قال رئيس غرفة تجارة عمان، عيسى مراد، في مقابلة مع "العربي الجديد"، إن الإضرابات العمالية الواسعة التي شهدها الأردن، خلال 3 سنوات، كبّدت الاقتصاد خسائر فادحة بلغت 155 مليون دولار، وبأن السوريين حصلوا على نحو 150 ألف فرصة عمل بالبلاد.. إلى نص الحوار:
- إلى أي مــدى أثّرت اضطرابات المنطـقة، خاصة الأزمة السورية، عــلى الاقتصاد الأردني؟
تعد الأردن من أكثر الدول التي تضررت باضطرابات المنطقة، وخاصة الأزمة السورية، التي
انعكست سلباً على أداء الوضع الاقتصادي بمختلف قطاعاته، وعلى سبيل المثال، تراجعت الصادرات الأردنية المارة من خلال الأراضي السورية، إلى كثير من الأسواق، خاصة المتجهة إلى أوروبا ولبنان وتركيا، كما نتج عن الأزمة السورية وما رافقها من نزوح أكثر من 1.4 مليون لاجئ للبلاد ضغوطات كبيرة على البنى التحتية وزيادة الإنفاق الحكومي على دعم السلع والخدمات والقطاعات الأساسية، كالصحة والمياه والتعليم وغيرها.
كما تراجع حجم التجارة الأردنية إلى سورية خلال عام 2013 إلى 136.2 مليون دولار مقابل 198.5 مليون دولار خلال عام 2012، بنسبة تراجع بلغت 32.1%.
وتأثر قطاع النقل الأردني بشكل كبير بالأزمة السورية والإضرابات بالمنطقة، حيث يخسر قطاع النقل الأردني سنوياً ما يعادل 42.3 مليون دولار.
- وما هو حجم تأثر العلاقات الاقتصادية مع العراق في ظل التطورات الأخيرة ومنها ملف داعش؟
زادت الاضطرابات في العراق من معاناة الاقتصاد الأردني، حيث تعثّرت الصادرات إليها، إضافة إلى تعذّر تنفيذ مشاريع استراتيجية بين البلدين، خاصة مشروع أنبوب نقل النفط للأردن ثم دول العالم والمخطط له منذ سنوات لكنه لم ير النور حتى الآن، وارتفعت درجة المخاطر كثيراً على الطريق البري الذي يربط بين الأردن والعراق، وباتت حياة السائقين وممتلكاتهم في خطر، ما أثّر كثيراً على حركة التجارة بين البلدين.
(وتعمل نحو 2500 شاحنة أردنية على الخط البري بين الأردن والعراق)
- خلال السبعة أشهر الماضية تهاوت أسعار النفط عالمياً وفقدت نحو 50% من قيمتها.. ماذا عن تداعيات انخفاض أسعار النفط على الأردن؟
لا شك أن انخفاض أسعار النفط عالمياً سوف يدعم الاقتصاد الوطني ويحقق مكاسب كبيرة للأردن ولا سيما القطاع الخاص، لأن ارتفاع أسعار الطاقة يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه اقتصاد البلاد، وانخفاض أسعار النفط سوف يساهم في التخفيف من حدة الضغوطات التي يعاني منها القطاع الخاص الأردني الذي تضرر كثيراً نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، وسوف يعزز تراجع أسعار النفط عالمياً الطلب في السوق المحلي، وبالتالي سيحفّز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق والطلب على سلع أخرى نتيجة الوفر الناتج من انخفاض الأسعار، إلى جانب تقليص العجز في الميزان التجاري عبر تقليل الفجوة بين الواردات والصادرات.
كما سيؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تراجع مؤشر التضخم وسيحد من ارتفاعات أسعار السلع، وبالتالي التخفيف من حدة الأزمات المعيشية والضغوط التي تتعرض لها قطاعات واسعة من المواطنين.
وبشكل عام، فإن الاقتصاد الوطني سوف يحقق مكاسب كبيرة جراء انخفاض أسعار النفط، رغم تراجع حجم الضرائب التي كانت تحصّلها الحكومة على أسعار المشتقات النفطية.
(وقال رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، أخيراً، إن أسعار النفط عند مستوى 60 دولاراً للبرميل العام الحالي سيؤدي إلى تخفيض العجز المالي لبلاده بمقدار 741.6 مليون دولار، ليتراجع الى 351.1 مليون دولار من 1.09 مليار دولار المقدّر في الموازنة العامة. وقامت الحكومة الأردنية، أكثر من مرة، بتخفيض أسعار المشتقات النفطية، وحررت أسعار المحروقات، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، وربطته بالأسعار العالمية، بحيث يتم تعديل الأسعار محليّاً بداية كل شهر لمواكبة الأسعار العالمية).
- هل قامت غرفة تجارة عمان برصد الآثـار التــي ستــترتــب على البلاد نتيــجة لرفع ضريبة
الدخل على القطاع التجاري؟
من شأن قانون ضريبة الدخل الجديد أن يلقي بآثار سلبية على تنافسية الاقتصاد الوطني وبيئة الأعمال في البلاد ويحمّل القطاع التجاري أعباء مالية كبيرة تؤدي إلى تباطؤ حركة النشاط التجاري.
