06 ديسمبر 2019
رسالة إلى رفيق
أي رفيق،
هذا وأنا لا أعرفك بشكل شخصي، وإنما من خلال محادثاتنا الافتراضية هنا وهناك، ومن خلال كلماتك وخاصة تلك التي سطرت كتابك الذي بعثت إلي به مؤخراً، أحاول أن أنسج بغرزات واثقة خيوط ما يربطني بهذه الكلمات، أجعل ذلك الخيط الواهي مرئياً قليلاً، يمكنني من توجيهه حسب الاتجاه.
لذا سأكتب لك مقابل ما قرأت كلمات عبرت ذهني حينها، أود لو أنك تتقبلها بود. ربما ليست بقوة كلماتك ولكنها بقوة مشاعري.
دعم
لذا سأكتب لك مقابل ما قرأت كلمات عبرت ذهني حينها، أود لو أنك تتقبلها بود. ربما ليست بقوة كلماتك ولكنها بقوة مشاعري.
دعم
كائنات تمشي في أنفاق مظلمة ضمن متاهة متعبة، صممت لاجتياز اختبار يقيس مدة صلاح هذه الكائنات، مرور هذه الكائنات قرب بعضها، يولد شمساً تحيل العتمة نوراً، تزداد شدة هذا النور بزيادة عدد الكائنات وبالخير الذي يعطيه كل منها للآخر، تسامحا كان أم تعاطفا، محبة كان أو لطفا، دعما معنويا كان أم ماديا.
وكلما صلحت هذه العلاقات، كلما سهُل حل هذه المتاهة والخلاص منها. لكل في ظل خراب هذه العلاقات وعموم الظلم، استحالت الشمس ثقباً أسود، يبتلع هذه الكائنات، وخاصة عند استسلام البعض منها بسبب أخطاء في المَصنَع، أو صلاح لا يجد مكاناً فيها، صعوبة هذه المتاهة في أن هذه الكائنات تنسى عند دخولها أن هذا واقع للاختبار، وأنه يمكنها الطلب من المُصنّع إعانتها في أي وقت، ربما لن يخلق استثناء، فلن ينهي خدمة إحداها بمجرد طلب المساعدة، والاختبار متعادل بين الجميع، أو هكذا وصلنا الخبر، على الجميع اجتيازه.
اقترابها من فوهة الثقب الأسود، يحيل أي أمل إلى يأس، يمتص أي قدرة على تغيير القدر الذي تظنه مكتوباً، لكن كما تسمع المرأة صوت رضيعها يبكي، فتعلم أنه حان وقت إطعامه أو أن ثمة خطباً ما، يحتاج المصنّع إلى معرفة ألم يلمّ بكائناته، حتى يستطيع مساعدتها. حبه لها غريزي، أمومي وأبوي، حنون بما يكفي ليساعد ولكنه حازم بما يكفي ليتركها تقرر مصيرها بيديها.
في المصائب العظمى تعلق الكائنات بالمصنّع حب راجع وانغمار بشمس لكونٍ أكبر من المتاهة.
طواحين داخلية
دائماً نتكلم عن الحروب بأنها ذلك الشيء الجامع لمعاناة الناس، بأنها طاحونة تجرش لحوم الناس مجتمعة، وتهشم أحلامهم، وأفكارهم وواقعهم، تحولهم إلى أرقام، محيلة تفردهم إلى بساط واحد جماعي منسوج من الألم والقهر، نقش عليه المكان والزمان والفاعل.
لكن لا أحد يسمع طبول الحروب التي تقرع داخلنا، محيلة سكينتنا ضجيجاً لا يمكن إسكاته، تنتج صريراً يصم آذاننا الداخلية، وتدور فيه أفكارنا ضمن دائرة خبيثة، متاهة أخرى خلقت داخلنا، يزيدها رعبا مطاردة سكاكيننا الداخلية لتقطيع أحشائنا بوحشية، نركض فيها أيضا لنبتعد عن جلدات أسواطنا التي أحالتنا أولاداً مقفّعين.
يصيبنا الدوار من الدوامة التي نغرق تحتها، نتألم، ولكنه ألم يتجاوز أي ألم آخر، نبكي بنشيج لا أحد يسمعه، لكنه يصم آذاننا.
نحاول طلب المساعدة، ولكننا يأسنا منها.. فكل هذا يحدث على مرأى الجميع، أو ربما تحت أعينهم ولكنها أحداث غير مرئية، تحتاج إلى عين خبيرة، وربما أذن مستمعة لإدراك هذا الأمر. لا إدانة للجاني، فلا أدلة تجرمه، ولا شيء ملموساً.
نخاف بأن تتحول لحظات صراعنا مع طواحيننا الداخلية إلى لحظات أذى فعلي، تتماهى فيها لحظات الوحدة الفعلية مع الوحدة العقلية ونفاذ الحلول، ربما هي لحظة فاصلة تختفي فيها الحدود وننساق وراء مشاعر وأفكار ربما تقودنا إلى النهاية.
محكومون بالوحدة.. تزيدها عنفاً وحدة مضاعفة خلقت باغترابنا عن أنفسنا وعن بلادنا، نعيش ما بين المهد واللحد عمراً منها، يبدأ فيها وينتهي عمرنا بوحدة سواء في رحم أو قبر. الوحدة قاتلة.. تسن أسنانها في قلوبنا وتقطع سيوفنا عند محاربة طواحيننا، تنهي أملنا بضربة يأس قاطع.
