رسالة حليلوزيتش لبلماضي : "احفظ الدرس جيداً"

18 أكتوبر 2018
حليلوزيتش وبلماضي (Getty)
+ الخط -
لا يختلف اثنان على أن الطريقة التي صنع بها التقني البوسني وحيد حليلوزيتش المنتخب الوطني الجزائري، والمراحل التي انتهجها كانت تقريباً مثالية في إعادة ترميم بيت الخضر، بعد نكستي بانغي ومراكش، حين قرر وقتها العودة إلى نقطة الصفر، والبدء في بناء منتخب جديد بروح جديدة وأسماء متعطشة للمجد، وإبعاد بعض الأسماء التي بلغت مرحلة التشبع الكروي ولم يعد لديها ما تقدمه للمنتخب الوطني.

هذه الرسالة هي رسالة وهمية من بنات أفكاري، ولم يكن هناك أي حديث بين مدربي الخضر السابق والحالي، ولكن هي إسقاط على حالة المنتخب الحالية مقارنة بالسابقة وما عاشه الخضر في فترة ما..

"إلى مدرب المنتخب الوطني الجزائري جمال بلماضي..

أولاً أبارك لك تعيينك مدرباً للمنتخب الوطني، وأعزيك في الوقت نفسه، لأنك ستعيش أسوأ مراحل حياتك من حيث الضغط الكبير، والعمل الدؤوب، والتفكير المتواصل، الذي قد ينسيك كيفية الاستمتاع بحياتك، لكن لا تقلق سيأتي يوم وتصل إلى النجاح، وقتها ستجد نفسك قد بلغت عنان السماء ولامست المجد بيديك، فلا تكترث لكل ما سيواجهك، فقط ركز على عملك.

في 2011 لما عينت مدرباً للخضر، فكرت في الاستقالة بعد بضعة أشهر لحجم الخراب الذي وجدته، لكن تراجعت في آخر دقيقة من أجل الجمهور الشغوف العاشق لمنتخبه، الذي سيكون سندك فإياك أن تخسره وإياك أن تتراجع، فالمجد لم يكن يوماً للجبناء.

لقد وجدت المجموعة مفككة، بسبب وجود مجموعة معينة من الكوادر تدير غرفة تغيير الملابس، وأفقدت المدربين زمام الأمور، لذلك عليك أن تفكك كل مجموعة ترى نفسها قوية بتكاتفها، وعليك أن تفرض نفسك ملكاً، فالسفن التي تشق البحار ليس عليها إلا قبطان واحد، فلا تترك أحداً يفرض عليك منطقه، وإلا وجدت نفسك مدرباً بالاسم فقط.

ضع في ذهنك أن المنتخب الوطني للأحسن في صفوفه وليس الأحسن في ناديه، فمن لا يعطي كل ما لديه لا تتردد في إجلاسه على كرسيّ الاحتياط وحتى إبعاده مهما كان اسمه ووزنه، وضع ثقتك في الشباب من يمتلكون الشغف والرغبة في كتابة اسمهم في تاريخ المنتخب، واجعل المناصب غالية الثمن وغير محجوزة لأي كان، وتعامل مع كل لقاء لوحده، فالظروف تتغير وإن كان الخصم نفسه، فأنت تدرب في أفريقيا وعليك أن تعي هذا الأمر جيداً وتكون على أتم الاستعداد لظروف غير التي دربت فيها خلال مشوارك كمدرب أو تدربت فيها وأنت لاعب.

عليك رسم خريطة طريق عادلة بين اللاعبين، وفق قوانين صارمة يعاقب من يتخطاها، سواء في الحضور، الأكل، العطاء والتركيز أثناء المباريات وحتى أثناء التدريب، لا تغفل القوانين المحددة لتحديد مستويات اللاعبين، مثل حضورهم البدني وجاهزيتهم، إضافة إلى تحليل معطيات اللقاءات. ولا تجد حرجاً في وضع أي لاعب أمام الأمر الواقع حتى أمام زملائه، إذا كانت أرقامه سيئة بخصوص الصراعات الثنائية، العطاء والاندفاع البدنيين، ففي أفريقيا كرة القدم للأقوى.

من يرى نفسه كبيراً على المنتخب ويريد أن يعامل كنجم، وحده العمل وما يقدمه أثناء اللقاءات والتدريبات من يجعله كذلك، فالمجموعة أولى من الفرد، وهي سلاحك الذي يمكنك من خلاله صنع النجاح.

افرض منطقك واعمل بما تمليه عليك أفكارك، ومت من أجلها حتى تُكتب في التاريخ أنك اجتهدت بما تعرف، وأن لك طريقاً قد رسمته وتريد الوصول من خلاله لتحقيق الأهداف.

احمِ لاعبيك إعلامياً، ولا تجعلهم مادة تتقاذفها الأقلام، اجعل انتقادهم خصوصياً لك فقط، واترك الإعلام ينتقدك لتكون درع حماية للاعبيك، هذا سيجعلهم شاكرين لك ويدافعون عنك بدورهم.

هذا كل ما أريد أن أقوله لك. وبالمختصر كن شجاعاً، فالشجعان يموتون مرة والجبناء يموتون في اليوم ألف مرة، كن عادلاً فلا يمكن لأي لاعب أن يقول يوماً ما أنك قد ظلمته، وكن ذكياً واستفد من الدروس التي تقدمها لك المباريات، ثق في المجموعة لا الأفراد، اعمل بإخلاص، ولا تهتز في حالة الفشل إن كنت على يقين أنك عملت بالطريقة الصحيحة فأحياناً كرة القدم ظالمة".
المساهمون