تجاعيد وجهها الثمانيني تعكس معاناة طويلة عاشتها الفلسطينية رئيفة دحاويش، منذ هجّرت من أرضها حين كانت في الثالثة عشرة من عمرها فقط. تذكر دخول الصهاينة بلادها، وما زالت حتى اليوم تعمل في الأرض، حتى تستطيع العيش، هي التي ترفض طلب المساعدة من أحد، حتى من أبنائها.
تعيش في بيت متواضع بسبب إمكانياتها الضئيلة. طوال السنوات التي عاشتها، لم تنعم بحياة مترفة. وعادة ما تكون أيامها شاقة. تتحدّر رئيفة من بلدة الناعمة في فلسطين، ولجأت إلى لبنان مع أهلها بعدما هاجم الصهاينة البلدة وأهلها بالقتل. وصلت العائلة إلى بلدة مرجعيون (جنوب لبنان)، سيراً على الأقدام، وسكنت بيتاً لا نوافذ فيه ولا مياه ولا كهرباء. تقول إن الجيران في البلدة عطفوا عليهم، وقدموا لهم الطعام وكل ما يحتاجونه من مستلزمات. رغم ذلك، لم يستطيعوا العيش في مرجعيون لأنهم لم يكونوا يملكون المال لسداد بدل إيجار البيت وتأمين مصاريفهم اليومية. وبعد نحو عام، انتقلت رئيفة وعائلتها إلى حي الرمل في مدينة صور (جنوب لبنان)، القريبة من البحر، وعاشت مع أهلها في الخيام التي قدمتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لهم ولغيرهم من اللاجئين.
عن حياتها، تقول إنها لم تلتحق بأي مدرسة. "في الماضي، لم يكن أهلي يرغبون في تعليم الفتيات. في فلسطين، كان والدي يعمل في الأرض، يزرعها ويهتم بها، وكنا نعيش من خيراتها. وكنتُ أساعد والدي في العمل بالأرض. لذلك ربما، لم أفكر يوماً في الذهاب إلى المدرسة. وحين لجأنا إلى لبنان، كان أشقائي الشباب يعملون وينفقون على الأسرة، لأن والدي لم يستطع العمل بعد خروجه من فلسطين، وكأنه تعرض لصدمة".
اقــرأ أيضاً
تضيف: "كان أشقائي السبعة يعملون في الزراعة والبناء وغيرها. وحين بلغت الخامسة والعشرين من عمري، تزوجت وسكنت في مخيم البرج الشمالي في جنوب لبنان، وعشت في بيت من الزينكو. كان زوجي أيضاً يعمل في البناء، وأنجبت منه أربعة أولاد، بنت وثلاثة صبيان. وفضل أولادي العمل بدلاً من متابعة الدراسة، بسبب أوضاعنا الصعبة. وقبل خمسة وأربعين عاماً، مرض زوجي وظل حبيس الفراش مدة سبع سنوات، إلى أن توفي". وتقول رئيفة: "كنت أعمل في الزراعة، أنكش الأرض وأزرعها، إضافة إلى أمور أخرى يطلبها صاحب الأرض، لتأمين مصاريف علاج زوجي وتربية أولادي. لم يقدّم لي أي إنسان مساعدة مادية. أما الأونروا، فصرت أحصل منها على مبلغ 20 دولاراً كلّ ثلاثة أشهر بعدما تقدمت في السن". وتلفت إلى أنه بعد وفاة زوجها، وبعدما كبر أولادها، "عملوا على بناء البيت الذي أسكنه اليوم، ويتألف من غرفة صغيرة ومطبخ ومرحاض".
ورغم أنها بلغت ثلاثة وثمانين عاماً من عمرها، ما زالت تعمل لتأمين احتياجاتها المعيشية. تقول: "أعمل في البساتين، أتقاضى عن كل يوم عمل عشرة آلاف ليرة لبنانية (نحو ستة دولارات)، يأخذ منها سائق الحافلة ألفي ليرة. المبلغ زهيد وصرت طاعنة في السن. لكنني لا أطلب من أي أحد أن يعطيني المال، حتى لو كان ابني". تضيف أن زوجة أحد أبنائها تقدم لها وجبة غداء يومياً، "وسأستمر في الحياة إلى أن ينتهي العمر".
هذه المرأة التي واجهت صعوبات الحياة وحيدة، لا تجد اليوم، وبعدما تقدّم بها العمر، من يحمل عنها همّ مصروفها اليومي على الأقل. حتّى اللحظة، ما زالت تعمل وتتعب حتى توفر قوت يومها، وهي مضطرة إلى ذلك لأنه ما من معيل لها. حتى أن المؤسسات الاجتماعية التي ترعى مثل أولئك النساء اللواتي يعشن وحدهن رغم أن أولادهن على قيد الحياة، لم تبادر إلى مساعدتها. تقول رئيفة إن أولادها لا يستطيعون إعالتها بسبب أوضاعهم المادية الصعبة، إلا أنهم أمنوا لها الإنارة لغرفتها المتواضعة.
