ذهب الملكة الآشورية شبعاد

28 ابريل 2015
بول بريمر ناظرًا إلى تاج الملكة الآشورية شبعاد
+ الخط -
في إبريل/ نيسان عام 1989 من القرن الماضي، اكتشفت بعثة آثارية عراقية واحدة من أروع مقابر الآشوريين في مدينة نمرود. مكان الحياة قرب مكان الموت، كذا كانت المقبرة الملكية موجودة في شمال غرب قصر مدينة كلخو (أو نمرود الحديثة)، التي كانت عاصمة الآشوريين الرسمية قبل أن ينقلها الملك سركون إلى دور شروكين، أي خورس آباد الحديثة.
 
قيل وقتها إن الكنوز التي وُجدت (1000 قطعة من الذهب؛ تيجان وقلائد وورود ذهبية وأساور)، تضاهي بجمالها ودقّة صناعتها قناع توت عنخ آمون الفرعوني. 

ذهب نمرود حوى ما حوى من المبهر، ولعلّ مجوهرات الملكات الآشوريّات كانت من ذاك النوع الذي يفوق الوصف. وكيف لا؟ ومن بين ذهب نمرود تاج الملكة الآشورية شبعاد، تاج رقيق رهيف من الذهب العتيق. 

أُخذت الكنوز والتحف الآشورية إلى المتحف الوطني في بغداد، وعرضت لمرتين لكن بصورة سريعة في عام 1989. وبعد سنة، نُقل الذهب الآشوري بأمر من صدّام حسين إلى مخزن في قبو المصرف المركزي. 

كان ابنا صدّام، عدي وقصي، عارفان أين يوجد الذهب الآشوري، وقيل إنهما فرّغا المصرف المركزي من محتوياته كلّها ومن الذهب الآشوري، قبل سقوط نظام أبيهما بفترة وجيزة. 
سيذهب الذهب الآشوري إلى مصير رتّبه المحتل الأميركي عام 2003 عن سابق ترصّد وتصوّر وتصميم، إذ لا مكان للارتجال في ذهن الأميركيين. 

وقبل ذهابه إلى ذاك المصير، عرف الذهب الآشوري قصّة تفوق التصوّر؛ أعارت مديرية الآثار العراقية "مؤقتًا" بعضًا من ذهب الملكة الآشورية شبعاد، التي عُرفت بشغفها بالجمال والعمل الفني الدقيق وبتلك القيثارة الباهرة، إلى "مجلس الثورة" من أجل الاطلاع. يريد مجلس الثورة أن ينظر في ذهب شبعاد، لكن بطريقة ما، عرف الذهب الآشوري طريقه إلى ساجدة صدّام حسين، التي تزيّنت به أمام العراقيين ذات مساء بغدادي احتفالًا ربّما بـ"أم المعارك". 

أعيد الذهب الآشوري إلى أحد أقبية المصرف المركزي إذن. ولئن قيل إن عدي وقصّي صدّام حسين أخذاه كلّه برفقة المال العراقي، إلا أن مصيره الأميركي، تخبّره قصّة ثانية تقول إن القوات الأميركية المحتلّة لم تفوّت الفرصة، وذهبت إلى القبو الذي يحوي الذهب الآشوري، واستولت على ستمئة وخمسين قطعة ذهبية. ولأن الأميركي يميل إلى الوقاحة في استعراض قوّته، عرضت القوات الأميركية نفائس الآشوريين الذهبية في المتحف العراقي أواخر عام 2003، بحضور حاكم العراق وقتها الأميركي بول بريمر.

بعد ذاك، راحت كنوز نمرود تختفي شيئًا فشيئًا من العراق، وما بقي منها في مقابر الآشوريين الملكية، تكفّلت به داعش، وفقًا لليونيسكو، فإن الآثار هي المورد المالي الثاني لداعش بعد النفط.

 
المساهمون