تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الحادي عشر من آب/ أغسطس، ذكرى ميلاد الفنانة المصرية نجاة الصغيرة (1938).
تناقلت وسائل إعلام الشهر الماضي صورة نجاة الصغيرة، التي تحلّ اليوم الثلاثاء ذكرى ميلادها، تجلس وحيدة بجانب بنايتها السكنية التي تعرضت للتصدع بحيّ الزمالك في القاهرة وقررت السلطات إخلاء سكانها لحين ترميم الجزء المتصدع، واحتشدت حينها وسائط التواصل الاجتماعي بتعليقات تشير إلى ما آلت إليه أحوال المطربة التي أدّت قصائد وأغاني لا تنسى.
رغم أن المطربة المصرية (1938) أوضحت لعدد من الأصدقاء أنها انتقلت للعيش مع ابنها، حتى انتهاء فحص منزلها من قبل اللجان المختصة، وأنها مكتفية مادياً بعد ثمانية عشر عاماً من اعتزالها الفن، إلا أن البعض اعتبر ذلك نوعاً من التغطية على أوضاعها المادية وإبقاءً لمكانتها لدى الجمهور.
أعلن الموسيقي يحيى الموجي عن تقديمها لأغنية ستكون الثانية لها خلال عقدين
قدّمت نجاة المولودة لأب سوري هو الخطاط محمد حسني البابا - والذي هاجر إلى مصر في شبابه وتزوج هناك - أغنية قبل ثلاث سنوات بعنوان "كل الكلام" من كلمات الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودى وألحان طلال، لكنها رفضت تصويرها حيث تمَ عرض الأغنية بصور قديمة، حتى لا يرى الناس آثار تقدّمها في العمر.
وكان الموسيقي يحيى الموجي قد أعلن عن تقديمها لأغنية ستكون الثانية لها خلال نحو عقدين، لكن دون أن يفصح عن أية تفاصيل أخرى، وأتى حديثه في سياق التأكيد على سلامتها واحتفاظها بصوتها الجميل بعد نشر صورتها الأخيرة أما بيتها الآيل للسقوط.
الفنانة التي لم تلتحق بالمدرسة وتعلّمت القراءة والكتابة في البيت، بدأت في الخامسة من عمرها تحفظ أغاني أم كلثوم وتقلدها، وظلّت تؤدي أغانيها في حفلاتها الأولى وهي طفلة، وأسند إليها المخرج محمود ذو الفقار دوراً صغيراً في فيلم "هدية" سنة 1947، وقدّم الملحن محمد عبد الوهاب شكوى رسمية في قسم الشرطة بعد نحو عامين، مدعياً أن والدها يحرمها من تطوير موهبتها وتنمية صوتها بسبب تقديمها كل هذه الحفلات من دون تدريب.
مع تقديمها أغنية "أوصفولي الحب" من كلمات الشاعر مأمون الشناوي وألحان الموسيقي محمود الشريف عام 1954، سطع اسم نجاة الصغيرة التي أدت خلال الخمسينيات العديد من الأغاني لأبرز الملحنين المصريين، منها "الجنة هي بلانا" (1956) من تأليف صلاح جاهين وتلحين كمال الطويل، و"الليلة دي" (1958) من تأليف مرسي جميل عزيز وتلحين محمد الموجي، و"أنا الوحدة" (1959) من تأليف صالح جودت وتلحين رياض السنباطي.
لكن أهمّ ألحانها في تلك الفترة ستكون من تأليف محمد الوهاب مثل "كل ده كان ليه" (1954)، و"دلوقتي أو بعدين" (1954)، و"أما غريبة" (1957)، و"آه بحبه" (1958)، ليتواصل تعاونهما حتى رحيله، حيث لحّن لها أغنياتها "القريب منك بعيد"، و"لا تكذبي"، و"ماذا أقول له"، و"الوطن الأكبر"، و"إلا أنت"، و"إلى حبيبي"، و"أسالك الرحيلا"، و"أيظن"، و"آه لو تعرف"، و"ساكن قصادي"، وغيرها.
كما قدّمت نجاة الصغيرة بعض الأدوار في عدد من الأفلام السينمائية منها "بنت البلد" (1955) لحسن الصيفي، و"الشموع السوداء" (1962) لعز الدين ذو الفقار، و"القاهرة في الليل" (1963) لمحمد سالم وعبد العزيز جاد، و"شاطئ المرح" (1967) لحسام الدين مصطفى، و"سبعة أيام في الجنة" (1969) لفطين عبد الوهاب.