حذر رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار من أنّ مسار "بريكست" لا يزال طويلاً، وأنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، المقرر نهاية الأسبوع الحالي، "ليس إلا منتصف الطريق".
وأشار فارادكار، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، اليوم الإثنين، إلى أن البنوك البريطانية ستفشل في الوصول إلى أسواق الخدمات المالية الأوروبية في حال رفضت بريطانيا منح سفن الصيد الأوروبية حق الصيد البحري في مياهها، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي يمتلك اليد العليا في المفاوضات التجارية المقبلة.
وقال فارادكار إنّ "حقيقة الوضع تشير إلى أنّ الاتحاد الأوروبي اتحاد من 27 دولة، والمملكة المتحدة دولة وحيدة. ولدينا تعداد سكان وسوق يشمل 450 مليون شخص، بينما بريطانيا تشمل نحو 60 مليوناً. وإذا كان لهذين الفريقين المواجهة في لعبة كرة قدم، من تظن سيمتلك الفريق الأفضل ما دمنا متحدين؟".
وعلّق على مرحلة المفاوضات التجارية التي ستتبع "بريكست" بالقول: "أعتقد أنها ستكون شاملة. يمكن التوصل إلى اتفاق هيكلي مبسط، ولكن مهما كانت الشراكة الاقتصادية النهائية فإنها يجب أن تكون تفصيلية".
Twitter Post
|
وتابع: "ما يجري في هذه المحادثات عملية تبادل تجاري. فمثلاً، تمتلك بريطانيا موقفاً قوياً جداً في ما يتعلق بحقوق الصيد البحري. تمتلك بريطانيا مياهاً واسعة، وتقوم العديد من سفن الصيد البحري الأجنبية بالصيد فيها، ولكن يجب أن نتذكر أنّ 70% من الأسماك التي تبيعونها تذهب إلى أوروبا".
وتابع بالقول "واحدة من أهم ما في الاقتصاد البريطاني، وهي الخدمات المالية، ضرورية جداً للاقتصاد البريطاني، وأيضاً صناعة الترفيه. وإذا تم قطع الخدمات المالية وصناعة الترفيه عن السوق المشتركة الأوروبية، فإنّ ذلك سيكون ضربة شديدة للاقتصاد البريطاني، وجنوب شرقي البلاد، بما فيها لندن".
كما اتهم فارادكار في المقابلة مع "بي بي سي"، بريطانيا بعدم فهم أيرلندا جيداً، بالقول "أعتقد أنّ الكثير من البريطانيين لا يفهمون أيرلندا، بمن فيهم السياسيون. وهو ما اتضح جلياً خلال مفاوضات بريكست".
وتابع بالقول "لقد تجاهلت بريطانيا حقيقة أنّ حلفاءنا الأوروبيين سيقفون إلى جانبنا... أعتقد أنّ هناك أشخاصاً في بريطانيا ممن اعتقدوا أنّ فرنسا وألمانيا وبريطانيا ستقف معاً في قمة كبرى ولتقول للدول الأصغر ما يتوجب عليها فعله. لا تسير الأمور على هذا النحو في القرن الحادي والعشرين. وبالتأكيد لا تسير الأمور على هذا النحو في الاتحاد الأوروبي".
وعكس فارادكار جواً متفائلاً بإمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري مع بريطانيا، مع نهاية العام الجاري، ولكن من دون تأكيد الأمر، مشيراً إلى أنّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون طمأنه شخصياً بأنّ بريطانيا لن تعمل على تقويض السوق الأوروبية المشتركة.
وقال: "أعتقد أنّ الصعوبة تكمن في الالتزام بقواعد اللعب النظيف. لأنه لدينا هاجس عبر الاتحاد الأوروبي، وخاصة الاعتقاد أنّ الدافع البريطاني وراء بريكست يكمن في رغبتها في تقويض المعايير الأوروبية البيئية وقواعد العمل، معايير المنتجات والأغذية وغيرها".
وأضاف: "عندما ألتقي برئيس الوزراء جونسون، فإنه يقول بالقطع لا، ليست تلك بريطانيا التي أريد كرئيس للوزراء. ولكننا نريد ذلك مكتوباً قانوناً، ونريد اتفاقية كي نكون على يقين من أن بريطانيا لن تقوض معايير الاتحاد الأوروبي".
وشدد على ضرورة وجود نقاط تفتيش جمركية على البضائع القادمة من بريطانيا إلى أيرلندا الشمالية بعد "بريكست"، وهو ما كان جونسون قد قلل من أهميته مراراً.
وقال فارادكار "إنّ البضائع القادمة إلى أيرلندا الشمالية، والتي قد تعبر الحدود إلى الاتحاد الأوروبي... أيرلندا... والسوق المشتركة، يجب أن تمر بالتفتيش الجمركي في الموانئ والمطارات في أيرلندا الشمالية. ولكن بالتأكيد رغبتنا أن تكون بأقل حد ممكن".
وتخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسمياً نهاية الأسبوع الجاري، إلا أنها تظل في مرحلة انتقالية تستمر فيها الأمور على حالها حتى نهاية العام الحالي، عندما ينتظر توقيع لندن وبروكسل على اتفاق تجاري يحدد طبيعة العلاقة بين الجانبين ما بعد عام 2020.