رجال مغاربة ينافسون النساء على صالونات التجميل

01 ابريل 2017
الهوس بالتجميل مرفوض (Getty)
+ الخط -



لم يعد الاهتمام بالموضة والجمال مقصد بنات حواء فقط، بل أصبح للرجال نصيب منها لدواعٍ اجتماعية ومهنية ونفسية أيضاً من خلال الحرص على مظهر أنيق وجذاب، ووجه خالٍ من الشوائب والرؤوس السوداء وشعر أسود من دون شيب، وحواجب مشذبة.. وغيرها من الخدمات التجميلية التي تقدّمها صالونات معدة لهذا الغرض في المغرب.

وبعد أن كانت الحلاقة بالنسبة للرجال مجرد عملية تقليدية وفق نفس النمط والشكل المألوف، عرفت تحولا واضحاً لتواكب العصر، وبدأت مبيعات الماكياج الرجالي تحقق أرقاماً مهمة، وظهرت بين الشباب قصات بأسماء غريبة لا يجدون أي حرج في طلبها، فضلا عن خدمات تنظيف البشرة وصباغة الشعر وترطيبه و"المانيكير والباديكير" وحصص التدليك التي تتطلب جميعها تخصيص ميزانية شهرية معتبرة.

ولا تقتصر خدمات التجميل على فئة معينة دون غيرها، بل إن الشباب ورجال الأعمال والإعلاميين وعارضي الأزياء ومديري المؤسسات الخاصة يقبلون عليها بدون أي حرج، شعارهم في ذلك "ّالحفاظ على الشباب والوسامة".

صالون "شانيلا"، في العاصمة الاقتصادية (الدار البيضاء) واحد من المحلات التي تقدم هذه الخدمات للرجال، أغلب العاملين فيه شباب لا يتجاوز عمرهم الثلاثين، يتحركون بخفة ظاهرة بزيهم الموحد، ويحرصون على تلبية طلبات الزبائن المتنوعة بين تنظيف الوجه وفرد الشعر وتقليم الأظافر والعناية بالأقدام وغيرها.


يستقطب هذا الصالون يومياً بحسب عبد المجيد وهو مصفف شعر يعمل به، مختلف الشرائح بمن فيهم الشباب المهووسون بتسريحات النجوم وماكياجهم.

يقول لـ"العربي الجديد": "يقدم المحل خدمات الحلاقة والتجميل التي تستهدف تحسين المظهر، وأولها (الحلاقة) وهي أنواع، فهناك الحلاقة العادية الكلاسيكية التي مازال أصحابها من كبار السن، وهناك أشكال أخرى من الحلاقة كثيرة الطلب من الطلاب الجامعيين والشباب، كذلك توجد حلاقة الذقن وهي نوعان عادي وبخاري، وحمام زيت وصبغة للشعر وتقشير بشرة الوجه وتدليكه حتى يصبح ناعماً، وتتفاوت الأسعار بحسب الخدمة".

عمر (34 سنة) موظف، لا يجد أي حرج في حصص العناية ببشرته وشعره عبر معالجة التقصف والتخلص من القشرة التي قد تسبب له مظهراً لا يليق به.

يقول لـ"العربي الجديد": أعتقد أن من حق الرجل أيضاً أن يعتني بنفسه ومظهره، ولا أجد أي نقيصة أو عيب في ذلك، فهذه الخدمات لم تعد تقتصر على النساء فقط، بما في ذلك اختيار المستحضرات المناسبة لهم، شريطة أن لا يزيد الأمر عن حده".

ويتابع "أنا مثلا لا يمكن أن أغير من شكل حواجبي، ولا أن أقوم بنزع شعر وجهي بـ "الحلاوة"، لكن في المقابل أواظب على حلاقة تلائم عمري ووظيفتي، وأيضا أضع الكريم الواقي من الشمس".

المبالغة في العناية بالنفس مرفوضة (روسديانا كيرفولو/Getty)


وعكس ما ذهب إليه عمر، يوضح إبراهيم (44 سنة) عامل: "قدومي لصالون الحلاقة يكون لقص الشعر فقط، ولا أطلب أشياء أخرى من قبيل تنظيف البشرة أو تلميعها ببعض المساحيق، كما لا تغريني نعومة اليدين والقدمين.. تلك أمور تخص المرأة، كما أنني لا أتوفر على ثمن هذه الخدمات التي تحتاج إلى مهن بأجور محترمة".

أما خالد (51 سنة) رجل أعمال، فإنه لا يختلف عن الكثير من النسوة في الساعات التي يقضيها أمام المرآة قبل الخروج من البيت، مستعملا مستحضرات تجميل خاصة تكلفه مبلغا شهريا مهماً.

يقول في تصريحه: "أحرص على إخفاء الشيب الذي بدأ يغزو شعري، من خلال صباغته باللون الأسود، كما أنني أخضع لجلسات بخار وتنظيف وجهي الدهني الذي تهاجمه الرؤوس السوداء، كل من يراني يقول إنني أبدو أصغر من سني، هذه العبارة تجعلني أكثر ثقة بنفسي".

مستحضرات تجميل للرجال (تويتر)



ويضيف "طبيعة عملي تفرض عليّ الاهتمام بنفسي فأنا ألتقي دائما مع رجال أعمال أجانب،  كما أن زيارة صالون التجميل تخلصني من حالة الإرهاق، وتمنحي راحة تامة عبر حصص "التدليك" الكامل للجسم لتجديد وتنشيط الدورة الدموية".

بدوره يعتبر مراد وهو مدرّس (37 سنة) أن خدمات التجميل لا تنقص من الرجولة شيئا، بل على العكس تعزز الثقة في النفس، ومن الجهل حصرها في النساء".

ويتحدث عن مشكل تساقط الشعر الذي أصبح كابوساً يهدد كل الرجال بالصلع قائلا: "لو كانت إمكانياتي المادية تسمح لأجريت عملية زرع للشعر، ولا أجد بشكل عام أي عيب في الاهتمام بمظهر الرجل وزيادة جاذبيته".

الاهتمام بالمظهر الأنيق والملفت مطلوب جداً خاصة في ظل المتغيرات الحالية، شريطة ألا يتجاوز الحدود المعقولة، بحسب خبراء في علم النفس، لكن الهوس به يحيل إلى وجود اضطراب في الهوية.

ويؤكد الباحث السوسيولوجي إبراهيم الحمداوي، أن إفراط الرجال الزائد في الاعتناء ببشرتهم وشكلهم الخارجي ووضع بعض مساحيق التجميل أو كريمات الترطيب يعكس ضعف الشخصية، فيلجأ الرجل إلى تعويض هذا النقص من خلال التمظهرات الخارجية، الاعتناء  بالأظافر، والشعر، وتقشير الجسم، وتهذيب الحاجبين".

ويستثني الحمداوي من ذلك الفئة التي تحتم عليهم مهنهم القيام بذلك، كما هو حال الإعلاميين وعارضي الأزياء، لافتاً إلى أن التطور الذي عرفه ميدان التجميل، بالإضافة إلى المستحضرات التي أصبحت تغزو الأسواق يوماً بعد يوم لعبت دورها في جذب الرجال وجعل العناية عادة من عاداتهم اليومية.




دلالات