لا تحكي عن كل الألم الذي تحفظه في قلبها، إلا أنّ ما عاشته في حياتها كان قاسياً إلى درجة كبيرة. وحتى حين تجاوزت الثمانين في العمر، ما زالت مجبرة على الكفاح من أجل قوت يومها.
اقــرأ أيضاً
تعيش في بيت متواضع بسبب إمكانياتها الضئيلة. طوال السنوات التي عاشتها، لم تنعم بحياة مترفة. وعادة ما تكون أيامها شاقة. تتحدّر رئيفة من بلدة الناعمة في فلسطين، ولجأت إلى لبنان مع أهلها بعدما هاجم الصهاينة البلدة وأهلها بالقتل. وصلت العائلة إلى بلدة مرجعيون (جنوب لبنان)، سيراً على الأقدام، وسكنت بيتاً لا نوافذ فيه ولا مياه ولا كهرباء. تقول إن الجيران في البلدة عطفوا عليهم، وقدموا لهم الطعام وكل ما يحتاجونه من مستلزمات. رغم ذلك، لم يستطيعوا العيش في مرجعيون لأنهم لم يكونوا يملكون المال لسداد بدل إيجار البيت وتأمين مصاريفهم اليومية. وبعد نحو عام، انتقلت رئيفة وعائلتها إلى حي الرمل في مدينة صور (جنوب لبنان)، القريبة من البحر، وعاشت مع أهلها في الخيام التي قدمتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لهم ولغيرهم من اللاجئين.
عن حياتها، تقول إنها لم تلتحق بأي مدرسة. "في الماضي، لم يكن أهلي يرغبون في تعليم الفتيات. في فلسطين، كان والدي يعمل في الأرض، يزرعها ويهتم بها، وكنا نعيش من خيراتها. وكنتُ أساعد والدي في العمل بالأرض. لذلك ربما، لم أفكر يوماً في الذهاب إلى المدرسة. وحين لجأنا إلى لبنان، كان أشقائي الشباب يعملون وينفقون على الأسرة، لأن والدي لم يستطع العمل بعد خروجه من فلسطين، وكأنه تعرض لصدمة".
تضيف: "كان أشقائي السبعة يعملون في الزراعة والبناء وغيرها. وحين بلغت الخامسة والعشرين من عمري، تزوجت وسكنت في مخيم البرج الشمالي في جنوب لبنان، وعشت في بيت من الزينكو. كان زوجي أيضاً يعمل في البناء، وأنجبت منه أربعة أولاد، بنت وثلاثة صبيان. وفضل أولادي العمل بدلاً من متابعة الدراسة، بسبب أوضاعنا الصعبة. وقبل خمسة وأربعين عاماً، مرض زوجي وظل حبيس الفراش مدة سبع سنوات، إلى أن توفي". وتقول رئيفة: "كنت أعمل في الزراعة، أنكش الأرض وأزرعها، إضافة إلى أمور أخرى يطلبها صاحب الأرض، لتأمين مصاريف علاج زوجي وتربية أولادي. لم يقدّم لي أي إنسان مساعدة مادية. أما الأونروا، فصرت أحصل منها على مبلغ 20 دولاراً كلّ ثلاثة أشهر بعدما تقدمت في السن". وتلفت إلى أنه بعد وفاة زوجها، وبعدما كبر أولادها، "عملوا على بناء البيت الذي أسكنه اليوم، ويتألف من غرفة صغيرة ومطبخ ومرحاض".
ورغم أنها بلغت ثلاثة وثمانين عاماً من عمرها، ما زالت تعمل لتأمين احتياجاتها المعيشية. تقول: "أعمل في البساتين، أتقاضى عن كل يوم عمل عشرة آلاف ليرة لبنانية (نحو ستة دولارات)، يأخذ منها سائق الحافلة ألفي ليرة. المبلغ زهيد وصرت طاعنة في السن. لكنني لا أطلب من أي أحد أن يعطيني المال، حتى لو كان ابني". تضيف أن زوجة أحد أبنائها تقدم لها وجبة غداء يومياً، "وسأستمر في الحياة إلى أن ينتهي العمر".
هذه المرأة التي واجهت صعوبات الحياة وحيدة، لا تجد اليوم، وبعدما تقدّم بها العمر، من يحمل عنها همّ مصروفها اليومي على الأقل. حتّى اللحظة، ما زالت تعمل وتتعب حتى توفر قوت يومها، وهي مضطرة إلى ذلك لأنه ما من معيل لها. حتى أن المؤسسات الاجتماعية التي ترعى مثل أولئك النساء اللواتي يعشن وحدهن رغم أن أولادهن على قيد الحياة، لم تبادر إلى مساعدتها. تقول رئيفة إن أولادها لا يستطيعون إعالتها بسبب أوضاعهم المادية الصعبة، إلا أنهم أمنوا لها الإنارة لغرفتها المتواضعة.
لا تحكي عن كل الألم الذي تحفظه في قلبها، إلا أنّ ما عاشته في حياتها كان قاسياً إلى درجة كبيرة. وحتى حين تجاوزت الثمانين في العمر، ما زالت مجبرة على الكفاح من أجل قوت يومها.