رئيس البورصة التونسية: الاقتصاد يعاني من التهرب الضريبي

25 مايو 2015
التهرب الضريبي إحدى معضلات الاقتصاد التونسي (العربي الجديد)
+ الخط -
أكد رئيس مجلس إدارة البورصة التونسية خالد الزريبي أن البورصة تحتاج لإصلاحات عميقة لتطوّر من عملها وأثرها في الاقتصاد التونسي، وقال في مقابلة مع "العربي الجديد" أنه لا بد من الإصلاح الضريبي والمصادقة على قانون الشراكة لدعم النمو.

وهذا نص المقابلة:

*كيف تقيّمون الوضع الحالي لبورصة تونس، في ظل كل ما تمر به البلاد؟ وما هي برأيكم أبرز العوائق لتطور أداء البورصة؟
لا يمكن القول إن وضع البورصة التونسية سيئ. فالبورصة كغيرها من المؤسسات المالية في تونس تأثرت بالمناخ الاقتصادي المضطرب والتحولات السياسية خلال السنوات الخمس الأخيرة، لكننا واصلنا العمل بجد، وخلال هذه الفترة الصعبة، تمكنا من إدراج 18 مؤسسة جديدة في البورصة، ويعد هذا الرقم جيداً مقارنة مع الأوضاع السائدة في البلاد. لا شك أن حجم التداول لا يزال ضعيفاً بسبب ضعف رأس مال البورصة.

بصفة عامة، فقد تطورت بورصة تونس، لكن الأوضاع الأمنية خلال السنوات الماضية، أعاقت من دورها وتطورها، ومن المعلوم أن هذا المناخ المضطرب، لا يشجع المستثمرين، فهم يطلبون أماناً واستقراراً في مؤسسات الدولة. فمنذ عام 2011 وصولاً إلى عام 2014، ونحن نعيش في وضع انتقالي سياسياً والاهتمام بالجانب الاقتصادي كان ضعيفاً.


*ما هي أهدافكم خلال الفترة المقبلة، وكيف ستتمكنون من تطوير عمل البورصة؟
يقدر عدد الشركات المدرجة في بورصة تونس بنحو 77 شركة، ونحن نسعى إلى تخطي حاجز الـ 100 مؤسسة، وحتى نتمكن من زيادة عدد الشركات أكثر من ذلك. بحسب الأرقام، فإن نسبة مساهمة البورصة في الاستثمار داخل تونس لا تزال ضعيفة، بحيث لا تتجاوز 8%، ولذا نحن نسعى لبلوغ 20%، لتتمكن البورصة بذلك من لعب دورها المهم في النهوض بالاقتصاد الوطني.

نطمح أيضاً مع الفاعلين الماليين في تونس إلى تكوين قطب مالي على غرار القطب المالي للدار البيضاء مثلاً، بحيث يكون هذا القطب أشبه بمؤسسة تجمع كل الفاعلين المتدخلين في الشأن المالي في تونس للعمل معاً وفق استراتيجية واحدة، بقصد تطوير تونس كوجهة مالية، والعمل على استقطاب استثمارات أكثر.

*أي استراتيجية تعتمد بورصة تونس لتحقيق هذه الأهداف؟
نعمل في بورصة تونس على أوجه ومستويات مختلفة. أعددنا برنامج ضخماً للاتصال مع كل إطارات وفعاليات البورصة، وهو موجه للأفراد والمؤسسات ويشمل المدارس أيضاً بقصد ترسيخ "عقلية البورصة" وأسواق المال، وإلقاء الضوء عليها من أجل التعريف بها على أوسع نطاق، ويعد هذا البرنامج من أنجح البرامج الممولة من "مؤسسة التمويل الدولية".

إلى ذلك، قمنا أيضاً بتطوير إمكانات فريق عمل بورصة تونس من مجلس إدارة، وإدارة عامة ومختلف الوحدات الهيكلية لتكون عملية التسيير أكثر نجاحاً. بذلك تمكنا من عقد اتفاقيات عديدة مع بورصات أفريقية وفرنكوفونية، كذلك طورنا إمكاناتنا التكنولوجية من خلال عقود تربطنا ببورصات أوروبية.

كذلك نهتم أيضاً بتطوير ومساعدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس؛ لذلك نعمل منذ فترة مع المجمع الدولي لمؤسسات السوق المالية "أوروناكست" للاستفادة من إمكاناتهم في مجال تمويل المؤسسات المتوسطة والصغيرة من قبل البورصة، وذلك ضمن اتفاق سيتم إبرامه قريباً.


