تأرجحت ردود الفعل على فوز الممثل الأميركي رامي مالك بأوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم "بوهيميان رابسودي". فبينما اعتبر جزء من النقاد أن فوزه محتّم بعد حصده أغلب جوائز التمثيل في هذا الموسم، أبرزها جائزة الـ"غولدن غلوب" كأفضل ممثل في فيلم درامي، اعتبر آخرون أنّ المنافسة على أوسكار أفضل ممثّل تتجه نحو فوز برادلي كوبر أو كريستيان بايل. لكن فعلها رامي مالك، ووقف على المسرح حاملاً أوسكاره الأول.
مالك الذي قال في كلمته فجر اليوم إنه "ربما لم يكن الخيار البديهي" لأداء شخصية فريدي ميركوري في الفيلم، يبدو أنّه عرف كيف يقتنص الفرصة التي أعطيت له، لينضمّ إلى صفوف النجوم في هوليوود، بعد سنوات من سيره بحذر في خياراته التمثيلية.
إذ إن تكون ممثلاً أميركياً من أصول وبملامح شرقية في هوليوود أمر صعب للغاية، لأنه يحصرك في عدد محدود من الاحتمالات والأدوار المتاحة. لا توجد فرص كثيرة يمكن أن تثبت فيها نفسك وإمكاناتك، بعيداً عن هيمنة الأصل والشكل، لذلك فإن حدث أن أتتك فرصة لا تقدمك فقط باعتبارك شرق أوسطي يجب أن تستغلها، فلا مجال أبداً لفرصٍ مهدرة، وهذا تحديداً ما فعله الممثل الأميركي ذو الأصل المصري رامي مالك، الفائز بسلسلة جوائز آخرها أوسكار أفضل ممثل، عن دوره (وفرصته الكبرى) فريدي ميركوري في فيلم Bohemian Rhapsody، الذي استغله كما فعل من قبل مع كل الفرص التي أتيحت له.
مالك ولد في مطلع الثمانينيات لأبوين مصريين مهاجرين، أراد منذ طفولته أن يكون ممثلاً. ومثلما يروي عن نفسه، فقد كانت هوايته المفضلة "تقليد الأصوات والتمثيل أمام المرآة". لم يقتنع الأب والأم قطعاً بأن يدرس ابنهما المسرح، أراداه أن يكون محامياً، ليأخذ مساراً منطقياً لحياة هادئة في أميركا، تماماً مثلما حدث لاحقاً مع شقيقه التوأم سامي الذي يعمل مدرساً، وشقيقته ياسمين التي تعمل طبيبة، وكاد رامي بالفعل أن يأخذ هذا المسار، لولا نجاحه في "فرصته الأولى" حين مثّل أمام والده ووالدته في مسرحية في ثانوية "روتردام"، ليتأثرا جداً بأدائه ويقتنعا بأنه ربما لديه فرص ليقنع أناساً آخرين لو صار ممثلاً.
درس المسرح في جامعة إيفانسفيل، وتخرج عام 2003. عاش في نيويورك فترة يصنع مسرحيات صغيرة مع أصدقائه، قبل أن ينصحه أحد مديري الممثلين بأن ينتقل إلى هوليوود ويبحث عن فرصة. انتقل بالفعل إلى هناك، لكن الأمر كان صعباً جداً، لدرجة أنه عاش عاماً ونصف عام تقريباً عامل توصيل للبيتزا، أو في مشروع صغير؛ بيع الفلافل والشاورما في هوليوود، وكاد أن يفقد الأمل في التمثيل ويبحث عن مهنة أخرى، قبل أن تأتيه فرصة أخيراً؛ دور صغير في مسلسل Gilmore Girls (2004) ثم ظهور عابر بحلقة أو اثنتين في عدد من المسلسلات، قبل إثبات نفسه أكثر بدورٍ ثابت في مسلسل The War at ((Home 2005، لينتقل إلى السينما بعدها بدور كوميدي مميز هو الفرعون المصري في فيلم Night at the Museum (2006)، وتعددت بعدها الأدوار السينمائية المساندة التي يؤديها بشكل جيد، مثل دوره في سلسلة The Twilight أو مع سبايك لي في فيلم Oldboy، كفرصة صغيرة لا للشهرة ولا الانطلاق، ولكن على الأقل ثبات الوجود في الصورة.
اقــرأ أيضاً
فرصة حياة مالك جاءت أخيراً عام 2015، مع مسلسل Mr.Robot، في دور اختبر فيه صانع المسلسل سام إسماعيل (وهو مصري أميركي أيضاً) أكثر من 100 ممثل، قبل أن يستقر على مالك ليؤدي شخصية إليوت ألدرسون، المبرمج العبقري الذي يعاني من اضطرابات عقلية واجتماعية. حقق المسلسل نجاحاً كبيراً، بفضل تفوقه على جانبي الإثارة والدراما، ولفت الأنظار بشدة لموهبة مالك، ووصل إلى القمة حينها بعد حصوله على جائزة إيمي (أكبر جائزة تلفزيونية) عام 2016، وأشارت الصحافة وقتها إلى أنه أول ممثل غير أبيض يفوز بالجائزة منذ قرابة الـ20 عاماً.
