وبحسب بيان صدر عن مكتبه، فإنّ "العاهل السعودي (الملك سلمان) استقبل عبد المهدي، في قصر الديوان الملكي، وسط مراسم استقبال رسمي، عزف فيه السلام الوطني لكلا البلدين"، مبينا أنّ "الجانبين عقدا لقاء حضره الأمراء والوزراء وكبار الشخصيات في الديوان الملكي ورجال الأعمال".
وأكد عبد المهدي أنّ زيارته للمملكة "تجسد توجه الحكومة العراقية ورغبتها بتطوير العلاقات مع الرياض في جميع المجالات، وأنّ تبادل الزيارات بهذا المستوى الكبير يفتح آفاقا واسعة ويحقق تطلعات الشعبين والأمن والاستقرار لعموم شعوب المنطقة".
ونقل البيان عن العاهل السعودي تمنياته للعراق وشعبه بـ"الاستقرار والازدهار والتقدم"، معربا عن "ارتياحه للتطور والاستقرار الذي يشهده العراق، وأن تؤدي الزيارة إلى تحقيق ما يصبو إليه البلدان من زيادة التعاون ورفع مستوى العلاقات بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين العراقي والسعودي"، وفقا للبيان.
وفي بيان لاحق، أعلن مكتب رئيس الوزراء توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الوزراء العراقيين ونظرائهم في الجانب السعودي، دون أن يذكر البيان طبيعة تلك الاتفاقيات، إلا أنه وبحسب مسؤول عراقي ضمن الوفد العراقي المرافق لعبد المهدي تحدث عبر الهاتف من الرياض لـ"العربي الجديد"، فإن الاتفاقيات تتعلق بالتبادل التجاري والتنسيق الأمني والحدود المشتركة وتأشيرات الدخول بين البلدين وتسهيل الاستثمار بين الجانبين.
وأكد المصدر أن وزراء عراقيين سيعقدون اجتماعات، يوم غد، مع نظرائهم السعوديين لبحث ملف الفرص الاستثمارية في العراق والتي أعرب مسؤولون سعوديون في وقت سابق عن رغبتهم في الدخول فيها.
وكشف أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، سيكون من ضمن الذين سيلتقي بهم رئيس الوزراء العراقي، مؤكدا أنه من المرجح الإعلان عن موعد افتتاح المعبر الحدودي بين البلدين خلال هذه الزيارة بعد إغلاقه منذ نحو 30 عاما.
وكان عبد المهدي قد أكد، أمس الثلاثاء، في تصريحات، أنّه "سيبحث خلال الزيارة عدة مشاريع ومذكرات تفاهم مع المملكة، وأنّ الوفد العراقي سيضم عدداً كبيراً من رجال الأعمال"، مبيّناً أن "هناك اندفاعا كبيرا من قبل الجانبين للوصول إلى اتفاقات اقتصادية واستثمارية مهمة".
وأضاف أنّ "زيارتنا إلى المملكة ستكون كالزيارات السابقة إلى مصر والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي زيارات مهمة لبيان طريقة عمل العراق مع محيطه وجواره والعالم العربي والإسلامي"، مؤكداً أنّ "العراق يريد أن يكون نقطة لقاء كبيرة".
وقال مسؤول عراقي في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عبد المهدي والوفد المرافق له سيوقّعان مذكرات تفاهم اقتصادية وعسكرية، تم الاتفاق على أغلبها مسبقاً خلال زيارة وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي إلى العراق، مطلع الشهر الجاري، والتي تخص جوانب الزراعة والصناعة والتجارة والطاقة"، مضيفاً أنّ "الزيارة مهمة جداً في تعزيز العلاقات الثنائية، وأنّ العراق يعوّل عليها كثيراً، لا سيما في مجال الاستثمار".
ويتوقع أيضاً أن يعلن المسؤولون السعوديون عن حزمة مساعدات ومنح مالية للعراق، تتعلق بالمدن المحررة أخيراً من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأشار المسؤول العراقي إلى أنّ "بغداد تسعى من خلال الزيارة وما سيتبعها من زيارات، لتوسيع فرص الاستثمار بالبلاد، والانفتاح على الشركات العربية والدولية".
في المقابل، قال عضو التيار المدني العراقي ضياء المرسومي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "زيارة رئيس الوزراء للسعودية، اليوم، سياسية أكثر من كونها تجارية أو اقتصادية، فالسوق العراقية لا تنتظر السعوديين ولا يمكن للسعوديين أن يستفيدوا منها بشيء".
وأضاف أنّ "الاتفاقيات التي ستوقع اليوم، وإن كان مضمونها اقتصادياً أو استثمارياً، تأتي ضمن مساعي العراق لإثبات عدم الانحياز إلى أي من المحورين السياسيين في المنطقة، لا سيما أنّ بغداد وقعت اتفاقيات مماثلة مع إيران، دخلت حيز التنفيذ في وقت سابق".
ولفت المرسومي إلى أنّ "اعتبار الزيارة ذات أبعاد اقتصادية، غير صحيح على الإطلاق، ويمكن اعتبارها زيارة مجاملة أو على الأقل لجلب منفعة للعراق، في حال حصل على منح أو مساعدات مالية للمدن المحررة من داعش، أما الحديث عن تبادل المصالح فهو غير واقعي، لأنّ العراق لا يملك ما يصدّره أو يستثمره مع السعودية"، وفقاً لقوله.
وعرض العراق على المملكة 186 فرصة استثمارية، منها إنشاء منطقة حرة بين البلدين، بينما يسعى لتوقيع مذكرة تفاهم لتزويده بالطاقة الكهربائية.
وكان مجلس الوزراء العراقي قد خوّل عبد المهدي ووزيري المالية فؤاد حسين والنقل عبد الله العيبي، توقيع وتعديل مذكرات التفاهم مع السعودية.
ويأتي التقارب العراقي - السعودي في الفرص الاستثمارية، ورغبة المملكة بزيادة حجم استثماراتها في العراق، عقب توقيع بغداد وطهران أكثر من 130 مذكرة واتفاقية اقتصادية وتجارية.
وتعد الزيارة التي يقوم بها عبد المهدي الأوسع من نوعها لرئيس وزراء عراقي إلى المملكة منذ العام 2003، حيث يضم الوفد الاقتصادي الذي يرافقه نحو 70 رجل أعمال، فضلاً عن مسؤولين حكوميين.