اللذين لم يستطيعا حبس دموعهما.
"مطاعم الخير" لا تقتصر فقط على المسافرين، هي أيضاً مخصصة لإطعام عابري السبيل والفقراء في الجزائر، ينظمها شباب متطوع، عبر مختلف المناطق، وخصوصاً بالقرب من الطريق السريع، حيث يقومون بتوزيع وجبة إفطار كاملة على الفئة المستهدفة.
الكشافة الإسلامية الجزائرية بدورها فتحت مطاعم للرحمة ولعابري السبيل، يشتغل فيه العشرات من منخرطيها ضمن أفواج موزعة عبر مختلف ولايات الجزائر، حيث كشف القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية، محمد بوعلاق، في تصريحات صحافية أن الكشافة ستنظم نحو ألفي مائدة إفطار موزعة على مختلف ولايات الوطن خلال شهر رمضان الفضيل.
وتدخل هذه الفعالية الرمضانية بحسب المسؤول ضمن العمليات التضامنية التي تبرمجها الكشافة لفائدة الفئات الفقيرة والمحرومة والمحتاجين، خلال شهر رمضان، وتمولها السلطات الجزائرية بالتعاون مع وزارة التضامن الوطني، فضلاً عن تمويل لخواص.
كثيرون يجدون في هذه المطاعم ملاذهم الوحيد في ظل العوز والفقر وغلاء المعيشة، برأي المختص في علم الاجتماع، الأستاذ خالد بن عروة، فرمضان هو الشهر الذي تتزايد فيه صور ومشاهد التضامن الاجتماعي والتكافل بين الجزائريين، وهو ما يعزز كثرة مبادرات من قبيل "مطاعم الرحمة" التي تحتضن الآلاف من الفئات الهشة والفقراء في الجزائر.