رشيد الوطّاسي: عند منعطف طنجة

09 أكتوبر 2014
من أعمال المعرض
+ الخط -

منذ بدايات مساره الفني، مطلع التسعينيات، حتى اليوم، والمصور الضوئي رشيد الوطّاسي (1969) لا يبتعد عن طنجة. المدينة، أو شخوصها بالأحرى، تبقى موضوعه الأثير، في معارضه السابقة، وكذلك الكتب المصورة التي أصدرها. ولا يحيد الوطاسي عن هذا المسار في معرضه الأخير "طنجة: المنعطف"، الذي احتضنته، حتى أول من أمس الثلاثاء، "غاليري دولاكروا" في المدينة.

تحاكي أعمال المعرض واقع المدينة، المتغير، والانتقالات السريعة التي عرفتها في الآونة الأخيرة. الوطاسي، ابن طنجة، راقب هذه التحولات وعاين بعدسته طفراتها وتحوّلها من مدينة هامشية، مشبعة بأساطيرها المحلية، ومناظرها الطبيعية، إلى أخرى "مركزية" تمتلئ أزقتها بوجوه أجنبية وأناس من ثقافات مختلفة يشكّلون، بحضورهم، جزءاً واسعاً من حاضرها.

رغم مشاركة أعمال تعيد قراءة تغيّرات المدينة جغرافياً، مثل الصورة التي تتبع تغيير مسار قطار طنجة واستبداله ببنايات حديثة تنتمي إلى المخطط الاستثماري الضخم "طنجة الكبرى"؛ إلا أن مدخل الفنان إلى المدينة، ومحاولته قراءة واقعها ضوئياً، تنعكس أكثر في استحضاره وجوهها، خصوصاً تلك المعروفة من "الأنتلجنسيا"، محلية كانت أم أجنبية.

هكذا، يضم "المنعطف" 60 عملاً فوتوغرافياً، غالبيتها بالأسود والأبيض، ومعظمها بورتريهات لعدد من أشهر أيقونات المدينة، مثل الروائي المغربي محمد شكري، وصديقه الكاتب الأميركي بول بولز. ويحضر شكري، الذي كان الوطاسي قد أصدر كتاباً مصوّراً ضم عشرات الصور له، في كوادر حميمة وبسيطة في المعرض، حيث تكسر عدسة الفنان حدّة و"فخامة" الصفة الأدبية التي قد يحملها الكاتب.

إلى جانب هذين الوجهين المعروفين، تحضر شخصيات أخرى، أدبية وفنية وإعلامية، كما هو حال الكاتب والمؤرّخ المغربي عبد الله كنّون، الذي يضم المعرض ثلاث صور لبيته. إلى جانب هذا التأريخ لواقع المدينة المعاصر عبر الشخصي ودوره فيها، نشاهد في المعرض تقاليد وطقوس جماعية اختفت من أجواء المدينة، ومناظر لأطفال يلهون في أزقّتها، أو يتمددون على رمل شاطئها.

يقول الوطاسي: "قبل 15 عاماً، كانت طنجة مدينة هادئة وصغيرة، لكنها باتت اليوم حاضرة كوزموبولتية، تطغى الحركة الاقتصادية فيها على تلك الثقافية؛ إذ لم نعد نرى أو نسمع بوجوه أدبية كتلك التي احتضنتها من قبل، وضمّت أسماء مثل محمد شكري ومحمد الإدريسي". استناداً إلى هذا الأساس، يوضّح الفنان، "ركزت في المعرض على وجوه مغربية تستحق منا تسليط الضوء، وأخرى أجنبية أقامت فترة طويلة في المدينة ودعمت المشهد الثقافي فيها".

يركّز المعرض، من ناحية أخرى، على فكرة التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر. التغيير، في نظره، يأتي من تحوّل الوجوه والأمكنة. من هنا اختياره "المنعطف" عنواناً لمعرضه الحالي.

المساهمون