ربما قد نموت في حرب جماعية، وإن لم نمت، فسنموت بحرب داخلية، سنكون فيها نجوماً وحيدين، يكون فيها القتيل والقاتل وجهين لعملة واحدة. وهنا الوحدة تذلّ ضحاياها.
رسالتي هذه، هي خواطر أردت تسجيلها لدى قراءتي لكتابات وقعت على قلبي في الصميم وسألت أسئلة ربما لن أستطيع مواجهة نفسي بها في يوم من الأيام. تقبلها بصدر رحب..
مع خالص مودتي..
وكلما صلحت هذه العلاقات، كلما سهُل حل هذه المتاهة والخلاص منها. لكل في ظل خراب هذه العلاقات وعموم الظلم، استحالت الشمس ثقباً أسود، يبتلع هذه الكائنات، وخاصة عند استسلام البعض منها بسبب أخطاء في المَصنَع، أو صلاح لا يجد مكاناً فيها، صعوبة هذه المتاهة في أن هذه الكائنات تنسى عند دخولها أن هذا واقع للاختبار، وأنه يمكنها الطلب من المُصنّع إعانتها في أي وقت، ربما لن يخلق استثناء، فلن ينهي خدمة إحداها بمجرد طلب المساعدة، والاختبار متعادل بين الجميع، أو هكذا وصلنا الخبر، على الجميع اجتيازه.
اقترابها من فوهة الثقب الأسود، يحيل أي أمل إلى يأس، يمتص أي قدرة على تغيير القدر الذي تظنه مكتوباً، لكن كما تسمع المرأة صوت رضيعها يبكي، فتعلم أنه حان وقت إطعامه أو أن ثمة خطباً ما، يحتاج المصنّع إلى معرفة ألم يلمّ بكائناته، حتى يستطيع مساعدتها. حبه لها غريزي، أمومي وأبوي، حنون بما يكفي ليساعد ولكنه حازم بما يكفي ليتركها تقرر مصيرها بيديها.
في المصائب العظمى تعلق الكائنات بالمصنّع حب راجع وانغمار بشمس لكونٍ أكبر من المتاهة.
طواحين داخلية
دائماً نتكلم عن الحروب بأنها ذلك الشيء الجامع لمعاناة الناس، بأنها طاحونة تجرش لحوم الناس مجتمعة، وتهشم أحلامهم، وأفكارهم وواقعهم، تحولهم إلى أرقام، محيلة تفردهم إلى بساط واحد جماعي منسوج من الألم والقهر، نقش عليه المكان والزمان والفاعل.
لكن لا أحد يسمع طبول الحروب التي تقرع داخلنا، محيلة سكينتنا ضجيجاً لا يمكن إسكاته، تنتج صريراً يصم آذاننا الداخلية، وتدور فيه أفكارنا ضمن دائرة خبيثة، متاهة أخرى خلقت داخلنا، يزيدها رعبا مطاردة سكاكيننا الداخلية لتقطيع أحشائنا بوحشية، نركض فيها أيضا لنبتعد عن جلدات أسواطنا التي أحالتنا أولاداً مقفّعين.
يصيبنا الدوار من الدوامة التي نغرق تحتها، نتألم، ولكنه ألم يتجاوز أي ألم آخر، نبكي بنشيج لا أحد يسمعه، لكنه يصم آذاننا.
نحاول طلب المساعدة، ولكننا يأسنا منها.. فكل هذا يحدث على مرأى الجميع، أو ربما تحت أعينهم ولكنها أحداث غير مرئية، تحتاج إلى عين خبيرة، وربما أذن مستمعة لإدراك هذا الأمر. لا إدانة للجاني، فلا أدلة تجرمه، ولا شيء ملموساً.
نخاف بأن تتحول لحظات صراعنا مع طواحيننا الداخلية إلى لحظات أذى فعلي، تتماهى فيها لحظات الوحدة الفعلية مع الوحدة العقلية ونفاذ الحلول، ربما هي لحظة فاصلة تختفي فيها الحدود وننساق وراء مشاعر وأفكار ربما تقودنا إلى النهاية.
محكومون بالوحدة.. تزيدها عنفاً وحدة مضاعفة خلقت باغترابنا عن أنفسنا وعن بلادنا، نعيش ما بين المهد واللحد عمراً منها، يبدأ فيها وينتهي عمرنا بوحدة سواء في رحم أو قبر. الوحدة قاتلة.. تسن أسنانها في قلوبنا وتقطع سيوفنا عند محاربة طواحيننا، تنهي أملنا بضربة يأس قاطع.
ربما قد نموت في حرب جماعية، وإن لم نمت، فسنموت بحرب داخلية، سنكون فيها نجوماً وحيدين، يكون فيها القتيل والقاتل وجهين لعملة واحدة. وهنا الوحدة تذلّ ضحاياها.
رسالتي هذه، هي خواطر أردت تسجيلها لدى قراءتي لكتابات وقعت على قلبي في الصميم وسألت أسئلة ربما لن أستطيع مواجهة نفسي بها في يوم من الأيام. تقبلها بصدر رحب..
مع خالص مودتي..