تمر رابطة الدوري الجزائري لكرة القدم بأزمة غير مسبوقة، بسبب المشاكل التي تحاصرها من كل حدب وصوب، وبشكل خاص رئيسها عبد الكريم مدوار، الذي أضحى مستقبله في منصبه غامضاً وسط أنباء عن اتجاه أعضاء مكتبه التنفيذي لسحب الثقة منه، أو الاستقالة بشكل جماعي، احتجاجاً على تجريدهم من صلاحياتهم.
وبالإضافة لمشكلة التجريد من الصلاحيات هناك أزمة المشاركة في اتخاذ القرارات التي يتخذها الرئيس بشكل انفرادي، الأمر الذي تسبب في نشوء أجواء مكهربة، سواء داخل الرابطة أو على مستوى أندية الدوري بسبب العشوائية في برمجة روزنامة مباريات الدوري وسط أنباء متواترة عن تعرض رابطة الدوري للضغط من جهات عليا في السلطة تدخلت لفض النزاعات المتكررة.
وكانت رابطة الكرة المحترفة قد قامت يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول بتأجيل جولة كاملة من مباريات الدرجتين الأولى والثانية، بحجة تزامنها مع موعد الجمعية العمومية الاستثنائية لاتحاد الكرة، الذي جرى يوم السبت 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولاقى ذلك استياءً شديداً من طرف الكثير من رؤساء الأندية، وخاصة أن القرار صدر ليلاً وقبل ساعات فقط من انطلاق المباريات.
وتسارعت الأحداث في الساعات الماضية، بعد أن قامت الرابطة بتغيير موعد مباراة فريقي شبيبة القبائل واتحاد العاصمة وبرمجتها يوم الثلاثاء بدلاً من يوم الإثنين الماضي، حيث برزت إلى العلن أزمة كبيرة بين رئيس الشبيبة شريف ملال ورئيس رابطة الدوري عبد الكريم مدوار، إذ رفض الأول تغيير موعد المباراة وأصر على إجرائها في موعدها الأول.
وفي وقت تمسك رئيس الرابطة بتغيير الموعد، اتخذ رئيس الشبيبة قرار إعلان رفضه اللعب والانسحاب، وأدلى بتصريحات نارية تجاه مسؤولي الرابطة طاولت حتى رؤساء الأندية حيث وصفهم بـ"المفسدين"، وقال ملال في تصريحات تلفزيونية: "الدوري الجزائري تحت سيطرة عصابة المافيا، سأدافع عن حقوق فريقي ولا أخشى أحدًا، ومستعد للجوء إلى العدالة والاتحاد الدولي كي استرجع حقوق فريقي"، وشكك شريف ملال في شرعية انتخاب رئيس الرابطة في منصبه في شهر يونيو/حزيران الماضي قائلاً: "مدوار يترأس الرابطة بطريقة غير شرعية ويقوم بعمله في المقاهي، بدلاً عن مكتبه".
ولم يكترث رئيس الشبيبة بتدخل وزير الشباب والرياضة، محمد حطاب، الذي طالب مسؤولي أندية الدوري بالتحلي بالهدوء وعدم إطلاق التصريحات النارية، ولا بتهديدات رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم خير الدين زطشي، الذي توعد "مثيري الفوضى" بالعقوبة، حيث قال في تصريحات إذاعية: "أنا مصدوم من تصريحات رئيس شبيبة القبائل، الذي وصف رؤساء الأندية بعصابة من المافيا، هو مسؤول عن هذه التصريحات الخطيرة، وعليه تحمل عواقبها، حيث ستقوم لجنة الأخلاق والانضباط باستدعائه للمثول أمامها واتخاذ العقوبات المناسبة في حقه".
لكن تهديدات رئيس الشبيبة كانت مثمرة في النهاية، حيثُ أعلنت الرابطة عن تأجيل المباراة المذكورة لموعد لاحق، لكن ذلك لم يشف غليل رئيس الشبيبة الذي خرج بتصريحات أخرى هاجم فيها مدوار مرة أخرى وطالبه بالاستقالة من منصبه، ورغم استدعائه من طرف لجنة الانضباط للنظر في قضيته، إلا أن ملال تحدى الجميع وقال في تصريحات لقناة النادي: "لا أحد يستطيع معاقبتي ما دمت أدافع عن حقي، وعلى مسؤولي الرابطة الاستقالة لأنهم من تسببوا في المشاكل، لقد سبق لي مراسلة الرابطة عدة مرات، لكنهم لم يردوا عليّ، وأنا بدوري سأتجاهلهم".
وبسبب الأزمة، قدم عضو الرابطة فاروق بلقيد استقالته من منصبه، احتجاجاً على ما وصفه بـ"التهميش الذي يمارسه رئيس الرابطة في حق الأعضاء"، مضيفا في تصريحات تلفزيونية:"لقد استقلت لأنني لا أستطيع العمل مع رئيس يتخذ قرارات فردية ولا يستشيرنا أبدا، وأنا لا أقبل أن أكون جزءاً من الأزمة الحاصلة حالياً".
في المقابل ووسط تضارب في الأنباء عن عزم رئيس الرابطة الاستقالة من منصبه، أو التشبث بمنصبه، لا يستبعد أن يقدم أعضاء آخرون من الرابطة على الاستقالة من مناصبهم، بينما تخطط أطراف من المعارضة، لدعوة أعضاء الجمعية العمومية للرابطة لعقد جمعية استثنائية قصد سحب الثقة من المكتب التنفيذي الحالي الذي لم يمر على انتخابه أقل من خمسة أشهر فقط.