رحيل القاضي التونسي اليحياوي: المناضل الذي صدح بالحق

25 سبتمبر 2015
اليحياوي صدح بالحق في زمن الدكتاتورية (أرشيف، فرانس برس)
+ الخط -
مر العيد ثقيلا جدا على عائلة وأصدقاء القاضي مختار اليحياوي، المناضل الذي صدح بقول الحق عندما كان يعزّ قول ‏الحقيقة.‏


وودع اليحياوي، الذي توفي مساء الثلاثاء، عدد من الشخصيات السياسية والحقوقية البارزة التي شكلت زمن الدكتاتورية ما ‏سمي بجبهة 18 يناير التي جمعت يساريين وإسلاميين وقوميين وحقوقيين في مناهضة الدكتاتورية.‏

وعرف القاضي مختار اليحياوي لدى التونسيين بالرسالة الشهيرة التي وجّهها سنة 2001 إلى الرئيس المخلوع زين ‏العابدين بن علي، وعزل على أثرها من القضاء وصودرت أملاكه، ولكن المحكمة الإدارية أبطلت في 23 مارس/ آذار ‏‏2011 الحكم الصادر ضده في 2001 ورجع لمهنة القضاء، وكان أحد أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، ثم عُيِّن أخيراً على رأس هيئة حماية المعطيات الشخصية.‏

وكانت رسالته الشهيرة لبن علي صرخة مدوّية تصوّر وضع القضاء في تلك الفترة، قال فيها بالخصوص: "أتوجّه إليكم ‏بهذه الرسالة لأعبّر لكم عن سخطي ورفضي للأوضاع المريعة التي آل إليها القضاء التونسي والتي أدّت إلى تجريد السلطة ‏القضائية والقضاة من سلطاتهم الدستورية وتحول دونهم وتحمّل مسؤولياتهم كمؤسسة جمهورية مستقلّة يجب أن تكفل لهم ‏المساهمة في تحديد مستقبل وطنهم والاضطلاع الكامل بدورهم في حماية الحقوق والحريات.‏

إن القضاة التونسيين مُقْهَرون في كل مكان على التصريح بأحكام منزّلة لا يمكن أن ينال منها أي وجه من الطعون ولا تعكس ‏القانون إلا كما أُريدَ له أن يُقرأ.‏

إن القضاة التونسيين يعانون من حصار رهيب لا يبقي أي مجال للعمل المنصف ويُعامَلون باستعلاء في ظروف من الريبة ‏والتوجّس والوشاية تطولهم وسائل القمع والترهيب، بما يسلب إرادتهم ويحول دون التعبير عن حقيقة قناعاتهم، كما تُداس ‏كرامتهم يوميّا ويُقدَّمون للرأي العام بشكل مرعب وبشع من الحيف والبطش، حتى كاد يتحوّل مجرّد الانتماء إلى القضاء ‏معرّة أمام كل الشرفاء والمظلومين.‏

إن القضاء التونسي قد فُرضتْ عليه الوصاية بسيطرة فئة من الانتهازيين المتملّقين الذين نجحوا في بناء قضاء مواز خارج ‏عن الشرعيّة بكل المعايير".‏

غير أن القاضي مختار اليحياوي لم يكن وحيدا في معارضته لحكم بن علي، بل كانت ابنته أميرة اليحياوي تخوض معه المعركة نفسها من باريس، وترشحت بعد الثورة لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 ‏عن دائرة فرنسا، ثم أسست موقع المرصد لمراقبة المجلس الوطني التأسيسي وبعدها جمعية "البوصلة" التي فرضت ‏كشف مداولات المجلس الوطني التأسيسي، وتواصل إلى الآن مراقبة أعمال مجلس نواب الشعب.‏

وفي عائلة اليحياوي مناضل بارز آخر هو زهير اليحياوي، ابن أخ مختار، وقد لقّبه التونسيون بشهيد الإنترنت، بعد أن توفي ‏إثر خروجه من السجن بسبب الضعف الجسدي الحاد نتيجة التعذيب.‏

وتم إيقافه ثم الحكم عليه بالسجن لمدة سنتين بتهمة "نشر أنباء كاذبة هدفها الإيحاء بحدوث اعتداء" و"سرقة وسائل اتّصال ‏واستعمالها بصورة احتيالية".‏

ودخل في إضراب عن الطعام ثلاث مرات إلى أن أطلق سراحه في 2005، غير أنه توفّي بسبب صعوبات في الجهاز ‏التنفسي خلّفها التعذيب.‏

وبعد الثورة، قام الرئيس السابق منصف المرزوقي بالاحتفال بذكرى وفاته ومنحه وسام الجمهورية برتبة ضابط كبير، ‏وأعلن المرزوقي أن يوم وفاة زهير اليحياوي سيتحول إلى اليوم الوطني لحرية الإنترنت.‏

اقرأ أيضا: مبادرة شبابية تونسية لمحاربة الإرهاب‎

المساهمون