رزان أبو سل... قصة أصغر الأسيرات الفلسطينيات

15 فبراير 2018
الأسيرة الفلسطينية المحررة رزان أبو سل (فيسبوك)
+ الخط -

لم يعد هنالك متسع للطفولة في حياة الفلسطينية رزان أبو سل (13 سنة)، والتي خرجت من سجون الاحتلال قبل أيام، بعدما اتُّهمت مع شقيقتيها بنية محاولة تنفيذ عملية طعن في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة.

أمضت رزان، وهي من مخيم العروب للاجئين الفلسطينيين، شمالي مدينة الخليل، شهراً كاملاً في سجن "هشارون" حيث تقبع الأسيرات الفلسطينيات، وخلف القضبان ثمة قصص وجع وحكايات لأسيرات متهمات بأنهن حاولن تنفيذ عمليات طعن، والأكثر وجعاً حكايات الجريحات منهن، واللواتي يعانين نتيجة الإهمال الطبي.

اعتقلت أبو سل في 11 يناير/كانون الثاني الماضي، برفقة شقيقتيها رؤى (16 سنة)، ونيفين (23 سنة)، أثناء تواجدهن في سوق مدينة الخليل بالقرب من الحرم الإبراهيمي، ولفقت لهن تهم حيازة سكاكين، ونية تنفيذ عملية طعن.

وخرجت الأسبوع الماضي وحدها من السجن، بينما بقيت شقيقتاها رهن الاعتقال والتحقيق بالتهمة ذاتها، في انتظار جلسات محاكمتهما، رغم أن جنود الاحتلال لم يجدوا معهما أي أسلحة ما يؤكد أن التهمة ملفقة.

تروي رزان قصة اعتقالها لـ"العربي الجديد": "كنا في السوق، فجأة أحاط بنا جنود الاحتلال، وصوبوا أسلحتهم باتجاهنا، وسط صراخ وتهديد. خفنا كثيرا، قبل أن يأخذونا إلى مركز تحقيق في مستوطنة كريات أربع (شرقي الخليل)، تحت الضرب والصراخ".

اعتدى جنود الاحتلال على الشقيقات الثلاث بالضرب والشتائم، ثم تم تفتيشهن، ولم يكن معهن سكاكين، ورغم ذلك قرروا اعتقالهن بالتهمة ذاتها، وزجهن بالسجن أسوة بالأسيرات الفلسطينيات اللواتي اعتقلن بتهم شبيهة دون دليل.


تحدثت رزان عن خوفها وشقيقتيها من همجية الجنود الذين اعتدوا عليهن بالضرب، "نقلوني من مركز التحقيق إلى معتقل (هشارون)، وحققوا معي أكثر من مرة خلال أيام، وفي كل مرة كان الجنود يشتمونني، والمجندات يعتدين علي بالضرب، وحتى عند المحاكمة كانت هناك شتائم كثيرة من الجنود".

تحاول الطفلة أن تخرج من وقع صدمة اعتقالها وحرمانها من مدرستها، والتأقلم مع وضعها الجديد بعد أن أصبحت أسيرة محررة، وعاينت عن قرب أوجاع الأسيرات الفلسطينيات الجريحات في سجون الاحتلال.

عادت إلى مدرستها في المخيم، وهي في الصف الثامن، "فاتتني الكثير من الدروس"، تقول وهي تحاول أن تستعيد دروسها بالتعاون مع معلميها، لكنها منهكة من كثرة الدروس التي تراكمت عليها أثناء اعتقالها، لا سيما أنها كانت تعتمد على شقيقتيها لمساعدتها في الدروس التي تصعب عليها، وهما الآن خلف القضبان.

آثار الاعتقال لا زالت تسيطر على أفكار تلك الطفلة، ولا زالت في مخيلتها آلام الأسيرة إسراء جعابيص، التي تعاني من حروق شديدة في كافة أنحاء جسدها. تقول رزان إن أوجاعها وصراخها تملأ السجن وتخترق آذان السجان، لكن لا أحد يستجيب إلا ببعض المسكنات التي لا تخفف من ألمها.

وتحدثت عن الأسيرة المصابة لما البكري، والتي فقدت الإحساس بقدمها، وشروق دويات المصابة في رقبتها، كما التقت بالطفلة الفلسطينية قاهرة الجنود، عهد التميمي، والتي يحاول الاحتلال الإسرائيلي أن يكسر عزيمتها بالمعاملة القاسية، لكنها لا تكترث رغم صعوبة حالتها النفسية.

تحلم الطفلة أبو سل بأن يتدخل العالم لينقذ الأسيرات الفلسطينيات من سجون الاحتلال، فيرجعن إلى عائلاتهن، أو أن تتدخل المؤسسات الحقوقية لتقديم العلاج للجريحات لإيقاف معاناتهن.

وتعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 57 فلسطينية في سجونها، تسعة منهن جريحات، وبعضهن جروحهن صعبة، وسبعة من الأسيرات قاصرات دون الثامنة عشرة.