وقد جاء قانون الضريبة الجديد مخيّباً لآمال القطاع الخاص الأردني، حيث رفع نسبة الضريبة على مختلف القطاعات وبلغت على القطاع التجاري 20% بدلاً من 14% في القانون السابق.
وبالرغم من ذلك، فإن القطاع التجاري ملتزم بالمحافظة على الأسعار وعدم رفعها، والتوجه العام للأسعار العام الحالي يسير باتجاه الانخفاض، وبخاصة مع اعتزام شركات الشحن البحري مراجعة أسعار خدماتها.
- من آن لآخر تحدث إضرابات عمالية بالبلاد. في تقديرك ما هو حــجــم خســائـــر الأردن بســبب الإضــرابـــات العـمالــية المتكررة وخــاصــة في مينــاء العــقبـــة؟
كان للإضرابات العمالية، وخاصة إضرابات ميناء العقبة (جنوب البلاد)، تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني بشكل عام والقطاعات التجارية وحركة انسياب السلع للسوق المحلي بشكل خاص، حيث تكبّد الاقتصاد، وخاصة القطاع التجاري، أعباءً كبيرة وخسائر فادحة، وكان أبرزها عزوف العديد من خطوط الملاحة البحرية عن ميناء العقبة وزيادة كلفة مرور الحاويات باعتبارها منطقه مضطربة نتيجة الاحتجاجات العمالية بالميناء.
وتقدّر خسائر الاقتصاد الوطني جراء الإضرابات العمالية خلال السنوات الثلاث الأخيرة بأكثر من 155 مليون دولار.
- تحدثت عن الأزمة السورية واللاجئين السوريين، هل هناك رصد لعدد العاملين السوريين الذين استقبلهم سوق العمل الأردني خلال السنوات الثلاث الماضية؟
لا توجد إحصائيات رسمية، ولكن هناك تقديرات بأن عدد العاملين السوريين الذين دخلوا سوق العمل بالبلاد خلال السنوات الثلاث الماضية، بلغ نحو 150 ألف عامل، وهو عدد كبير ساهم في زيادة البطالة بالمملكة، خاصة في ظل تخاذل المجتمع والمؤسسات الدولية في القيام بواجبها نحو مساعدة اللاجئين السوريين، وتقديم الدعم المادي الكافي للسلطات الأردنية لتلبية احتياجاتهم وتخفيف العبء عن الأردن.
- وجّه البعض انـتـــقادات لتـــجـار أردنــييــن عــلى أنــشطتــهم الاقتصادية مــع الاحتلال الإســرائــيلي ودخولهم في علاقات تجارية مع تجار إسرائيليين، بمشاركة غرفـــة تجارة عمان، فمـا هــو رأيكم؟ وهل حجم التبادل التجاري بين الأردن والاحتلال زاد في الفترة الأخيرة؟
يرتبط الأردن مع إسرائيل بمعاهدة سلام، كان من نتائجها إنهاء المقاطعة الاقتصادية واستبدالها بعلاقات تجارية بين الطرفين، وقد أعقب توقيع المعاهدة إبرام عشرات الاتفاقيات والبروتوكولات الثنائية، كما أن سياسة الأردن التجارية الخارجية تقوم على الانفتاح الاقتصادي مع دول العالم، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن يكون هناك تبادل تجاري بين الطرفين الأردني والإسرائيلي، ولكن حجمه ما زال محدوداً، في ظل استمرار المقاطعة الشعبية للسلع والبضائع
الإسرائيلية.
-هل اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها الأردن تصب في صالحه رغم أن اقتصاده صغير مقارنة مع البلدان الأخرى؟
يرتبط الأردن بعدد من الاتفاقيات التجارية مع مختلف دول العالم، ومنها اتفاقية التجارة العربية التي لعبت دوراً مهماً في دعم الصادرات الوطنية إلى أسواقها، واستحوذت التجارة الأردنية مع الدول العربية على حوالي 39.5% من مجمل تجارتها الخارجية لعام 2013.
أما اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، فلم يظهر لها أي أثر إيجابي ملموس على الصادرات الأردنية، ويعزى ذلك إلى بعض البنود المعقدة التي تنص عليها الاتفاقية بخصوص قواعد المنشأ، وشروط المواصفات والمقاييس وغيرها، وبالنسبة لاتفاقية التجارة الحرة مع أميركا فيستحوذ تصدير الملابس على نسبة 85% من إجمالي الصادرات.
- نريد إلقاء الضوء على حجم استفادة صادرات بلادكم من اتفاقيات التجارة الحرة؟
ارتفع حجم الصادرات الوطنية بنسبة 8.1% والواردات بنسبة 2.9% خلال العشرة أشهر الأولى من العام الماضي، حيث كان لاتفاقيات التجارة الحرة أثر بارز في زيادتها.