*ما هو حجم الاستثمار الأجنبي في بورصة تونس؟
لا يزال الاستثمار الأجنبي في البورصة التونسية ضعيفاً وهو يمثل تقريباً 25% من رأس مال البورصة، منه 20% فقط كاستثمار استراتيجي، وأعتقد أن هذه الاستثمارات الأجنبية ضرورية ولا بد من العمل على تطويرها.

*برأيكم ما الذي يعيق زيادة دخول مستثمرين جدد إلى البورصة التونسية؟
يطلب المستثمرون الأجانب الكثير من التسهيلات غير الموجودة الآن، وأبرزها العنصر الأمني، كما أن هناك إشكالاً في إيصال المعلومة أحياناً للمستثمر الأجنبي، بالرغم من تطور العمل في بورصة تونس خلال السنوات الخمس الأخيرة.

أما بالنسبة إلى الإشكاليات الأخرى فمنها ما يتعلق بغياب البورصة عن التصنيف الدولي، كما أن رأس مال بورصتنا صغير على عكس بورصة المغرب أو مصر مثلاً، إذ تقوم المؤسسات الدولية بتصنيف الأسواق المالية إلى متطورة وناشئة ونامية، لكن بورصة تونس لم تدرج ضمن هذه التصنيفات، ومن أسباب ذلك ضعف رأس مالها؛ لأن أبرز قطاعات الاقتصاد غائبة عن البورصة التونسية.

*ما هي القطاعات الاقتصادية البارزة في البورصة التونسية وما هي القطاعات الغائبة؟
من أبرز القطاعات غير الموجودة في بورصة تونس قطاع الاتصالات، والسياحة والزراعة، وهي قطاعات كبرى في الاقتصاد التونسي، وهذا ما يفسر ضعف حجم البورصة. في المقابل فإن 60% من رأس مال بورصة تونس مصدره المصارف وشركات التأمين والتأجير. في الحقيقة لا يمكن لأي بورصة أن تنطلق فقط بهذه القطاعات، لذا فإن ما نرجوه أن تتطور وأن تنخرط قطاعات أخرى، خاصة قطاع الاتصالات.

*كيف تشجعون المؤسسات التونسية للانضمام إلى البورصة؟
يقتضي وضعنا الحالي القيام بإصلاحات في أقرب وقت، خاصة الإصلاح الضريبي والمصادقة على مشروع قانون الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام والنظر في أقرب وقت في مجلة الاستثمار لرفع حواجز الاستثمار المكرسة في النسخة المعتمدة الآن.


وأؤكد أن هذه الإصلاحات ستشجع المؤسسات بصفة مباشرة أو غير مباشرة على الانضمام للبورصة. هناك من يروج أفكاراً خاطئة حول قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص ويعتبره بعضهم خطوة نحو خصخصة المؤسسات العامة، لكن في الحقيقة فإن الشراكة تساهم في تجميع طاقات القطاعين لخلق الثروة.

*في تونس هناك شكاوى من التهرب الضريبي لبعض رجال الأعمال، هل ثقافة الشفافية التي تفرضها البورصة متوفرة اليوم في سوق المؤسسات التونسية؟
التهرب الضريبي إحدى معضلات الاقتصاد التونسي، وعادة يتهرب رجل الأعمال من الضرائب لإشكاليات مادية. في المقابل تعد البورصة مصدر تمويل، ودخول عالم البورصة سيوفر أموالاً قد تجنب رجل الأعمال التهرب الضريبي الذي يعتبر مخالفة قانونية خطيرة يعاقب عليه في دولة تحترم مؤسساتها.

*اجتمع مسؤولو 18 بورصة عربية في البحرين نهاية شهر أبريل/ نيسان الماضي، ما هي استفادة بورصة تونس من هذا الاجتماع؟
حضرت بورصة تونس هذا الاجتماع، واتحاد البورصات العربية يعتبر فرصة لتبادل الخبرات والتجارب. في هذا الاجتماع اقترحت بورصة تونس فكرة استطلاع آراء المواطنين في مختلف الدول العربية، وشرحت كيف تساهم استطلاعات الرأي في تطوير الاقتصاد، وتحمّس الجميع للفكرة، ونتوقع أن تكون نتائج استطلاع الآراء ذات فائدة واسعة.

كما قمنا أيضاً خلال هذا اللقاء بتكوين غرفة الوسطاء وذلك لتبادل الخبرات، كما حققنا شراكة مع بورصة المغرب للتعريف ببلدنا لدى دول الخليج، وهذه تجربة من شأنها أن تقربنا من بورصة الدار البيضاء.

إقرأ أيضا: المناطق الحرة العربية: استثمار لا يهدأ (ملف) 
المساهمون