10 ديسمبر 2017
ربطة العنق
جهاد زهري
كاتب وروائي وإعلامي من مدينة قسنطينة في الجزائر. يعبّر عن نفسه بالقول "جئت الى هذا العالم كي أحتج".
لا نَوافِذَ ليَدخُلَ منها الأَمَل، كلّ الأبوابِ موصَدَة كذلكَ، يشبِهُ الأمر زنزانَةً ما. هَذهِ النسمات الباردَةُ لا تَعني لي شيئاً ،هَذا الضَّوء الخافتُ للشَّمعَةِ لا يعني لي شيئا. لا يبهرني، لا يُلهِمُني، لستُ أنا الذي كَتَبَ، أوَّل مرَّةٍ، وأذكره ذاكَ الذي أرادَ أن يفعلها يومِ ما لقتلتهُ، لرميتُه بعيدا قبلَ أن يرميني أبعدَ من مكاني بزمنٍ طويلٍ لا ينتهي، بزمَنينِ، أولهما حقيقيٌّ يعيشُني وأعيشُهُ، والثاني لازلتُ بَعدُ لم أدرِكهُ.
بيني وبيني حيرَةٌ وألفُ جنونٍ، بيني وبيني آلافُ المسافاتِ الطوالِ، أتلقَّفُ الكلماتِ كلَّما حاولتُ العثور عليَّ، الكلماتُ الغامِضَةُ التي لا تعني شيئًا، بل تلكَ التي تَعني كلَّ شيءٍ.
كلّ ما في الأمر أني لستُ شجاعا كفايَةً لأكتُبَ، لا تُغريني الخَشبَةُ جداً، الخشبة لأولئك الذينَ يحبونَ الصراخَ، يحبونَ أن يظهروا بأربِطَةِ العنقِ، والبدلات الأنيقَةِ الفاخرةِ، والابتساماتِ الزائفَةِ.
كل ما في الأمر أني أحسّ بثقل الأمر، كيفَ كانَ سهلا إلى تلكَ الدَّرَجةِ التي صعدوا بها إلى هناكَ، وقالوا ما قالوا، بزيفهم، تصنعهم، وبَعض تعابير وجوههم الحزينَةِ بانتشاء، كم هُم أغبياءٌ، لكنَّ التَّصفيقَ يقولُ عَكسَ ذلكَ تمامًا، كم خفَّف التَّصفيقُ ثقلَ القضيَّةِ، وعُمقَها، وكم صار الأمر سطحيا الى أبعَد الحدودِ ،وكيفَ صار النَّص ساذجا إلى أقصى درجَةٍ،
أتساءَلُ كيفَ يُمكِنُ لبدلَةٍ وربطة عنقٍ أن تُغيّر مَجرى النَّص /مَجرى الإنسان.
ألَم تراودهم رغبَةُ بالانتحارِ يومًا؟ إذا كيفَ يصرونَ على الحنثِ العَظيمِ؟ وكيفَ يصرونَ على اتّخاد المنابِر وسيلَةً لتهريجهم الكبير.
سأنامُ الآنَ، طبعا بربطَةِ عنقي التي لبستها لهذا المساء، فوقَ منامتي، البَذلة غير المتناسقة الوحيدة التي أملكها، لا لشيءٍ الا لاثبتَ أنها لا تعني شيئاً. ربَّما حاولتُ الانتحار بربطة العنقِ نفسها في الصَّباحِ الباكر، بعدَ آخر سبات لي.
بيني وبيني حيرَةٌ وألفُ جنونٍ، بيني وبيني آلافُ المسافاتِ الطوالِ، أتلقَّفُ الكلماتِ كلَّما حاولتُ العثور عليَّ، الكلماتُ الغامِضَةُ التي لا تعني شيئًا، بل تلكَ التي تَعني كلَّ شيءٍ.
كلّ ما في الأمر أني لستُ شجاعا كفايَةً لأكتُبَ، لا تُغريني الخَشبَةُ جداً، الخشبة لأولئك الذينَ يحبونَ الصراخَ، يحبونَ أن يظهروا بأربِطَةِ العنقِ، والبدلات الأنيقَةِ الفاخرةِ، والابتساماتِ الزائفَةِ.
كل ما في الأمر أني أحسّ بثقل الأمر، كيفَ كانَ سهلا إلى تلكَ الدَّرَجةِ التي صعدوا بها إلى هناكَ، وقالوا ما قالوا، بزيفهم، تصنعهم، وبَعض تعابير وجوههم الحزينَةِ بانتشاء، كم هُم أغبياءٌ، لكنَّ التَّصفيقَ يقولُ عَكسَ ذلكَ تمامًا، كم خفَّف التَّصفيقُ ثقلَ القضيَّةِ، وعُمقَها، وكم صار الأمر سطحيا الى أبعَد الحدودِ ،وكيفَ صار النَّص ساذجا إلى أقصى درجَةٍ،
أتساءَلُ كيفَ يُمكِنُ لبدلَةٍ وربطة عنقٍ أن تُغيّر مَجرى النَّص /مَجرى الإنسان.
ألَم تراودهم رغبَةُ بالانتحارِ يومًا؟ إذا كيفَ يصرونَ على الحنثِ العَظيمِ؟ وكيفَ يصرونَ على اتّخاد المنابِر وسيلَةً لتهريجهم الكبير.
سأنامُ الآنَ، طبعا بربطَةِ عنقي التي لبستها لهذا المساء، فوقَ منامتي، البَذلة غير المتناسقة الوحيدة التي أملكها، لا لشيءٍ الا لاثبتَ أنها لا تعني شيئاً. ربَّما حاولتُ الانتحار بربطة العنقِ نفسها في الصَّباحِ الباكر، بعدَ آخر سبات لي.
جهاد زهري
كاتب وروائي وإعلامي من مدينة قسنطينة في الجزائر. يعبّر عن نفسه بالقول "جئت الى هذا العالم كي أحتج".
جهاد زهري