رحلة "ذل" يوميّة للعامل الفلسطيني في إسرائيل

16 يناير 2015
معابر القهر والحصار الإسرائيلية(GETTY)
+ الخط -
منذ الساعة الثالثة فجراً، والعامل الفلسطيني محمد صوان (48 عاما)، يقف على معبر "إيال" الإسرائيلي الفاصل بين مدينة قلقيلية وإسرائيل شمال الضفة الغربية، للوصول إلى عمله، بعد مروره بمسالك خاصة وبوابات ونقاط تفتيش إلكترونية إسرائيلية.

صوان واحد من آلاف العمال الفلسطينيين الذين يدخلون إسرائيل للعمل، ورغم معاناته اليومية، التي تستغرق نحو ثلاث ساعات لاجتياز أمتار معدودة، يقول: "الحمد لله لدي تصريح عمل إسرائيلي، هناك آلاف العمال لا يحصلون عليه"، يتابع صوان، عامل البناء "الإجراءات الأمنية صعبة جداً، تفتيش وإذلال، أمتار معدودة أحتاج نحو ثلاث ساعات لقطعها".

ويعمل في إسرائيل نحو 57 ألف عامل فلسطيني بتصاريح خاصة تصدرها إسرائيل، بحسب جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني للربع الثاني من العام 2014، بينما يعمل نحو 38 ألف فلسطيني آخرين بدون تصاريح (بطريقة غير قانونية).


وبجانب صوان يقف مئات العمال الذين توشحوا "كوفيات" على رؤوسهم وقبعات تقيهم برد الشتاء في ليلة من ليالي يناير/كانون الثاني، بينما آخرون يلتفون حول نار أشعلوها للتدفئة، منتظرين فتح بوابة المعبر.

ويقع معبر "إيال" في الجهة الشمالية لمدينة قلقيلية، شمال الضفة الغربية، ويقصده يومياً نحو 10 آلاف عامل فلسطيني من محافظات قلقيلية ونابلس وطوباس وسلفيت، بحسب اتحاد عمال فلسطين. ويخرج غالبية العمال الفلسطينيين عند منتصف الليل لحجز دور على البوابة الإسرائيلية التي تفتح الساعة الرابعة فجرا.

خالد محمد (47 عاما)، يقول: "الحياة صعبة جداً، الساعة الآن الثالثة والنصف فجراً، نخرج من بيوتنا، نأتي إلى هنا في البرد القارس، عمليات تفتيش مذلة ومهينة، تفتيش شبه عار، ماكينات متعددة يدخل إليها العامل لتفتيشه".

يقاطعه العامل نظام حمد بقوله: "يتسبب الجنود الإسرائيليون على المعبر في أزمة خانقة، يدققون في كل شيء، تحدث صدامات نتيجة التدافع، لا يمكن أن تجتاز المعبر قبل نحو ساعتين في أفضل الظروف". أما حمد (39 عاما)، ويعمل في شركة لتأهيل الطرق، يصف هذه المعاملة بقوله إن "هذه العنصرية الإسرائيلية نعيشها يوميا".  

وعلى المعبر باعة مشروبات ساخنة وباردة، وعشرات الأكشاك (محلات صغيرة) لبيع السندويشات والمعلبات والأطعمة والسجائر وغيرها، وعمال يؤدون صلاة الفجر في جماعة تحت البرد القارس.

صلاح هنية (42 عاما)، وهو عامل بناء، يقول: "نحن مجبرون على هذا العمل"، متابعاً "لو يتوفر لدي بديل آخر بنسبة 40% من راتبي لتركته، لدي ثلاثة أبناء يتلقون تعليمهم الجامعي، ما يجعلني أضطر للقبول بظروف العمل لإكمال دراستهم". ويتقاضى العامل الفلسطيني في الضفة الغربية يومياً نحو 20 دولاراً أميركياً، بينما يتقاضى في إسرائيل حوالي 150 دولارا.

وشكل عمال متطوعون لجنة نظام لترتيب الدخول إلى المعبر بدون وقوع حالات تصادم وتدافع نتيجة الاكتظاظ. وجيه سلمان، أحد أعضاء لجنة النظام، يقول: "نعمل منذ الساعة الثانية فجرا لترتيب دخول العمال دون وقوع تدافع ولا تصادم". 

ويرى أن "الجانب الإسرائيلي هو المسبب الوحيد لهذه المعاناة اليومية بإجراءاته الأمنية غير المبررة من تفتيش للعامل في عدة مراحل، وفتحه بوابة وحيدة لدخول كل هؤلاء العمال".

ويوضح أن "كل عامل يدخل إلى إسرائيل لديه تصريح خاص يعطى له بعد فحص أمني وكفالة من مشغله (وثيقة من صاحب العمل يضمن فيها العامل)، ويتم فحصه أربع مرات ما يعيق عملية الدخول رغم وجود ماكينات خاصة إلكترونية يمكنها فحصه خلال ثوان".

وبحسب سلمان، وهو أيضا عامل بناء، فإن "إيال غير مؤهل لاستيعاب نحو 10 آلاف عامل فلسطيني يدخلون إلى إسرائيل يوميا".

ويختم العامل الفلسطيني بأن "التضييق والمعاناة تختلف من يوم إلى آخر، ويعود ذلك إلى مزاج الجنود. وعدد من العمال يفضلون المبيت في ورش العمل داخل إسرائيل لكي يتخلصوا من هذه
المعاناة اليومية، لكنهم يعيشون ظروفا صعبة هناك أيضا".

دلالات