رحيل عزيز عمورة.. الفنان في مدارات اللجوء

12 يونيو 2018
(1944 - 2018)
+ الخط -
ينتمي الفنان الأردني الفلسطيني عزيز عمورة (1944 – 2018)، الذي رحل صباح اليوم الثلاثاء، إلى الجيل الثاني من الفنانين، الذين درسوا في الخارج وعادوا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ليقدّموا تجاربهم الخاصة؛ تجارب أعطت ملامح واضحة للمشهد التشكيلي الأردني، وكان لها دور بارز في تأسيس أكاديميات فنية لاحقاً.

ولد عمورة في بلدة الطيرة قرب مدينة حيفا المحتلّة، حيث لجأت عائلته إلى الأردن، ومنها ارتحل إلى بغداد ليتخرّج من "أكاديمية الفنون الجميلة" عام 1970، ويبدأ حياته المهنية معلماً في إحدى مدارس العاصمة الأردنية و"معهد المعلمين" فيها، قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة وينال درجة الماجستير في الفنون من معهد برات عام 1983.

قدّم أطروحة الماجستير حول مذبحة صبرا وشاتيلا التي طرح من خلالها ملامح الحروفية في خلفيات اللوحات وقادته بدورها إلى تحويرات متنوعة في العمل الواحد، معتمداً بشكل أساسي على الأحبار والتحبير.

التحق بعد ذلك بكلية التربية والفنون في فرع "جامعة اليرموك" الأردنية، الذي كان قد أنشئ حديثاً، ليعمل أستاذاً حتى تقاعده عام 1996، ثم انتقل إلى العمل محاضراً في كلية الفنون في "الجامعة الأردنية" حتى رحيله.

عزيز عمورة
كان أول المعارض الجماعية التي شارك فيها عام 1971 في عمّان، ثم تتالت مشاركاته في تلك الفترة في عدّة معارض جماعية وشخصية في قبرص والكويت وألمانيا والولايات المتحدة، واعتمدت أعماله الأولى على تبسيط الشكل ورشاقة اللون ضمن تأثره بالانطباعية، كما ستحضر تأثيرات من رامبرانت والمدرسة الهولندية في معالجاته للظل والنور، لتتشكّل رؤيته الخاصة تجاه التشخيص في أعماله اللاحقة.

تنوّعت تجربة عمورة على مدار نصف قرن، والتي عبّر عنها في شهادة إبداعية قال فيها "تبدأ الدهشة عندنا منذ الطفولة المبكرة، وقد بدأت بتحسس القضايا الجمالية في ما كنت أراه معلقاً على جدران بيوتنا المتواضعة، من حافظات مصاحف من القماش المطرز، والصور الفوتوغرافية (الأبيض والأسود)، وفي ملابس أخواتنا الأكبر عمراً المملوءة بالتطريز، وبقايا السجاد العجمي الذي حمل مع النزوح القسري سنة 1948، ثم في الأساور الفضية وساعات الجيب المحلاة بالنحت والكتابة البارزة، إضافة إلى بقايا الصور الذهنية منذ الطفولة لجبل الكرمل حيث ولدت، وامتداد كروم الزيتون الممتدة على بعد كيلومترات قليلة، والتي يمكن بعدها رؤية مياه المتوسط الزرقاء التركوازية المتلألئة".

يضيف "كل هذه الصور الجمالية الممزوجة بالوجع المؤلم جداً، سنراها لاحقاً في أعمال بدايات السبعينيات ثم تعود وبقسوة في بدايات الثمانينيات بعد مذبحة صبرا وشاتيلا، وما زال الذبح مستمراً، ولكنه يأخذ أشكالاً أخرى تنسجم مع العصرنة والتكنولوجيا والمعلوماتية والعولمة".

المساهمون