في تلك اللحظة صار مالك نجماً بالفعل، بأقل عدد من الفرص والمحاولات. وكان السؤال: هل سيستمر هذا المكان أو تكون نجومية مؤقتة وعابرة؟ هل سيكون نجماً تلفزيونياً أم سيأخذ خطوات جادّة في السينما؟ الإجابة جاءت سريعاً مع دور ميركوري في Bohemian Rhapsody، الفيلم الذي تعطل قرابة الـ 10 سنوات، ودخلت شركته المنتجة في مشاكل كبرى مع بطله السابق ساشا بارون كوهين، ليصل في النهاية إلى مالك، في فرصة أقرب للـ"روليت الروسي"؛ إما سيطلق نجوميته أو ينهي مسيرته السينمائية قبل أن تبدأ.
خرج مالك فائزاً، واعتبر الجميع أنه أفضل ما في الفيلم، "أعاد ميركوري للحياة". وهو الرأي الذي كُرّس فجر اليوم، مع خروج مالك وبيده أوسكار أفضل ممثّل.
هذه السيرة الذاتية نشرت في "العربي الجديد" بتاريخ 8 يناير/كانون الثاني الماضي إثر فوز رامي مالك بـ"الغولدن غلوب". للاطلاع على النسخة الأولى:
اقــرأ أيضاً
درس المسرح في جامعة إيفانسفيل، وتخرج عام 2003. عاش في نيويورك فترة يصنع مسرحيات صغيرة مع أصدقائه، قبل أن ينصحه أحد مديري الممثلين بأن ينتقل إلى هوليوود ويبحث عن فرصة. انتقل بالفعل إلى هناك، لكن الأمر كان صعباً جداً، لدرجة أنه عاش عاماً ونصف عام تقريباً عامل توصيل للبيتزا، أو في مشروع صغير؛ بيع الفلافل والشاورما في هوليوود، وكاد أن يفقد الأمل في التمثيل ويبحث عن مهنة أخرى، قبل أن تأتيه فرصة أخيراً؛ دور صغير في مسلسل Gilmore Girls (2004) ثم ظهور عابر بحلقة أو اثنتين في عدد من المسلسلات، قبل إثبات نفسه أكثر بدورٍ ثابت في مسلسل The War at ((Home 2005، لينتقل إلى السينما بعدها بدور كوميدي مميز هو الفرعون المصري في فيلم Night at the Museum (2006)، وتعددت بعدها الأدوار السينمائية المساندة التي يؤديها بشكل جيد، مثل دوره في سلسلة The Twilight أو مع سبايك لي في فيلم Oldboy، كفرصة صغيرة لا للشهرة ولا الانطلاق، ولكن على الأقل ثبات الوجود في الصورة.
فرصة حياة مالك جاءت أخيراً عام 2015، مع مسلسل Mr.Robot، في دور اختبر فيه صانع المسلسل سام إسماعيل (وهو مصري أميركي أيضاً) أكثر من 100 ممثل، قبل أن يستقر على مالك ليؤدي شخصية إليوت ألدرسون، المبرمج العبقري الذي يعاني من اضطرابات عقلية واجتماعية. حقق المسلسل نجاحاً كبيراً، بفضل تفوقه على جانبي الإثارة والدراما، ولفت الأنظار بشدة لموهبة مالك، ووصل إلى القمة حينها بعد حصوله على جائزة إيمي (أكبر جائزة تلفزيونية) عام 2016، وأشارت الصحافة وقتها إلى أنه أول ممثل غير أبيض يفوز بالجائزة منذ قرابة الـ20 عاماً.
في تلك اللحظة صار مالك نجماً بالفعل، بأقل عدد من الفرص والمحاولات. وكان السؤال: هل سيستمر هذا المكان أو تكون نجومية مؤقتة وعابرة؟ هل سيكون نجماً تلفزيونياً أم سيأخذ خطوات جادّة في السينما؟ الإجابة جاءت سريعاً مع دور ميركوري في Bohemian Rhapsody، الفيلم الذي تعطل قرابة الـ 10 سنوات، ودخلت شركته المنتجة في مشاكل كبرى مع بطله السابق ساشا بارون كوهين، ليصل في النهاية إلى مالك، في فرصة أقرب للـ"روليت الروسي"؛ إما سيطلق نجوميته أو ينهي مسيرته السينمائية قبل أن تبدأ.
خرج مالك فائزاً، واعتبر الجميع أنه أفضل ما في الفيلم، "أعاد ميركوري للحياة". وهو الرأي الذي كُرّس فجر اليوم، مع خروج مالك وبيده أوسكار أفضل ممثّل.
هذه السيرة الذاتية نشرت في "العربي الجديد" بتاريخ 8 يناير/كانون الثاني الماضي إثر فوز رامي مالك بـ"الغولدن غلوب". للاطلاع على النسخة الأولى: