شدد رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، على ضرورة وجود ظهير سياسي للدولة (النظام) خلال الفترة المقبلة، من خلال إنشاء حزبين "كبيرين" واحد للأغلبية والآخر للمعارضة، معتبراً أن "هذا هو الحل الوحيد ليكون البرلمان القائم حيوياً ومنجزاً"، وذلك بدعوى تسهيل مناقشات مشروعات القوانين، بوجود ممثل للأغلبية، ومقابل للمعارضة، ومن ثم الذهاب للتصويت مباشرة.
وأضاف عبد العال، في جلسة البرلمان، اليوم الإثنين، أن يكون هناك ظهير سياسي للدولة المصرية هو "طلب مشروع"، فوجود ممثلين اثنين للأغلبية والمعارضة هو أمر معمول به في كل المجالس النيابية بدول العالم، وكثرة المتحدثين في مشروعات القوانين تشكل عبئاً على المجلس، وتعطل صدور التشريعات، لأنه كلما توسعت المناقشات كلما ابتعد النواب عن جوهر الموضوع، على حد زعمه.
وتابع عبد العال: أن "عدم وجود حزب سياسي له الأغلبية تحت قبة البرلمان يتسبب في مشكلات كثيرة، وعلى هذا الأساس فإن السؤال يُثار من جديد.. وهو أمر يدعو للتفكير بعمق في أهمية وجود ظهير سياسي بواسطة حزبين، أحدهما يعبر عن الأغلبية، والآخر يلعب دور المعارضة"، في إشارة إلى المحاولات التي تجرى حالياً من قبل السلطة الحاكمة لتشكيل حزب للأغلبية وآخر المعارضة، من داخل النظام ذاته.
ويستحوذ ائتلاف "دعم مصر"، المشكل بمعرفة الأجهزة الاستخباراتية، على الأغلبية داخل مجلس النواب، بما يقترب من ثلثي أعضائه، غير أن الانتخابات الرئاسية المنقضية فضحت نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام دول العالم، في ضوء تغييب منافسيه، وترشح مؤيد له في مواجهته، وهو ما دفع إلى التفكير بعودة حزب حاكم على غرار الحزب الوطني "المنحل"، وإنشاء حزب "شكلي" للمعارضة، كلاهما من داخل أحزاب الموالاة، بعد إحداث عملية للدمج في ما بينها.
وكان مصدر سياسي في حزب موالٍ للسيسي، قد قال لـ"العربي الجديد"، إن قيادات أحزاب "مستقبل وطن"، و"حماة الوطن"، و"المؤتمر"، و"مصر بلدي"، و"الشعب الجمهوري"، اجتمعت مرات عدة، مع عدد من ضباط المخابرات العامة والحربية لتنسيق الخطوات التنفيذية لإتمام عملية الدمج، وتم التباحث حول عدد الأعضاء الحاليين في كل حزب، والعدد المستهدف إضافته، بالإضافة إلى المقار الحزبية المستغلة والأماكن الأخرى المملوكة لقيادات الأحزاب في المحافظات الرئيسية، لبحث إمكانية استغلالها كمقار للحزب الكبير.
وأضاف المصدر أن هناك منافسة طبيعية بين قيادات تلك الأحزاب على المناصب القيادية المنتظرة في الحزب الكبير، وهي منافسة تدور بالأساس بين القادة الذين كانوا يعملون في السابق ضباطاً في الجيش أو الشرطة، بينما يتوارى بصورة ملحوظة رجال الأعمال، خصوصاً الذين كانوا ينتمون لـ"الحزب الوطني" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، فالمرجح أن يبتعدوا عن صورة الصف الأول، مع إبقائهم مصدراً أساسياً للدعم المالي والحشد الجماهيري.
وارتباطاً بذلك، برزت مقترحات عدة من الأحزاب الصغيرة بدمج كل مجموعة حزبية تنتمي لتوجّه فكري أو طبيعة سياسية واحدة، ليتم جمع الأحزاب القومية المهتمة بالبُعد العربي معاً، والأحزاب الليبرالية معاً، والأحزاب الخاصة بقيادات الجيش السابقين معاً، والأحزاب التي تنتمي قياداتها للقبائل في حزب واحد.
وكشف المصدر أيضاً أن المستشار القانوني للسيسي، محمد بهاء أبو شقة، كوّن مجموعة قانونية صغيرة لإعادة النظر في قانون الأحزاب السياسية وقرارات لجنة الأحزاب الصادرة على ضوئه، في السنوات الست الأخيرة، إذ ترى السلطة الحاكمة أن التعديلات التي أُدخلت على القانون بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 هي من أسباب انفلات المشهد الحزبي وضعف سيطرة الدولة على الأحزاب، وإتاحة الفرصة لظهور أحزاب إسلامية أو يسارية متطرفة تمثل خطراً على أجهزة الدولة، حسب زعمها. هذا الأمر يدفع السلطة حالياً إلى وضع مشروع لتعديل القانون، بما يصعّب شروط إشهار الأحزاب السياسية، ويعيد رقابة الدولة على الأحزاب، مشدداً شروط استمرارها مشهرة للحصول على دعم مالي من الدولة.
يُذكر أن الأحزاب الأخرى التي ستؤدي دور المعارضة في خطة السيسي الجديدة هي "الوفد"، و"المصريين الأحرار"، و"الغد" الذي يرأسه المرشح الرئاسي الصوري الخاسر موسى مصطفى موسى، والذي تُعبّر تصريحاته الأخيرة عن سعيه لمكاسب حزبية بعد الدور الذي لعبه في الانتخابات، إضافة إلى "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي" الذي يضم عدداً من أعضاء لجنة الخمسين، ويمثله أعضاء في المجلس القومي لحقوق الإنسان، و"التجمع اليساري" الذي فقد شعبيته وحركيته على الأرض ويقتصر نشاطه حالياً على إصدار صحيفة "الأهالي" الأسبوعية، و"العربي الناصري" الذي ما زالت له بعض الكوادر القديمة في المحافظات، وحزب "المحافظين" الذي يملكه النائب ورجل الأعمال أكمل قرطام.