يبدأ ماراثون امتحانات الثانوية العامة في مصر السبت المقبل، وسط استعدادات تأمينية غير مسبوقة، أعلن عنها رئيس امتحانات الثانوية العامة بوزارة التربية والتعليم محمد سعد في مؤتمر صحفي قبل قليل، معلناً عن استلام الشرطة والجيش لمقارّ توزيع الأسئلة والمراقبة، ونقل الأسئلة بالطيران إلى المحافظات النائية، وتغيب وزير التربية والتعليم محمود أبو النصر عن الكاميرات، بسبب حضوره اجتماعاً لمجلس الوزراء اليوم.
ويخوض الامتحانات في نظام الثانوية العامة الحديث (السنة الواحدة) 451 ألفاً و181 طالباً، أما النظام القديم (المرحلتان) يبلغ عددهم 43 ألفاً و99 طالباً، وذكر رئيس لجنة الثانوية العامة أن هناك أربع لجان بالسجون لطلاب الثانوية العامة، في سجون (طره، أسيوط العمومي، القناطر للسيدات، المؤسسة العقابية بالمرج)، للسماح للطلاب المعتقلين والمحبوسين والمحكوم عليهم بأداء الامتحانات داخل السجن.
مأساة المعتقلين
وبعيداً عن أضواء الكاميرات أرسل طالب الثانوية العامة المسجون في سجن (أبوزعبل - ليمان 1) مصطفى أحمد رسالة إلى أسرته، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، ليعبر عن الفارق بين طالب ثانوية عامة تحضر له والدته كل أصناف الطعام، وتوفر له أسرته الهدوء للمذاكرة، ويدفع له والده الأموال للحصول على مراجعات نهائية قبل الامتحانات، وبين حاله، حيث يعيش في زنزانة مساحتها 6 أمتار × 5 أمتار بالحمام يشترك معه فيها 22 معتقلاً.
مصطفى (الشهير بمصطفى الشرقاوي) اعتقل يوم 25 يناير الماضي بشكل عشوائي، في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير 2014 بمنطقة وسط البلد، بجوار ميدان الأوبرا من مدخل إحدى العمارات، وتم سحله وترحيله لقسم الأزبكية وتعذيبه هناك، من ثم قضت محكمة جنح الأزبكية بسجنه هو و68 آخرين سنتين والمراقبة سنتين أخريين، ونقل بعد ذلك ليقضي فترة سجنه في سجن أبو زعبل، في انتظار جلسة المحكمة لنظر الاستئناف على الحكم الخاص به يوم 22 يونيو الجاري.
رسالة من الطالب السجين
كتب مصطفى رسالته تحت عنوان "إنني أعيش في مقبرة بلا ضوء ولا هواء"، يحكي أنه يعيش في درجة حرارة تصل إلى 39 درجة دون تهوية، ومواعيد المياه فيها من 8 : 10 صباحاً، و4 : 5 عصراً، و7 : 9 مساء، أي أن المياه لا تتوافر إلا 5 ساعات فقط في اليوم، وأنه لا يستطيع دخول دورة المياه بسبب التزاحم الشديد، علاوة على أن مياه الشرب ملوثة لا تصلح للاستخدام الآدمي أو الاستحمام، ويضطر لعدم وجود أرفف لحفظ الطعام أن يضع قوته بجانب الحمام حتى يستطيع توفير مساحة ينام فيها.
أما عن مواعيد التريض (التي تتيح له فرصة الخروج من باب الزنزانة) فهي لا تزيد عن ساعة واحدة فقط في 5 أيام أسبوعياً، وأضاف "بنخرج في طرقة عرضها متر واحد في امتداد طول 7 زنازين، ولا نرى الشمس"، مضيفاً أنه يمكث 23 ساعة في الزنزانة دون تهوية، أما وجبات الطعام، فيقول "هما وجبتان في اليوم، الإفطار عبارة عن فول سيئ جداً بلا طعم، والغداء كل يوم أرز بالحصى، وخضار مطبوخ بقشره وطينه، ويوم الاثنين والخميس نأكل لحمة مثل الكاوتش، وكل واحد له 3 أرغفة في اليوم لا تأكلها الحيوانات".
ووسيلة تسليته الوحيدة زيارة أهله، لكنها لا تزيد عن 10 دقائق فقط، وتتم معاملته بشكل سيئ من الضباط وأمناء الشرطة، حيث يجبرون مصطفى على الجلوس وسط الجنائيين السارقين والقتلة وتجار المخدرات، مضيفاً "هذا غير انتهاك العرض والتعذيب البدني والتفتيش السيئ، كـأني عدو لهم، ولا أعرف السبب"، وتابع "لو أعربت عن اعتراضي، يتم حبسي انفرادياً 72 ساعة داخل زنزانة متر × متر ونصف بداخلها حمام، لا يدخلها سوى رغيف الصبح ورغيف بالليل، وأحياناً لا يدخل سوى رغيف واحد فقط في اليوم".
ومع ذلك ينهي الطالب رسالته، والذي يستعد لامتحانات تحدد مستقبله كاملاً، بجملة "أنا مش هطاطي.. لأن مفيش رجوع"، وأرفق الرسالة بصورة رغيف الخبز والمياه الملوثة بسجن أبو زعبل.
يقول أحد أقارب مصطفى لـ"العربي الجديد": إنهم تقدموا بطلب لإدارة السجن لإجراء امتحاناته، وتمت الموافقة على ترحيله إلى سجن طره ليدخل لجنة خاصة لأداء الامتحان.